2000 41

الأدلة على لاهوت المسيح

Bookmark and Share
مرة أخرى نلتقي أيها الأحباء لنوصل الحديث عن

الأدلة على لاهوت المسيح

في أعداد سابقة ذكرنا أن الكتاب المقدس يشهد للاهوت المسيح؛ إذ يعطي له نفس أسماء الله، ويصفه بنفس صفات الله، وينسب له أعمال الله، ويعطي له نفس أمجاد الله.  وكنا في الحلقتين السابقتين قد تناولنا أسماء الله التي للمسيح، وصفات الله التي يوصف بها المسيح.  وسوف نتناول الآن البند الثالث وهو:

3- المسيح يعمل أعمال الله

رفع اليهود الحجارة ليرجموا المسيح لما سمعوا منه القول «أنا والآب واحد» (يوحنا 10: 30)، وفهموا مغزى هذا القول أنه يعلن ألوهيته، فقال لهم يسوع «إن كنت لست أعمل أعمال أبي فلا تؤمنوا بي، ولكن إن كنت أعمل، فإن لم تؤمنوا بي فآمنوا بالأعمال، لكي تعرفوا وتؤمنوا أن الآب فيَّ وأنا فيه» (يوحنا10: 37، 38).

ويؤكد المسيح على شهادة الأعمال للاهوته قائلاً: «الأعمال التي أنا أعملها باسم أبي هي تشهد لي» (يوحنا10: 25 )، وقال أيضًا: «لو لم أكن قد عملتُ بينهم أعمالاً لم يعملها أحد غيري، لم تكن لهم خطية.  وأما الآن فقد رأوا وأبغضوني أنا وأبي» (يوحنا15: 24).

ولقد قال في معرض إجابته لطِلبة فيلبس لأن يريهم الآب «أنا معكم زمانًا هذه مدته ولم تعرفني يا فيلبس!  الذي رآني فقد رأى الآب، فكيف تقول أنت: أرنا الآب؟ ألست تؤمن أني أنا في الآب والآب فيَّ؟  الكلام الذي أُكَلمكم به  لست أتكلم به من نفسي، لكن الآب الحَالّ فيَّ هو يعمل الأعمال.  صدقوني أني في الآب والآب فيَّ، وإلا فصدّقوني لسبب الأعمال نفسها» (يوحنا 14: 9-11).

مرة أخرى طلب اليهود أن يقتلوا يسوع حينما قال «أبي يعمل حتى الآن وأنا أعمل» وحسب تقرير اليهود فإن يسوع قال: «إن الله أبوه، معادلاً نفسه بالله»؛ أجابهم يسوع قائلاً: «الحق الحق أقول لكم: لا يقدر الابن أن يعمل من نفسه شيئًا إلا ما ينظر الآب يعمل».  وهنا قد يظن أحد أن هذا التصريح ينتقص من قدرة المسيح ويحِّد من أعماله، لكن كلا، فإن يسوع يعلن عن كمال الانسجام والتوافق بين أعمال الآب والابن، بدليل أن المسيح يكمل أقواله «لأن مهما عمل ذاك فهذا يعمله الابن كذلك.  لأن الآب يحب الابن ويريه جميع ما هو يعمله» (يوحنا5: 17 -20)، وفي نفس هذه المناسبة وفي نفس الحديث يحدد المسيح بعض الأعمال التي هي من صميم عمل الله الآب، والتي يعملها الابن كذلك مثل:-

1- الإقامة من الأموات والإحياء


فالله هو أبو الأرواح، وهو الوحيد صاحب السلطان على الحياة والموت.  ولكن الابن أيضًا يقول «لأنه كما أن الآب يقيم الأموات ويُحيي، كذلك الابن أيضًا يُحيي من يشاء» (يوحنا5: 21).  ومعلوم لدينا أن كلمات سيدنا لم تكن كلمات جوفاء، فهو لم يقتصر على التكلم فقط، لكنه عمل أولاً.  وتذكر الأناجيل عن المسيح أنه أقام ثلاثة أشخاص من الموت بعد أوقات مختلفة من موتهم: فلقد أقام ابنة يايرس وهي ما تزال على فراش موتها.  وأقام ابن أرملة نايين بعد أن جُهِّز وحُمل للدفن.  وأقام لعازر بعد أن دُفن وأنتن.  لكن قد يتساءل أحد قائلاً إن رجال الله القديسين في العهدين القديم والجديد قد أقاموا أمواتًا أيضًا: فقد أقام إيليا ابن أرملة صرفة (1ملوك 17: 17-24)، وأقام أليشع ابن المرأة الشونمية (2ملوك 4: 32-36)، وأقام بطرس طابيثا (أعمال9 :36 -42)؛ فما هو الفرق بين إقامة أولئك للموتى وإقامة المسيح لهم؟

إن الفرق والاختلاف هنا ليس في المعجزة ولكن في القوة لإجرائها، فمثلاً يُذكر أن إيليا «صرخ إلى الرب»، وأليشع «صلى إلى الرب»، وبطرس«جثا على ركبتيه وصلى»؛ فقد أقاموا الموتى بقوة إلهية خارجة عن ذواتهم.  أما المسيح فقد أقام الموتى بقوته الذاتية كصاحب السلطان على الإقامة والإحياء، بل كمن هو «القيامة والحياة».  ولذلك فقد استخدم الأمر المباشر بسلطان كلمته، فوقف أمام الميت الذي أنتن وصرخ بصوت عظيم «لعازر هلم خارجًا.  فخرج الميت ويداه ورجلاه مربوطات بأقمصة ووجهه ملفوف بمنديل» (يوحنا 11: 43-44).  ولكن رُبَّ قائل بأن المسيح أمام قبر لعازر«رفع عينيه إلى فوق»، نعم لقد رفع عينيه - له كل المجد - إلى فوق، لكن لا لكي يطلب قوة لإقامة الميت، وإنما ليشكر ويمجد الآب ولكي يؤمن الجمع الواقف.

قيامة المسيح

وبالإضافة إلى ذلك، فلقد انفرد المسيح له المجد بأنه انتصر شخصيًا على الموت وأقام نفسه في اليوم الثالث، مثلما قال لليهود: «انقضوا هذا الهيكل، وفي ثلاثة أيام أقيمه...  وأما هو فكان يقول عن هيكل جسده.  فلما قام من الأموات، تذكر تلاميذه أنه قال هذا» (يوحنا2 : 19 -22).  ونحن بدورنا نسأل: هل استطاع إنسان أخر أن يقيم نفسه من الأموات غير المسيح؟!  وبحسب رومية1:4 «تعيَّن ابن الله بقوة من جهة روح القداسة، بالقيامة من الأموات»؛ أي أن قيامة المسيح  من الأموات قد برهنت على أنه ابن الله.

2- الدينونة


معلوم جيدًا للجميع أن الدينونة هي عمل صميم من أعمال الله، التي لا يخص بها أحد سواه، فنرى إبراهيم مخاطبًا الله في القديم  على أنه «ديان كل الأرض» (تكوين 18: 25).

ولكننا نستمع إلى المسيح قائلاً: «لأن الآب لا يدين أحدًا، بل قد أعطى كل الدينونة للابن» (يوحنا5: 22 ).
ولقد شهد بطرس الرسول بالروح القدس عن ذلك قائلاً عن المسيح: «ونشهد بأن هذا هو المعيَّن من الله ديّانًا للأحياء والأموات» (أعمال10: 42).  وشهد عنه بولس الرسول قائلاً عن الله: «لأنه أقام يومًا هو فيه مزمع أن يدين المسكونة بالعدل، برجل قد عيَّنه، مُقدِمًا للجميع إيمانًا إذ أقامه من الأموات» (أعمال 17: 32).  فالمسيح هو الذي يدين، وذلك ببساطة لأن المسيح يعمل أعمال الله.

وإلى لقاء جديد بنعمة الله لنكمل حديثنا عن أعمال الله التي يعملها المسيح أيضًا.



نحميا ناثان
 

الصفحة الرئيسية - إتصل بنا - نبذة عن المجلة

كتّاب المجلة - أعداد نحو الهدف السابقةصفحة البحث

©2010 Nahwal Hadaf