توجد وصايا كثيرة أعطاها الله لنا في الكتاب المقدس. لكن هل تعرف ما هي أول وصية أعطاها الله للإنسان وأعطى معها وعدًا ببركة خاصة ؟ إنها الوصية المُرتبطة بعلاقتنا مع أقرب شخصين لنا منذ ولادتنا.. مع آبائنا وأمهاتنا.
اسمع ما يقوله الكتاب في رسالة أفسس الإصحاح السادس «أكرم أباك وأمك التي هي أول وصية بوعد لكي يكون لكم خير وتكونوا طوال الأعمار على الأرض».
أولًا : موضوع الوصية - « أكرم »
- هل فكرت في معنى هذه الكلمة. أنها تختلف عن كلمة « أطع ». الطاعة تعني تنفيذ ما يُطلب منا، وربما يكون وراء تلك الطاعة أحد الأسباب الآتية :
1 - القيام بالواجب. حتى بدون رضى وذلك لأكون في صورة مقبولة لدى الناس.
2 - الخوف من العقاب . لكي أتجنب وقوعي تحت العقاب الجسدي أو النفسي.
3 - وسيلة للحصول على ما أريده ولتجنب الحرمان من أحد الامتيازات التي أتمتع بها.
أما الاكرام فهو درجة أسمى من الطاعة المجردة إذ يتضمن الطاعة من قلب راضيٍ مُحب ومقدِّر ومقتنع بهذه العلاقة العظيمة التي أوجدها الله.
إن إكرام الوالدين يشمل الآتي :
1 - الطاعة القلبية لهم والاستماع إلى وصاياهم (أمثال 6: 20، 23: 22).
2 - الاحترام والمعاملة المميزة: لقد قام الملك سليمان عن كرسيه عندما جاءت إليه أمه وسجد لها ووضع لها كرسيًا عن يمينه (ملوك الأول 2: 19).
3 - الاعتراف بالجميل وروح الشكر لِما قاموا به من نحونا في الماضي والالتزام بتسديد احتياجاتهم.
ثانيًا : لمَنْ الاكرام ؟
«أكرم أباك وأمك» - لماذا؟. تذكَّر أنهما الوسيلة التي بها أتى بك الله إلى الحياة. تذكر أنهما ضحيا كثيرًا براحتهما وامكانياتهما لكي تكون على ما أنت عليه الآن. تذكر أنهما أحباك واعتنيا بك أكثر من أي شخص آخر. ربما يهمس أحد في أذنيك قائلًا أن المشاكل التي تعاني منها الآن هي بسبب أحد الوالدين أو كليهما، ولهذا السبب تجده صعبًا عليك تقديم الاكرام لهما. لكنني أريد أن أذكرك بالآتي :
- لماذا تنسى كل ما قدماه لك في مرحلة حياتك الماضية، وهو كثير؟
- إذا كنت تتذكر بعض التصرفات التي أساءت إليك. هل تظن أنهما قد فعلاها لضررك أم لأنهما يعتقدان أن ذلك لفائدتك؟ وهل نسيت أن الله يستخدم كل الأشياء لتشكيل حياتك بأحسن ما يكون. تذكر قول يوسف قديمًا لاخوته «أنتم قصدتم لي شرًا، أما الله فقصد به خيرًا» (تكوين 50: 20)
ألا تعلم أن المحبة الحقيقية هي التي تقود إلى التأديب إذا لزم الأمر. تذكر القول «أمينة هي جروح المُحب وغاشة هي قُبلات العدو» (أمثال 27: 6). ألا تعتقد أن جزءًا كبيرًا من مشاكلك الآن أنت سبب رئيسي فيها؟ ألم تتوفر لك وسائل التغلب عليها لكنك استسلمت لها وعلّقت الأسباب على والديك؟ «إن كنت حكيمًا فأنت حكيم لنفسك. وإن استهزأت فأنت وحدك تتحمل» (أمثال 9: 12).
ثالثاً : وعد البركة الخاصة
«ليكون لكم خير وتكونوا طوال الأعمار على الأرض» والآن : ماذا عنك أنت؟ قف طويلًا مع نفسك وصلِ من قلبك للرب قائلًا «اختبرني يا الله واعرف قلبي. امتحني واعرف أفكاري». خُذ خطوات عملية:
* إن كنت قد قصّرت في اكرام والديك، فاعترف فورًا بخطئك واثقًا في قول الكتاب «إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم».
* دع الروح القدس يعطيك روح الغفران والمُسامحة لأية اساءة مازلت تذكرها وتسبب لك مرارة وجرحًا. وهكذا يُرفع من حياتك روح المرارة والسخط وتحل محلها المحبة الحقيقية.
* دع فكرك يُمتلك من الروح القدس فيتجدد ذهنك، وهكذا تتعلم الطاعة العملية والخضوع القلبي لله وكذلك لبعضنا البعض.
* عِش حياة الشكر المتواصل على كل شيء في حياتك وفي كل الظروف عالمًا أن « كل الأشياء تعمل معًا للخير للذين يحبون الله الذين هم مدعوون حسب قصده».
* ابدأ بمعونة الرب باظهار الاكرام لوالديك بأسلوب عملي متكلًا على قوة الله العاملة معك.