قد يتساءل إنسان : هل الله موجود؟
إن الشخص الحكيم هو الذى لايشك إطلاقاً فى وجود الله. إنما الشخص الجاهل «كل أفكاره أنه لا إله» (مزمور 10: 4) ونقرأ فى مزمور 14: 1 و مزمور 53: 1 «قال الجاهل فى قلبه ليس إله» وكانت النتيجة «فسدوا ورجسوا بأفعالهم ...»
إن وجود الله لايحتاج إلى إثبات. فالسموات تُحدث بدون قول أو كلام عن وجود خالق عظيم هو الله، ومن يوم إلى يوم تُعلن الخليقة عن وجود الله (إقرأ مزمور 19: 1-6).
ويُعلن الرسول بولس فى رسالته إلى المؤمنين فى رومية ص 1 أن غضب الله مُعلَن على الأمم بسبب إهمالهم لشهادة الخليقة عن قدرة الله ووجوده، الأمر الذى لا عذر لهم فيه.
يُحكى أن نابليون كان مرة على ظهر سفينة حربية فى إحدى الليالى المُقمرة ومرَّ على جماعة من ضباطه كانوا يسخرون من حقيقة وجود الله، فوقف وأشار بيده إلى السماء وقال لهم : أيها الرجال يجب أن تتخلصوا من هذه النجوم اللامعة أولاً ثم بعد ذلك لكم أن تسخروا من حقيقة وجود الله.
إننا نقرأ عن هذا الأمر فى أول آية فى الكتاب المقدس فى تكوين 1: 1 «فى البدء خلق الله السموات والأرض» ويقول لنا الرسول بولس فى رسالته إلى العبرانيين 11: 3 «بالإيمان نفهم أن العالمين أُتقنت (أى تكوّنت بصورة جميلة ورائعة وبديعة) بكلمة الله حتى لم يتكوّن مايُرى مما هو ظاهر» .
ويقول الرب فى إشعياء ص 40: 26 «إرفعوا إلى العلاء عيونكم وانظروا مَنْ خلق هذه» ومَنْ منا يستطيع أن يعّد نجوم السماء أو الكواكب؟ لكن الله خالقها يعلم عددها تماماً ويدعوها كلها بأسماء (مزمور 147: 4،5).
صديقى . أنظر حولك الآن فكل شئ تقع عليه عيناك لابد أن له صانعاً، مثلاً الساعة التى فى يدك، لابد أن صانعاً ماهراً له عقل مُفكّر صنعها، إذاً بالأولى هذه الخليقة التى خلقها الله من لاشئ وعلّقها أيضاً على لاشئ (أيوب 26: 7).
عندما ينظر كل منا إلى كيانه وجسده لابد أن يهتف قائلاً «الرب هو الله هو صنعنا» (مزمور 100: 3) ولابد أن يتكلم مع هذا الإله قائلاً «يداك صنعتانى وأنشأتانى» (مزمور 119: 73) وأيضاً كما قال أيوب لله «يداك كونتانى وصنعتانى كُلى جميعاً» (أيوب 10: 8).
إن الحشرة الصغيرة الأصغر من النملة لها جهاز تنفسى وجهاز هضمى وأجهزة كثيرة دقيقة جداً لاتُرى بالعين إنما تتحدث بأعلى صوت عن وجود الله وعن قوته وقدرته التى لا حدود لها. وبالتالى نقول إن الله لايمكن إلا أن يكون موجوداً.
والآن نأتى إلى السؤال الثانى : إذا كان الله موجوداً، إذاً فمَنْ هو؟ .
وللإجابة على هذا السؤال نقول إن الله ليس خيالاً أو وهماً أو تصوراً بل له وجود واقعى ولايجوز أن نُشبهه بشئ. فلا شبيه ولا نظير له، ويجب أن نعلم أن «الله روح» (يوحنا 4: 24) وهو بالتالى غير منظور أى لايستطيع أحد أن يراه لكننا رأيناه فى الرب يسوع المسيح عندما كان على هذه الأرض بالجسد، والله أيضاً غير محدود وهو يسمو فوق عقولنا ومْدَاركنا وهو لا بداية له ولا نهاية له. ومن صفات الله أنه :
1 - يعلم كل شئ : إذ يقول داود لله فى مزمور 139 «أنت عرفت جلوسى وقيامى. فهمت فكرى من بعيد ... لأنه ليس كلمة فى لسانى إلا وأنت يارب عرفتها كلها. من خلف ومن قدام حاصرتنى»
2 - يستطيع كل شئ : إذ قال يعقوب ليوسف فى تكوين 48: 3 «الله القادر على كل شئ» وقال الرب يسوع لتلاميذه فى إنجيل متى 19: 26 «عند الله كل شئ مُستطاع».
والآن بعد أن تأكدنا أن الله موجود وعرفنا مَنْ هو؟ نأتى إلى السؤال الثالث : هل الله واحد أم أكثر من واحد؟ وهذا هو موضوعنا فى العدد القادم بمشيئة الرب.