القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود
مثل مصري عامي شهير جدًّا. أُطلق في الأصل ليحضَّ الناس على التوفير والبُعد عن التبذير. ومع الزمن، وازدياد أهمية المال في أعين الناس يومًا بعد يوم، تطوَّر استخدم المثل ليصبح للدلالة على أهمية المال بصفة عامة.
وبالطبع نحن لسنا مع الإسراف (إنفاق المال بمبالغة وبلا حكمة)؛ فمضاره كثيرة (اقرأ لوقا15: 13؛ تثنية21: 20؛ أمثال23: 21). لكننا أيضًا لسنا مع البخل والتقتير؛ فالكتاب يعلمنا أن نكون كُرماء، ومِضْيَافين، ومِعْطَائين، بصفة خاصة للمساكين، ومع المؤمنين، وفي عمل الرب (تثنية15: 7-11؛ أمثال11: 24، 25؛ رومية12: 8؛ 2كورنثوس9: 6، 7؛ 1بطرس4: 9).
لكن الأمر الخطير الذي تجدر الإشارة إليه في هذا الصدد هو استعمال هذا المثل للإشارة إلى أهمية المال والدعوة لاقتنائه على اعتبار أنه، مُمَثَّلاً في القِرش (عملة معدنية كانت متداولة منذ سنوات كان لونها أبيض والمئة منها تكوِّن جنيهًا)، ينفع في “اليوم الأسود” (للدلالة على أيام المآزق والمصاعب والظروف الصعبة).
تلفَّت إلى ما يجري حولنا من أحداث، وأجِب عن سؤالي: هل نفع القرش (بل قُل مليارات القروش) أصحابها في يومهم الأسود؟ سمعت يومًا عن غنيٍ مرض، كان يقول إنه مستعد أن يدفع نصف ثروته في مقابل أكلة يُحبها لكن مرضه يمنعه منها؛ فهل نفعه القرش الأبيض ودفع عنه المرض الأسود؟
على أني أتذكر غنيَّيْن آخرَيْن لم ينفعهما قرشهما الأبيض في أسود أيامهما، يوم لقائهما بالله بدون غفران خطايا وبدون ستر المسيح؛ إنهما الغني الغبي، والغني المتنعِّم (اقرأ قصتيهما في لوقا12؛ 16). ما أكثر قروشهما في حياتهما، وما أسود أبديتهما!
هل ما زلت تسعى لتجميع القروش البيضاء لتنفعك في الأيام السوداء، وما أكثرها؟!
كُفَّ! واسمع قول الكتاب: «لأَنَّهُ ماذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟» (متى16: 26)، «لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ، لأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ الْوَاحِدَ وَيُحِبَّ الآخَرَ، أَوْ يُلاَزِمَ الْوَاحِدَ وَيَحْتَقِرَ الآخَرَ. لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَخْدِمُوا اللهَ وَالْمَالَ... لكِنِ اطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللهِ وَبِرَّهُ، وَهذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ. فَلاَ تَهْتَمُّوا لِلْغَدِ، لأَنَّ الْغَدَ يَهْتَمُّ بِمَا لِنَفْسِهِ. يَكْفِي الْيَوْمَ شَرُّهُ» (متى6: 24-34).
لقد وُجد المال ليكون خادمًا، فتحوَّل إلى سيدٍ! سيدٌ قاسٍ، خان كل من وضع ثقته فيه.
أما السيد الوحيد الحقيقي، ربنا يسوع المسيح، ربُّ الكل، فهو يصون ولا يخون، يحمل ويحمي ويحتمل، ويضمن لك أبدية الهناء بدل السوداء، ويسندك في كل ضيقك حتى ترى أتون النار مكانًا للنزهة. فهل تقبله على حياتك ربًّا وسيدًا؟! ليتك تفعل، فوحده من ينفع.