2004 70

رقم 2

Bookmark and Share

الرقم اثنان له في الكتاب المقدس العديد من المعاني كما يلي:

  1. الشركة: إن كان الرقم واحد يفيد التفرد والوحدة، فإن الرقم 2 ينكر هذا التفرد، ويفيد وجود شريك. وعليه فإن الرقم اثنين مدلوله الشركة والاتحاد والاقتران.
  2. لكن أحيانًا يكون الشريك مخالفً. وفي هذه الحالة يكون مدلول الرقم 2 هو المباينة والاختلاف لا المشابهة والاتفاق.
  3. نظرًا لما سبق فلقد أصبح الرقم 2 هو أقل رقم مقبول في الشهادة. فلا تُقبل شهادة الواحد، بل يلزم للشهادة المعتمدة وجود شاهدين على الأقل.

ولنفحص الأفكار السابقة بشيء من التفصيل:

الشركة:

إن أروع صور الشركة المعروفة بين البشر هي صورة العلاقة الزوجية، ونحن نجد هذا الفكر في الأصحاح الثاني من سفر التكوين، عندما خلق الله حواء لآدم، وترد كلمات الوحي عن تلك العلاقة الزوجية: «لذلك يترك الرجل أباه وأمه، ويلتصق بامرأته، ويكونان (الاثنان) جسدًا واحدًا» وفي العهد الجديد يقول المسيح: «إذًا ليس بعد اثنين، بل جسدٌ واحدٌ» (متى 19: 6).

وعن شركة الاثنين معًا، ترد كلمات سليمان الحكيم: «اثنان خيرٌ من واحد، لأن لهما أجرة لتعبهما صالحة. لأنه إن وقع أحدهما يقيمه رفيقه، وويل لمن هو وحده إن وقع، إذ ليس ثانٍ ليقيمه. أيضًا إن اضطجع اثنان يكون لهما دفء، أما الوَحدُ فكيف يدفأ؟ وإن غلب أحد على الواحد يقف مقابله الاثنان» (جا4: 9-12).

ويتحدث النبي عاموس أيضًا عن هذه الشركة فيقول: «هل يسير اثنان معًا إن لم يتواعدا؟» (عاموس 3: 3) وكلمة يتواعدا معناها يتفق.

ويقول المسيح: «إن اتفق اثنان منكم على الأرض في أي شيء يطلبانه، فإنه يكون لهما من قِبَل أبي الذي في السماوات» (متى 18: 19).

ولأجل هذا فإن المسيح عندما أرسل رُسله، أرسلهم اثنان اثنان (مرقس6: 7؛ لوقا 10: 1).

الشهادة:

لا تكون شهادة شخص واحد معتمدة، بل يجب على الأقل أن تكون الشهادة على فم شاهدين أو ثلاثة. وهذا الأمر تكرر مرات كثيرة جدًا في الوحي، والآيات الآتية هي عيّنة لذلك: عدد 35: 30؛ تثنية 17: 6؛ 19: 15؛ متى 18: 16؛ 2كورنثوس 13: 1؛ 1تيموثاوس 5: 19؛ عبرانيين 10: 28. وأيضًا قال المسيح «شهادة رجلين حق» (يوحنا8: 17).

ولذلك فإن يشوع وكالب وهما من الجواسيس الاثنى عشر الذين أرسلهم موسى والشعب ليتجسسا أرض الموعد، رجعا بشهادة حق وصادقة (يشوع13؛ 14).

ولقد ذكرنا أن المسيح أرسل رُسله اثنان اثنان ليكونوا في شركة معًا، لكن هناك غرض آخر وهو أن يوصل الشهادة عن قرب ملكوته، على فم لا شاهد واحد بل شاهدين، (مرقس6: 7؛ لوقا 10: 1).

ولهذا فلا غرابة أن الكتاب المقدس، الذي هو شهادة الله للبشر، يتكون من عهدين: العهد القديم والعهد الجديد. وأن الوصايا العشر (لَوحي الشهادة) كتبت على لوحين (تثنية 9: 10)، وأن خلاصة ناموس موسى لخصها الرب في وصيتين. (متى22: 40).

كما أننا نجد أنه في قدس الأقداس يوجد كروبان فوق غطاء تابوت العهد (الكروب هو رتبة فائقة من الملائكة) (خروج 25: 18)، وفي هيكل سليمان هناك عمودان في المقدمة (1ملوك7: 15).

ويربتط بهذا أن الحد الأدنى لاجتماعات القديسين هو اثنان «حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي هناك أكون في وسطهم» (متى 18: 20).

الاختلاف:

ونجد هذا الفكر في الأصحاح الأول من الكتاب المقدس، في أيام تجديد الخليقة الستة، ففي اليوم الثاني فصل الله بين المياه التي فوق الجَلَد، والمياه التي أسفل الجَلَد. وعليه فأول رقم اثنين في الكتاب المقدس يحدثنا لا عن الشركة بل عن الانفصال، الانفصال بين وسطين مختلفين.

وفي المزمور الثاني نجد اختلاف تقدير البشر عن تقدير الله بالنسبة للمسيح، كما نجد تمرّدهم على الرب وعلى مسيحه، فيقول داود: «لماذا ارتجت الأمم وتفكّر الشعوب في الباطل. قام ملوك الأرض وتآمر الرؤساء معًا على الرب وعلى مسيحه قائلين: لنقطع قيودهما ولنطرح عنا رُبطهما» (مزمور2: 1-3، أعمال 4: 25 ،26). إنه اتحاد ضد الله.

«ينزع الأول (العهد الأول) لكي يثبت الثاني» (عبرانيين10: 9). فالعهد الثاني يختلف كل الاختلاف عن العهد الأول (ارجع إلى عبرانيين 8)

«الإنسان الأول من الأرض ترابي (أي آدم)، الإنسان الثاني الرب من السماء» (1كورنثوس15: 47).

«سيظهر ثانية بلا خطية للخلاص للذين ينتظرونه» (عبرانيين 9: 28). وظهور المسيح الثاني يختلف تمامًا عن ظهوره في المرة الأولى. سيكون بمجد وقوة، لا في ضعف وهوان.

يوسف رياض
 

الصفحة الرئيسية - إتصل بنا - نبذة عن المجلة

كتّاب المجلة - أعداد نحو الهدف السابقةصفحة البحث

©2010 Nahwal Hadaf