عشر بنات ذهبن إلي صديقة لهن في يوم زفافها، وفي يد كل منهن مصباح لإضاءة الشارع أثناء زفة العروس. فحدث أن العريس تأخر في المجيء، فنعسن ونِمن. وفجأة سمعن أصوات صياح: «العريس مقبل»؛ فاستيقظن لتنظيف المصابيح والخروج لاستقبال العريس. ولكن خمس منهن اكتشفن عدم وجود زيت معهن- وهذا هو الجهل - بينما الأخريات عملن حساب المستقبل- وهذه هي الحكمة. فحاولت الجاهلات الاستعارة أو الشراء من الباعة. ولكن - ويا للحسرة - جاء العريس وأخذ عروسه وأغلق الباب.
بهذا المثل الواضح والمفهوم من الصغير والكبير، قصد الرب أن يكلِّمنا عن أعظم رجاء للمؤمنين وهو مجيء المسيح – العريس – لاختطاف الكنيسة – العروس – إلي السماء. ويحذِّرنا من أخطر داء، وهو الاعتماد علي المظهر الخارجي.
حكيم وجاهل
قد لا يكون هناك فرق ظاهري بينهما، وهذا ما نراه في التشابه الكبير بين الحكيمات والجاهلات؛ فجميعهن: عذارى، معهن مصابيح، يعرفن العريس، ينتظرن قدومه، نعسن ونمن، سمعن النداء، قُمن من النوم. تشابه كبير في المظهر والصورة الخارجية. ولكن هناك اختلاف واحد جوهري لا تراه العين، ولكن تري تأثيره، وهو وجود الزيت في المصباح.
الجاهل ومن هو؟
1– هو من لا يعمل حسابًا لوجود الله في حياته «قَالَ الْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ: لَيْسَ إِلهٌ» (مزمور 14: 1).
2– هو من يتكل علي قلبه (ما يعتقده أو يشعر به) ويعيش مخدوعًا «اَلْمُتَّكِلُ عَلَى قَلْبِهِ هُوَ جَاهِلٌ، وَالسَّالِكُ بِحِكْمَةٍ هُوَ يَنْجُو» (أمثال 28: 26).
3– هو من يسمع أقوال الرب ولا يعمل بها «وَكُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هذِهِ وَلاَ يَعْمَلُ بِهَا، يُشَبَّهُ بِرَجُل جَاهِل، بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الرَّمْلِ» (متي 7: 26).
4– هو من لا يميِّز بين النور والظلمة، ويحب الظلمة ويسلك فيها «أَمَّا الْجَاهِلُ فَيَسْلُكُ فِي الظَّلاَمِ» (جامعة 2: 14).
5– هو من يتكلم بالتجديف عن الله عندما يتعامل معه بالتدريب أو التأديب؛ كامرأة أيوب «تَتَكَلَّمِينَ كَلاَمًا كَإِحْدَى الْجَاهِلاَتِ!» (أيوب 2: 10).
ليتك صديقي القارىء تعمل بنصيحة الرسول «فَانْظُرُوا كَيْفَ تَسْلُكُونَ بِالتَّدْقِيقِ، لاَ كَجُهَلاَءَ بَلْ كَحُكَمَاءَ» (أفسس 5: 15).
الحكيم ومن هو؟
1– هو من يصنع أمر الرب وليس الناس «وَكُلُّ حَكِيمِ الْقَلْبِ بَيْنَكُمْ فَلْيَأْتِ وَيَصْنَعْ كُلَّ مَا أَمَرَ بِهِ الرَّبُّ» (خروج 35: 10).
2– هو من يخاف من الشر ويبعد عنه «اَلْحَكِيمُ يَخْشَى وَيَحِيدُ عَنِ الشَّرِّ» (أمثال 14: 16).
3– هو من يقيمه الرب ليعطي الآخرين «فَمَنْ هُوَ الْوَكِيلُ الأَمِينُ الْحَكِيمُ الَّذِي يُقِيمُهُ سَيِّدُهُ عَلَى خَدَمِهِ لِيُعْطِيَهُمُ الْعُلُوفَةَ فِي حِينِهَا؟» (لوقا 12: 42).
وأخيرًا «إنْ كُنْتَ حَكِيمًا فَأَنْتَ حَكِيمٌ لِنَفْسِكَ، وَإِنِ اسْتَهْزَأْتَ فَأَنْتَ وَحْدَكَ تَتَحَمَّلُ» (جامعة 9: 12).
دروس للنفوس
* قال الرسول بولس عن الكنيسة الحقيقية «خَطَبْتُكُمْ لِرَجُل وَاحِدٍ، لأُقَدِّمَ عَذْرَاءَ عَفِيفَةً لِلْمَسِيحِ» (2كورنثوس 11: 2). ولكن يوجد في الذين يحضرون “الكنائس” اليوم المؤمن الحقيقي – الحكيمات – والمسيحي بالاسم – الجاهلات – وأحيانًا نجد صعوبة في التمييز بينهما. فالتشابه كبير بين الورد الصناعي والورد الطبيعي. ولكن عند الاقتراب منه فستجد الاختلاف في الرائحة التي تدل علي وجود حياة داخلية. ففي الكنيسة الكثير من الذين «لَهُمْ صُورَةُ التَّقْوَى، وَلكِنَّهُمْ مُنْكِرُونَ قُوَّتَهَا» (2تيموثاوس 3: 5).
* هناك أشياء لا يصلح تأجيل الحصول عليها إلي اللحظات الأخيرة. فاليوم يوم خلاص. وبأصوات كثيرة ومتنوعة ينادي الرب عليك ويتأني. قديمًا وعظ نوح أكثر من مئة سنة، وكل دقة مسمار في الفلك كانت صوتًا للبعيدين لدخول الفلك. وفجأة أغلق الرب الباب علي نوح ومن ومعه.
* هناك أشياء لا يمكن استعارتها. فعندما تجوع أو تعطش لا يأكل أو يشرب آخر بدلاً منك. إن إيمان الآخرين لا يفيدك. فزيت الحكيمات لا يكفي إلا لهن وحدهن. فلن يفيدك الأهل أو الأصدقاء أو رجال الدين.
* هناك أشياء لا نحصل عليها إلا من مصدرها الصحيح. فزيت النعمة وعطية الإيمان والروح القدس والخلاص، لن تجدها إلا عند المسيح وليس الآخرين «لاَ تَتَّكِلُوا عَلَى الرُّؤَسَاءِ، وَلاَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَيْثُ لاَ خَلاَصَ عِنْدَهُ» (مزمور 146: 3).
العريس الغائب الآتي
الكنيسة الآن في فترة الخطبة، والمسيح العريس في السماء، وسيأتي ثانية كما وعد «آتِي أَيْضًا وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ، حَتَّى حَيْثُ أَكُونُ أَنَا تَكُونُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا» (يوحنا 14: 3). وفي الأصحاح الأخير من الكتاب المقدس يؤكِّد الرب وعده ثلاث مرات بالقول «أنا آتي سريعًا» (رؤيا 22: 7، 12، 20). ولأن الكنيسة الآن في حالة نوم عميق، وبالتالي عدم طلب الرب، لذا يحرِّضنا الرب علي السهر «اسْهَرُوا إِذًا لأَنَّكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ فِي أَيَّةِ سَاعَةٍ يَأْتِي رَبُّكُمْ» (متى 24: 42)، كما يحرضنا علي طلب سرعة مجيئه «وَالرُّوحُ وَالْعَرُوسُ يَقُولاَنِ: تَعَالَ! وَمَنْ يَسْمَعْ فَلْيَقُلْ: تَعَالَ! وَمَنْ يَعْطَشْ فَلْيَأْتِ. وَمَنْ يُرِدْ فَلْيَأْخُذْ مَاءَ حَيَاةٍ مَجَّانًا» (رؤيا 22: 17).
صديقي: لا يخدعنَّك قلبك اعتمادًا علي مظهرك الخارجي، ولا يخدعك الناس بمدحهم فيك. فإن لم تكُن مؤمنًا حقيقيًا ورح الله ساكن فيك، فلست من العروس، ومكانك خارج الباب. فاطلب الرب الآن، فيعطيك الإيمان الذي به تنال عطية الروح، والذي به تستطيع أن تقول مع المؤمنين «آمِينَ. تَعَالَ أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوعُ».