جلس الصديقان - الشيخ والشاب - يتحدثان باستمتاع عن امتيازات المؤمن والبركات التي يمنحها الله له. حتى وصل الحديث إلى الصلاة وعظمتها، وهنا سأل الشاب هذا السؤال :
- في كثير من الأحيان أشعر أني لا أستطيع ولا أعرف أن أصلى، فما علاج ذلك في رأيك؟
* أن تصلي.
- أقول لك أني لا أستطيع أن أصلي، بل أني أشعر أنني أضعف من أن أصلي!
* يا صديقي، حين تشعر أنك ضعيف فهذا أنسب وقت لكي تصلي .. بل إن هذا أحد لوازم الصلاة.
- ماذا تقصد؟
* لكي أوضح كلامي، دعني أقتبس قول أحد رجال الله عن الصلاة «الصلاة هي الضعف البشري مُستندًا على قوة الله».
- هل تقصد أنني في ضعفي أستطيع أن أقترب إلى الله؟
* بل أنك ستجده قريبًا منك وأنت في منتهى شعورك بالضعف (مزمور34: 18،17)، فقط اطلبه بكل قلبك ليتمم الله القول «تطلبونني فتجدونني إذ تطلبونني بكل قلبكم» (إرميا29: 13).
- وماذا يعنى أن اطلبه بكل قلبي؟
* يعنى أن تطلبه وليس لقلبك سند آخر سواه، أن تنتظره وحده وليس آخر. وأن تؤمن أنه يميل أذنه ليسمعك ويُجيبك. وضع في اعتبارك أنه قد يُجيبك بنعم أو لا أو انتظر.
- عندي مشكلة أخرى، أحيانًا لا أجد ما أقوله في الصلاة.
* حتى إن كنا لا نعرف ما نقوله في الصلاة، فالروح القدس في داخلنا يتكلم في صمت قلوبنا (رومية8: 26). ويكفي في هذا الحال أن نوجد أمام الله بشعورنا الكامل بالاعتماد عليه، حتى وإن لم نستطع ترجمة ما بداخلنا إلى كلمات.
- وهل ستبقى صلاتي هكذا دائمًا بلا كلمات؟
* بالطبع لا، بل في غالب الأحوال ستجد ما تقوله للرب في الصلاة.
- وماذا أفعل لأجد الكلمات؟
* دعني أقترح عليك بعض الاقتراحات العملية.
- تفضل.
* ابدأ صلاتك بالشكر، وأعتقد أنك ستجد الكثير لتشكره عليه.
- بالتأكيد، فحياتي تمتلئ بما يستحق الشكر لله.
* وبالطبع أيضًا أن حياتنا تمتلئ بما نحتاج أن نطلبه من الرب. ضع هذه الطلبات ببساطة أمام الرب، وثق أنه يتممها لك.
- لكن أحيانًا أفشل في أن أجد التعبير المناسب عن احتياجي.
* لا تهتم كثيرًا بصياغة الكلمات، بل عبِّر عن طلبك له ببساطة كما يعبر الطفل لأبيه عن احتياجه.
- بهذه البساطة؟!
* نعم. وسيكون من المفيد جدًّا لك أن تتعلم من الصلوات المدونة في الكتاب. اقرأها باهتمام، وافهم كيف سكب من صلى هذه الصلاة نفسه أمام الله، وكيف عبَّر عن طلباته له وأعلن اعتماده عليه. تعلم من هذه الصلوات، ومتّع قلبك بأمانة الرب مع الذين وضعوا ثقتهم فيه. واذكر أن الرب الذي كان معهم بالأمس لازال معك اليوم.
- وماذا أيضًا؟
* تمسك بوعود الرب في الكتاب. استخدم مواعيده الأمينة في توجيه طلباتك إليه. وهذا يعني بالضرورة أن تسير طلباتك جنبًا إلى جنب مع قراءتك للمكتوب بتركيز.
- كلامك يفتح لي افاقًا واسعة في الصلاة.
* وتعلم ألا تطلب فقط احتياجاتك، بل ليمتد أفقك لتطلب دائمًا الأمور الأسمى
- كأن تمتلك مالك في المسيح وأن تسعى لتتميم مشيئة الله في حياتك. كذلك تعلم أن تصلي من أجل الآخرين أيضًا.
- أعتقد أنني هكذا سأجد الكثير لأكلم الرب به.
* أخيرًا دعني أقول لك أن الصلاة تدريب الحياة كلها، سيدربك الرب لتقضي وقتًا أفضل وأطول معه وهكذا تتحول الحياة كلها إلى صلاة.