بينما كان رجل من لندن يسير في شارع “چورچ” في سيدني بأستراليا، اقترب إليه شخص خارجًا من زقاق مجاور، وأعطاه نبذة، وسأله: “إذا انتهت حياتك اليوم فهل ستذهب إلى السماء؟”
“لقد صُعِقتُ من هذه الكلمات”. هذا ما قاله الرجل: “فلم يسألني أحدٌ قبلاً هذا السؤال على الإطلاق. وكنت طوال رحلة العودة إلى لندن أفكِّر فيما قاله. وذهبت لأُحدِّث صديقًا لي في هذا الأمر، فقادني إلى المسيح”.
هذا الرجل صار فيما بعد مبشرًا. وبعد سنوات كثيرة - في مؤتمر بأستراليا - سأل سيدة، كانت تستشيره عن أمر ما، عن بداية علاقتها بالمسيح. فقالت: “كنت أعيش في سيدني بأستراليا، ومنذ عدة شهور كنت عائدة إلى هناك، وبينما أنا أتسوَّق في شارع چورچ، اتجه إليَّ رَجُلٌ وقدَّم إليَّ نبذة، وسألني: إذا انتهت حياتِك في هذه الليلة، فهل ستذهبين إلى السماء؟ اندهشت، وذهبت إلى كنيسة مجاورة، وتحدَّثت إلى خادم هناك، وهو بدوره قادني إلى المسيح”.
لم يندهش المُبشِّر الإنجليزي لأنه كان قد اختبر نفس الشيء. وبعد المؤتمر ذهب ليعظ في بلدة تُدعى “پيرث”. وبعد العظة دعاه الشيخ المسؤول عن الاجتماع ليتناول معه الطعام. وأثناء الحديث سأل المُبشِّر الشيخ عن كيفية خلاصه. فأجابه الشيخ: “نشأت في هذه الكنيسة لكن لم يحدث أبدًا أني سلَّمت حياتي للمسيح، وبينما أنا في رحلة عمل إلى سيدني استوقفني رجل ذو شعر أبيض خارجًا من ممرٍّ مجاور في شارع چورچ، وأعطاني نبذة، وسألني: إذا انتهت حياتك اليوم فهل ستذهب إلى السماء؟ فأجبته: بأني شيخٌ في كنيسة، لكنه لم يُبالِ بهذه الإجابة. وعندما عُدت إلى پيرث أخبرت راعي بالكنيسة، فقادني إلى المسيح، وقال لي إنه كان يفكر كثيرًا في حقيقة علاقتي بالمسيح”.
عاد المبشر الإنجليزي إلى إنجلترا، وهناك كان يتكلم في اجتماع، وذكر هذه الاختبارات عن الرجل ذو الشعر الأبيض في شارع چورچ بسيدني. وفي نهاية الاجتماع تقدَّم أربعة شيوخ رعاة وقالوا له: “لقد خَلُصنا منذ أكثر من 25 سنة عن طريق هذا الرجل ذي الشعر الأبيض ذاته، في شارع چورچ بسيدني.”
وطار هذا المُبشِّر إلى جزر الكاريبي لحضور مؤتمر آخر هناك، وتحدث أيضًا عن كيف خلص هو وآخرين بسبب عمل هذا الرجل في شارع چورچ. وبعد العظة تقدَّم إليه ثلاثة مُرسَلين، وقالوا: “لقد خَلُصنا نحن أيضًا منذ أكثر من 15 عامًا عن طريق الرجل ذاته في شارع چورچ”.
ترك المُبشِّر جزر الكاريبي وانطلق إلى أتلانتا في چورچيا ليتكلَّم في مؤتمر للخدام. وأثناء الغداء مع قِس مسؤول هناك، سأله المُبشِّر عن كيفية خلاصه. فكانت إجابته: “إنها فعلاً معجزة. لقد كنت على متن سفينة أمريكية في المحيط الهادي، ونزلنا في سيدني. وكعادة البحارة احتسينا الخمر وسكرنا فأخطأنا الطريق، وانتهى بنا المطاف إلى شارع چورچ. وبينما أنا أترنَّح لأنزل من الأتوبيس، فوجئت برجل ذي شعر أبيض يُقدِّم لي نبذة، ويسألني: أيها البحار، إذا انتهت حياتك هذه الليلة، فهل ستذهب إلى السماء؟ صدمني الخوف من الله وأيقظني. وتحدثت إلى القِس في السفينة، وهو بدوره قادني إلى المسيح. انطلقت إلى الخدمة، وأنا اليوم مسؤول عن إرسالية بها 1000 خادم، كلهم مُثَقَّلون بربح النفوس”.
بعد ستة أشهر ذهب المُبشِّر الإنجليزي إلى مؤتمر به 5000 مُرسَل هندي في شمال الهند. وفي نهاية المؤتمر أخذه المُرسَل الهندي المسؤول للعشاء في بيته المتواضع. وأثناء تناول الطعام سأله المُبشِّر: كيف أتيتَ أيها الهندوسي إلى المسيح؟ فأجابه: “كنت أسافر حول العالم في بعثات دبلوماسية تابعة للهند. وبينما أنا في سيدني، كنت أتسوَّق في آخر ساعة لأشتري بعض الهدايا لعائلتي. وأثناء سيري في شارع چورچ، تقدَّم نحوي رجل ذو شعر أبيض وسألني عما إذا كنت سأذهب إلى السماء إذا ما انتهت حياتي على الأرض اليوم، وأعطاني نبذة مسيحية. شكرته على النبذة، لكن سؤاله أزعجني. وعندما عدت إلى الهند، ذهبت إلى كاهن هندوسي، فلم يستطع أن يساعدني. ذهبت إلى مُبشِّر القرية، فقادني إلى المسيح. تركت الهندوسية، وتركت العمل الدبلوماسي، وبدأت أدرس الكتاب المقدس. والآن بنعمة الله فإنني المسؤول عن هذه الإرسالية التي بها كل هؤلاء المُبشِّرين والمُرسَلين، ونحن نربح الآلاف للمسيح”.
بعد ثمانية أشهر أخرى ذهب هذا المُبشِّر الإنجليزي ليعظ في سيدني، وسأل الخادم هناك عمَّا إذا كان يعرف شخصًا متقدِّمًا في العمر، ذا شعر أبيض، ويوزع نبذات في شارع چورچ. فأجابه: نعم واسمه “جينور”، لكنه لم يعد قادرًا على ذلك الآن إذ صار ضعيفًا جدًّا. لكن المُبشِّر أراد أن يقابله، فذهبا معًا إلى منزله، وأخبره المُبشِّر عن قصة تجديده هو شخصيًّا، وعن كل الأشخاص الذين كان هو سببًا في خلاصهم.
كان الرجل يستمع والدموع تسيل على وجنتيه بغزارة. ثم ابتدأ يحكي قصته هو قائلاً:
“لقد كنت بحارًا بائسًا يائسًا على متن سفينة حربية أسترالية. وفي إحدى الأزمات العصيبة كان هناك واحد من زملائي مسيحي، وكنت أسخر منه كثيرًا، لكنه كان مستعدًا لمساعدتي دائمًا، وقادني إلى الرب يسوع. وتغيَّرت حياتي من الظلام إلى النور. كنت شاكرًا وممتنًا جدًّا لله، ووعدته أن أقدِّم شهادة بسيطة عن الرب يسوع لعشرة أشخاص يوميًّا، على الأقل. ولقد أعطاني الله القُدرة لأفعل ذلك لمدة تزيد عن الأربعين سنة. وعندما تقاعدت عن العمل، شعرت أن أفضل مكان لتقديم رسالة الإنجيل هو شارع چورچ حيث يمر هناك آلاف الأشخاص يوميًّا. كثيرون كانوا يرفضون نبذاتي، لكن كثيرين أيضًا كانوا يقبلونها بلطفٍ. وبعد أن قضيت 40 سنة أتكلَّم عن محبة المسيح، لم أشهد إذا ما كان أحد قد أتى إليه بهذه الطريقة حتى هذا اليوم”.
لا يعلم إلا الله عدد الناس الذين خلصوا عن طريق هذا الرجل ذي الشعر الأبيض. وما اكتشفه المُبشِّر الإنجليزي ليس سوى القمة الظاهرة فوق سطح البحر لهذا الجبل الجليدي الضخم.
أحبائي المؤمنين، ألا تُحركنا هذه الشهادة لنكلِّم من حولنا عن الخلاص العظيم الذي يُقدمه الله للكل عن طريق الرب يسوع المسيح. إن الله ساهر على كلمته، ويريدنا أن ننشر كلمة الحياة هذه بلا حساب: «اِرْمِ خُبْزَكَ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ فَإِنَّكَ تَجِدُهُ بَعْدَ أَيَّامٍ كَثِيرَةٍ» (جامعة11: 1).
ترجمتها عن الفرنسية: ليديا يعقوب