يقول الحكيم: «اَلْبَابُ يَدُورُ عَلَى صَائِرِهِ (مفصلاته) وَالْكَسْلاَنُ عَلَى فِرَاشِهِ. اَلْكَسْلاَنُ يُخْفِي يَدَهُ فِي الصَّحْفَةِ وَيَشُقُّ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهَا إِلَى فَمِهِ» (أمثال26: 15- 16)؛ فالكسل من العادات السيئة، إنه آفة العصر. والكسل ليس من الإيمان، وكل ما هو ليس من الإيمان فهو خطية، لأن الإيمان الحقيقي يتبرهن بالعمل وبالاجتهاد. يقول الرسول بولس: «قَدْ جَاهَدْتُ الْجِهَادَ الْحَسَنَ، أَكْمَلْتُ السَّعْيَ، حَفِظْتُ الإِيمَانَ، وَأَخِيرًا قَدْ وُضِعَ لِي إِكْلِيلُ الْبِرِّ» (2تيموثاوس4: 7). والعمل أمر به الرب، فقد أخذ الرب آدم «ووضعه في جنة عدن، ليعملها ويحفظها» (تكوين2: 15). كان ذلك قبل السقوط في الخطية، فالعمل ليس قصاصًا من الله. لكن عندما أخطأ الإنسان صار العمل محفوفًا بالتعب، ومرتبطًا بالمشقة.
وللكسل علاج:
(1) رياضة قليلة تمنع مشاكل كثيرة
أوصى الرسول بولس قائلاً: «رَوِّضْ نَفْسَكَ لِلتَّقْوَى. لأَنَّ الرِّيَاضَةَ الْجَسَدِيَّةَ نَافِعَةٌ لِقَلِيل، وَلكِنَّ التَّقْوَى نَافِعَةٌ لِكُلِّ شَيْءٍ» (1تيموثاوس4: 7-8). فممارسة أي نوع من أنواع الرياضة، كالمشي، سيساعد لتجنُّب آلام الظهر وخاصة إن كان العمل يتطلَّب الجلوس أو الوقوف الطويل. وقد لوحظ أن ممارسة الرياضة بشكل منتظم تحسِّن من أداء الذاكرة والانتباه واليقظة والقدرة على التعلُّم، كما تؤخر ظهور شيخوخة الدماغ.
(2) التأمل في خليقة الله العجيبة
تأمل في العنكبوت التي قال عنها أَجُور: «الْعَنْكَبُوتُ تُمْسِكُ بِيَدَيْهَا، وَهِي في قُصُورِ الْمُلُوكِ»! وتأمل في النملة وقول سليمان الحكيم: «اِذْهَبْ إِلَى النَّمْلَةِ أَيُّهَا الْكَسْلاَنُ. تَأَمَّلْ طُرُقَهَا وَكُنْ حَكِيمًا. الَّتِي لَيْسَ لَهَا قَائِدٌ أَوْ عَرِيفٌ أَوْ مُتَسَلِّطٌ وَتُعِدُّ فِي الصَّيْفِ طَعَامَهَا، وَتَجْمَعُ فِي الْحَصَادِ أُكْلَهَا» (أمثال30: 28؛ 6: 6- 8)!
(3) تنظيم أوقات النوم والاستيقاظ
يوجد أناس نهاريون وأناس ليليون، مع أن العلماء يؤكدون أن الاستيقاظ المبكر أفضل، وأن عدد ساعات النوم التي يحتاج إليها الشخص البالغ لا تزيد عن 8-9 ساعات نوم، إلا في أحوال صحية استثنائية. وقد قال الحكيم: «لاَ تُحِبَّ النَّوْمَ لِئَلاَّ تَفْتَقِرَ. افْتَحْ عَيْنَيْكَ تَشْبَعْ خُبْزًا» (أمثال20: 13). ومن تعود الكسل وفضَّل الراحة فقد الراحة، وقد قيل: “إن أردتَ ألا تتعب، فاتعب لئلا تتعب!”
(4) تجنَّب التأجيل ودرِّب الآخرين على الاجتهاد!
مكتوب: «اليوم يوم بشارة»، وأيضًا: «اذهب اليوم اعمل في كرمي». لاحظ: اليوم، وليس غدًا! فإن كنت تستطيع القيام بعمل مفروض عليك اليوم قُم به في الحال! لا تؤجله فتتكدَّس عليك الواجبات، وتصبح همومًا يصعب حملها. ومن المهم أن ندرب نحن أيضًا إخوتنا وأولادنا على الاجتهاد. فقيامنا بالأعمال عوضًا عن أولادنا يعلِّمهم الكسل والتراخي والتقاعس. وفي حين أنه من المعقول أن يساعد الأهل أولادهم في الواجبات المدرسية، لكن الخطر يكمن في أن نعوِّدهم على الاتكال علينا وقمع روح الاجتهاد والمسؤولية فيهم.
(5) تجنب الأطعمة الضارة والدسمة الخطيرة
ألا تشعر بالنعاس والارتخاء بعد الوجبات الثقيلة غير الصحية؟ فإن كُنَّا نؤمن أن أجسادنا هي هيكل للروح القدس الساكن فينا؛ فحريٌّ بنا أن نحافظ عليها ونهتم بتغذيتها بطعام صحي متوازن. «فَإِذَا كُنْتُمْ تَأْكُلُونَ أَوْ تَشْرَبُونَ أَوْ تَفْعَلُونَ شَيْئًا، فَافْعَلُوا كُلَّ شَيْءٍ لِمَجْدِ اللهِ» (1كورنثوس10: 13).
(6) ابتعد عن الكسل والكسالى
ولنفتش على المجتهدين لنقتدي بهم، كما فعل بولس رسول المسيح الذي قال: «أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ حَاجَاتِي وَحَاجَاتِ الَّذِينَ مَعِي خَدَمَتْهَا هَاتَانِ الْيَدَانِ. فِي كُلِّ شَيْءٍ أَرَيْتُكُمْ أَنَّهُ هكَذَا يَنْبَغِي أَنَّكُمْ تَتْعَبُونَ وَتَعْضُدُونَ الضُّعَفَاءَ، مُتَذَكِّرِينَ كَلِمَاتِ الرَّبِّ يَسُوعَ أَنَّهُ قَالَ: مَغْبُوطٌ هُوَ الْعَطَاءُ أَكْثَرُ مِنَ الأَخْذِ» (أعمال20: 34، 35). فالكسل كالمرض المُعدي، لذلك قال الشاعر الخوارزمي:
عَدْوَى البليدِ إِلى البليدِ سريعة
والجمرُ يوضعُ في الرمادِ فيخمدُ
(7) الحياة في المسيح نضرة ونشيطة وعاملة
وهي حياة تقتضي اجتهادًا وتعبًا، فما أروع ما قيل عن السارق بعد توبته وهدايته: «لاَ يَسْرِقِ السَّارِقُ فِي مَا بَعْدُ، بَلْ بالْحَرِيِّ يَتْعَبُ عَامِلاً الصَّالِحَ بِيَدَيْهِ، لِيَكُونَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ مَنْ لَهُ احْتِيَاجٌ» (أفسس4: 28)! كما يوصي الرسول بولس أيضًا: «إنْ كَان أَحَدٌ لاَ يُرِيدُ أَنْ يَشْتَغِلَ فَلاَ يَأْكُلْ أَيْضًا لأَنَّنَا نَسْمَعُ أَنَّ قَوْمًا يَسْلُكُونَ بَيْنَكُمْ بِلاَ تَرْتِيبٍ، لاَ يَشْتَغِلُونَ شَيْئًا بَلْ هُمْ فُضُولِيُّونَ. فَمِثـْلُ هؤُلاَءِ نُوصِيهِمْ وَنَعِظُهُمْ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنْ يَشْتَغِلُوا بِهُدُوءٍ، وَيَأْكُلُوا خُبْزَ أَنْفُسِهِمْ. أَمَّا أَنْتُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ فَلاَ تَفْشَلُوا فِي عَمَلِ الْخَيْرِ» (2تسالونيكي3: 10-13).
وأخيرًا ليتنا نضع نصب أعيننا مجيء الرب يسوع القريب فنقوم من نومنا، ونكون ساهرين، ونستمع لأحلى مناشدة: «إِذًا يَا إِخْوَتِي الأَحِبَّاءَ كُونُوا رَاسِخِينَ غَيْرَ مُتَزَعْزِعِينَ مُكْثِرِينَ فِي عَمَلِ الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ عَالِمِينَ أَنَّ تَعَبَكُمْ لَيْسَ بَاطِلاً فِي الرَّبِّ» (1كورنثوس15: 58)!