“رسائل إلى الله” هو عنوان فيلم رائع شاهدته مؤخرًا، يحكي عن قصة حقيقية لطفل يُدعَى “تايلر پاتريك داوتي”، كان قد أُصيب بمرض السرطان وكانت حالته متأخرة جدًّا، فاعتاد أن يكتب خطابات لله ويضعها في مظروف، ثم يضعها في صندوق البريد ويكتب على المظروف من الخارج: “إلى الله To God”.
تكرَّر هذا التصرف مرَّات كثيرة، مما أدهش موظف البريد الذي لم يكن يدري ماذا يفعل بهذه الرسائل الموجَّهة إلى الله، وبعد سؤاله لمدير مكتب البريد، وكَّل له التصرف في هذه الرسائل، ابتدأ يفتح الرسائل واحدة تلو الأخرى ويقرأها. فوجد هذا الطفل يحكي لله كل شيء يشغله كبيرًا كان أم صغيرًا، ووجده يُصلي مرة من أجل أمه، وفي رسالة أخرى وجده يُصلي من أجل أخيه، وفي أخرى وجده يُصلى من أجل هذا الموظف نفسه لكي يغيِّره الله ويبارك حياته التي كانت مُفَككة ومليئة بالكآبة.
كان كل من في البلدة يحب تايلر، ويصلي من أجل شفائه؛ وبالفعل بعدما أنهى علاجه الكيميائي بالكامل سادت الفرحة على كل العائلة بل وكل البلدة. ولكن هذه الفرحة لم تَدُم طويلاً، إذ إنه بينما كان يلعب بالكرة مع أصدقائه تعب جدًّا وتم أخذه للمستشفى ثانية وابتدأت صحته تنهار.
تأثر موظف البريد جدًّا مما حدث مع تايلر، وهُنا جاءته هذه الفكرة؛ فذهب إلى كل شخص في المدينة كان تايلر قد كتب رسالة إلى الله من أجله، وأعطاه الرسالة الخاصة به. وابتدأ أهل المدينة كلٌّ يقرأ رسالته، فحدث تأثير عظيم ونهضة كبيرة في قلوب أهل تلك البلدة بما فيهم موظف البريد نفسه، حتى إن معظمهم ابتدأ يكتب رسائل إلى الله ويضعها في صندوق البريد كما فعل تايلر.
وفي يوم 7 مارس عام 2005، رقد تايلر الصبي الصغير، والذي كان قد بلغ من العمر 10 سنوات، وكانت رسائله قد أثَّرت في حياة الكثيرين من البلدة، حتى إنه بعد رُقاده ظل كل أهل البلدة يُرسلون رسائل إلى الله، والأعجب أن مكتب البريد ظَل يستقبل تلك الرسائل ويخزنها في مكان مخصَّص لذلك.
وبعدها تأسست هيئة سُمِّيَت “رسائل إلى الله”، هدفها خدمة المرضى المصابين بالسرطان مثل تايلر، وتشجيعهم على تمسكهم بالرب في وسط هذه المحنة الصعبة. وكم أثَّرت هذه الخدمة في حياة الكثيرين ومنهم كثير من المشاهير.
ربما كثيرًا ما تتساءل: كيف يمكنني أن أخدم الرب؟ وكيف أصل بالرسالة إلى الناس من حولي؟ وأنا أُريد أن أُذكرك بتلك الآية: «ظاهرين أنكم رسالة المسيح مخدومة مِنَّا، مكتوبة لا بحبر بل بروح الله الحي، لا في ألواح حجرية بل في ألواح قلب لحمية» (2كورنثوس3: 3). فالناس من حولنا لا ينتظرون مِنَّا عظات أو خدمات منبرية كبيرة، لكنهم يريدون أن يروا حياة المسيح فينا وهذا كافٍ جدًّا لتصل لهم رسالة المسيح من خلالنا.
لذلك فلنُكثِر في عمل الرب جدًّا: «إذًا يا إخوتي الأحباء كونوا راسخين غير متزعزعين مُكثرين في عمل الرب كل حين عالمين أن تعبكم ليس باطلاً في الرب» (1كورنثوس15: 58). فلنسارع في تقديم المسيح لمن حولنا؛ فنحن لا نعلم إذا كانت ستُتاح لنا فرصة أخرى لمقابلة نفس الناس الذين نقابلهم مرة أخرى. فربما تكون هذه الفرصة التي يُتيحها لك الرب اليوم هي آخر فرصة يمكن أن تقدم فيها الرساله لهذه النفس! إذًا فلنعمل باجتهاد.
ولا تنسَ أن عيون الناس من حولنا موضوعة علينا وتراقبنا ونحن نمر بأي ظرف! فشكرنا لله في وسط الظروف الصعبة يمجِّد الرب، ويرفعنا نحن فوق الظروف، وأيضًا به نخدم الناس من حولنا: «لذلك ونحن قابلون ملكوتًا لا يتزعزع ليكن عندنا شكر به نخدم الله خدمة مرضية بخشوع وتقوى» (عبرانيين12: 28).