الفرق بين الإعتداد بالذات والثقة بالنفس
أحيانًا تكون الثقة بالنفس، هي نتيجة الإعتداد بالذات، وفي هذه الحالة تكون ثقة جوفاء ومصدرها الجسد وسوف تنكشف سريعًا عند التعرّض للإمتحان.
لكن الثقة في النفس، كاحتياج نفسي، هي خاصية نفسية إنسانية ضرورية لإزالة الرهبة عند أداء عمل معين. وهذه الثقة تأتي من أمرين : الأول - هو يقينية وجود الإمكانية المُعطاة من الله لأداء هذا العمل (موهبة مثلًا). والثاني - هو التدريب على أداء هذا الشيء. وكلا العاملين يساعد على الثبات وتقليل الرهبة عند قيام المرء بالمهمة.
وفي هذه الحالة، الثقة في النفس لا تتعارض مع الاستناد على الرب أثناء أداء هذا العمل. فاستخدام موهبة مثلًا، مهما كانت عظمتها، بدون حالة روحية صحيحة تجعل القلب مُستندًا على الرب لحظة فلحظة، سوف تجعل الكلام يصل إلى أذهان السامعين فقط، ولكنه لن يحرك قلوبهم لأن أمور الله لا يصلح فيها مجرد كلام الحكمة الإنسانية المُقنع (الموهبة والدراسة) بل برهان الروح والقوة (حالة القلب المُستند على الرب عند الأداء») (1كورنثوس2: 4).
وبالتالي إن كان علاج الإعتداد بالذات هو القضاء عليه، لكن الثقة بالنفس في الحالة الثانية يمكن أن تكون المجال الذي من خلاله يدرك المؤمن أنه مع توفر كل الامكانيات لعمل الشيء، لكنه لا يستطيع أداء أي شيء بدون الرب «لأنكم بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئًا» (يوحنا15: 5).
مبادئ عامة في علاج الإعتداد بالذات:
الإعتداد بالذات هو أعظم غذاء للجسد، وبالتالي هو أصعب خاصية نفسية في علاجها سواء بالنسبة لغير المؤمن أو للمؤمن أيضًا.
أولى خطوات العلاج هو اقتناعي بحالتي. وهذا يحتاج إلى وقفة مع النفس في محضر الله ليكشف لي هو مظاهر إعتدادي بذاتي عالمًا أنها أردأ ثمار الجسد التي لا يطيق الله أن يراها في المؤمن، حتى أن أول وصف للناس الأشرار في الأيام الأخيرة «مُحبين لأنفسهم .. متعظمين مُستكبرين» (2تيموثاوس3: 1) عندئذ أُدرك أن حالتي من الداخل ومن الخارج تحتاج إلى علاج.
إذا حاولت بمجهودي التخلص من هذه الحالة فسوف أفشل. إن مبادئ العالم وعلم النفس لا تقدم العلاج. لأن كل هذه المبادئ تغذي الجسد أكثر، واتضاع العالم هو عين الكبرياء التي تتظاهر بالتواضع. المبدأ الرئيسي في العلاج هو أن أتعلم الاتضاع بصورته الكتابية الصحيحة. فالاتضاع الحقيقي ليس هو أن أفكر رديئًا في نفسي أو أن أشعر أنني أقل من الآخرين. بل أنني لا أستحق التفكير في نفسي مُطلقًا. أهم خطوات العلاج هو أن أثبت في المسيح المُتضع. فالكتاب يعلمنا «كما أن الغصن لا يقدر أن يأتي بثمر من ذاته إن لم يثبت في الكرمة، كذلك أنتم أيضًا إن لم تثبتوا فيَّ» (يوحنا15: 4). أتأمل في المسيح المتضع، أملأ قلبي وأفكاري ومشاعري به، أجلس معه تاركًا المجال لعمل الروح القدس ليملأ قلبي بذاك الذي قال عن نفسه «تعلموا مني لأني وديع ومتواضع القلب» (متى11: 29).
لم يفتخر قط بما له، ولم يطلب شيئًا لنفسه، تنازل عن كل حقوقه. عندما ظلموه قيل عنه «ظُلم أما هو فتذلل ولم يفتح فاه» (إشعياء53: 7). إذا تعلّمت من حداثتي المشغولية والشبع بالمسيح المتضع، يقينًا سوف تنعكس هذه الخصائص الرائعة على حياتي بدون أن أدري، وسوف تكون هي التيار الجارف الذي يكسح أمامه كل رغائب الجسد للاعتداد بالذات، ويكسر كل إرادة ذاتية وكبرياء في قلبي.
ملء الذهن والقلب يوميًا ببعض الآيات التي تذكّرني بأن أخضع للعمل الإلهي في كياني طالبًا معونة الروح القدس للتنفيذ مثل «يارب لم يرتفع قلبي ولم تستعلِ عيناي ولم أسلك في العظائم ولا في عجائب فوقي» (مزمور131: 1). وأيضًا «غير مهتمين إلى الأمور العالية بل مُنقادين إلى المتضعين. لا تكونوا حكماء عند أنفسكم» (رومية12: 16)... إلخ
قال أحد رجال الله الأفاضل {إن الاتضاع الحقيقي يأتي نتيجة ادراك واعٍ لارتفاع حقيقي} فإدراكي لسمو مركزي ومكاني كمسيحي الآن في السماء في المسيح. هذا يفطم قلبي عن أن أطلب من العالم تقديرًا أو حقوقًا، بل بإدراكي أتخلى عن كل شيء.
تطبيق حكم الموت على حياتى وادراكي العملي أنني «مع المسيح صُلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ» (غلاطية2: 20) يجعلني لا أتجاوب مع كل رغبات الجسد والكبرياء في داخل قلبي، ولا مع أي نداء للاعتداد بذاتي أو الاعتزاز بنفسي.
إن لم أتعلم في الشركة مع الرب كيف أتضع وأكف عن الاعتداد بذاتي بالطُرق الكتابية السابقة، فإن الرب في نعمته لن يتركني ممتلئًا من هذه الروح البغيضة، بل سوف يتولّى هو تجريدي من اعتدادي بذاتي لأنه يغار عليَّ. ربما يكلفني هذا كثيرًا، لكن النتيجة التي سأحصدها أعظم في قيمتها من كل تكلفة مهما كانت. فقد كلف هذا نبوخذنصر أنه «أكل العُشب كالثيران وابتل جسمه بندى السماء ...» (دانيال4: 32). وكلّف يعقوب أنه «انخلع حق فخذه ... وهو يخمع على حق فخذه» (تكوين32: 25،31). وكلّف بطرس أنه «بكى بكاءً مُرًّا» (لوقا22: 6). وكلّف موسى ثلث حياته. لكن الله الذي يحبني لن يتركني حتى يتم القول «فعاد وعمله وعاء آخر كما حسن في عيني الفخاري أن يصنعه» (إرميا18: 4).