2012 113

اللي بيته من قزاز ما يحدفش الناس بالطوب

Bookmark and Share

مثل شعبي شهير بالعامية المصرية، يُقال لشخص ينتقد آخر في عيب أو خطإ معروف عنه هو نفسه؛ كأن يقوم واحد معروف عنه الكذب بانتقاد كذب واحد آخر.  فمن كان بيته من زجاج عليه أن يخشى أن ترتد الحجارة التي يقذفها إلى بيته فتحطِّمه.

والكتاب المقدس يحذِّرنا كثيرًا من هذا السلوك؛ أن ندين الآخرين في ما نخطئ نحن فيه.  فعندما جاء الكتبة والفريسيون بالمرأة التي أُمسِكت في زنا، وكل
منهم وكأنه يَسِن أسنانه لافتراسها بسبب خطئها، كان قول الرب الواضح والصادم لهم: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ!» (يوحنا8: 7).  وقد انسحبوا جميعًا من أمام ذلك الذي يكشف القلوب؛ إذ لم يكن منهم مَن ينطبق عليه هذا الشرط.  فما أكثر خطايا كل منا، نخفيها عن الناس، لكن المستحيل أن تخفى عن عين الله.

وفي موعظة المسيح على الجبل، يرنّ صدى تعليمه العظيم ليجتاز كل الأجيال إلى مسامعنا: «لاَ تَدِينُوا لِكَيْ لاَ تُدَانُوا، لأَنَّكُمْ بِالدَّيْنُونَةِ الَّتِي بِهَا تَدِينُونَ تُدَانُونَ، وَبِالْكَيْلِ الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ.  وَلِمَاذَا تَنْظُرُ الْقَذَى (إفرازات لزجة من العين) الَّذِي فِي عَيْنِ أَخِيكَ، وَأَمَّا الْخَشَبَةُ الَّتِي فِي عَيْنِكَ فَلاَ تَفْطَنُ لَهَا؟  أَمْ كَيْفَ تَقُولُ لأَخِيكَ: دَعْني أُخْرِجِ الْقَذَى مِنْ عَيْنِكَ، وَهَا الْخَشَبَةُ فِي عَيْنِكَ؟  يَا مُرَائِي، أَخْرِجْ أَوَّلاً الْخَشَبَةَ مِنْ عَيْنِكَ، وَحِينَئِذٍ تُبْصِرُ جَيِّدًا أَنْ تُخْرِجَ الْقَذَى مِنْ عَيْنِ أَخِيكَ!» (متى7: 1-5).  والكلام لا يحتاج إلى تعليق

ونحن عُرضة أن نحاول نسيان أخطائنا بأن نبحث عن أخطاء الآخرين، وهو ما يُسمَّى في علم النفس بـ“الإسقاط”، وهو حيلة دفاعية للهروب من مواجهة الأخطاء.

تعلَّمت أن أول ما يريدني الله أن أعمله إذا ما اكتشفت خطأً في آخرٍ، هو أن أفحص نفسي أولاً؛ لئلا أكون مثله أو أسوأ، والله يستخدم ذلك كجرس إنذار لي.  ثم إن اجتزت هذه الخطوة باتضاع أمام الله، فعليَّ أن أصلّي كثيرًا من أجل أن يعالج الرب الخطأ في الآخر.  وأخيرًا إن كنت مؤهَّلاً لمعالجة هذا الخطإ (مِن حيث السِّن والخبرة الروحية والإمكانيات) فإني أستمع لقول الكتاب: «أَيُّهَا الإِخْوَةُ، إِنِ انْسَبَقَ إِنْسَانٌ فَأُخِذَ فِي زَلَّةٍ مَا، فَأَصْلِحُوا أَنْتُمُ الرُّوحَانِيِّينَ (وهُم المؤهَّلين للحل) مِثْلَ هذَا بِرُوحِ الْوَدَاعَةِ، نَاظِرًا إِلَى نَفْسِكَ لِئَلاَّ تُجَرَّبَ أَنْتَ أَيْضًا» (غلاطية6: 1).  وإن لم أكن مؤهَّلاً، فلأستمر في الصلاة، وربما أمكن أن أُدخِل شخصًا روحيًّا في الأمر يمكنه الحل.  وفي كل الأحوال لا يجوز لي أن أُشَوِّه سُمعة المخطئ أمام الناس.

صديقي العزيز..

ليتنا نكفّ عن “حدف الناس بالطوب”!

عصام خليل
 

الصفحة الرئيسية - إتصل بنا - نبذة عن المجلة

كتّاب المجلة - أعداد نحو الهدف السابقةصفحة البحث

©2010 Nahwal Hadaf