الكبش الذي قُدم عوضاً عن إسحاق
الكبش الذي قُدم عوضاً عن إسحاق
طلب الرب من إبراهيم أن يأخذ ابنه الوحيد الذي يحبه إسحاق، ويذهب إلى أرض المُرِيَّا، ويُصعده هناك محرقة على أحد الجبال. فأطاع إبراهيم صوت الرب وأخذ ابنه وذهب إلى الموضع الذي قال له الله، وبنى هناك المذبح ورتَّب الحطب وربط إسحاق ابنه ووضعه على المذبح فوق الحطب، ثم مَدَّ يده وأخذ السكين ليذبح ابنه، فناداه ملاك الرب من السماء وقال له: «لا تمد يدك إلى الغلام ولا تفعل به شيئًا. فرفع إبراهيم عينيه ونظر وإذا كبش وراءه مُمسَكًا في الغابة بقرنيه. فذهب إبراهيم وأخذ الكبش وأصعده محرقة عوضًا عن ابنه».
هذا الكبش صورة للرب يسوع، المكتوب عنه: «كشاة تُساق إلى الذبح، وكنعجة صامته أمام جازِّيها فلم يفتح فاه» (إشعياء53: 7)، وعندما نظر يوحنا المعمدان يسوع مُقبِلاً إليه قال: «هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم!» (يوحنا1: 29).
ونجد عدة أمور مرتبطة بهذا الكبش:
(1) الكبش في الغابة
الغابة بها حيوانات مُسالمة وأخرى مُفتَرِسة، طاهرة وأخرى نجسة، وبها أيضًا الأشواك التي تجرح وتؤذي. والكبش من الحيوانات الطاهرة والمسالمة، ولكنه كان موجودًا في الغابة؛ صورة للرب يسوع المسيح القدوس البار، الوديع والهادئ، الذي لا يخاصم ولا يصيح، ولا يسمع أحد في الشوارع صوته (متى12: 19)، ولكنه عندما جاء إلى الأرض عاش في وسط الأشرار وتألَّم منهم. ولقد وصل العداء للمسيح إلى نهايته في مشهد الصليب لذلك قال بروح النبوَّة: «أحاطت بي ثيران كثيرة. أقوياء باشان اكتنفتني. فَغَروا عليَّ أفواههم كأسد مُفتَرِس مُزَمجِر... أحاطت بي كلاب. جماعة من الأشرار اكتنفتني» (مزمور22: 12، 16).
(2) الكبش وراء إبراهيم
يقول الكتاب: «فرفع إبراهيم عينيه ونظر وإذا كبش وراءه» (تكوين22: 13). لقد كان الكبش موجودًا في الغابة قبل أن يأتي إبراهيم وإسحاق إلى أرض المُرِيَّا، صورة لأزلية المسيح، فهو الذي «مخارجه منذ القديم، منذ أيام الأزل» (ميخا5: 2). ولقد شهد عنه المعمدان قائلاً: «هذا هو الذي قلتُ عنه: إن الذي يأتي بعدي صار قُدامي، لأنه كان قبلي» (يوحنا1: 15).
(3) الكبش مُمسَكًا من قرنيه
القرنان يتكلّمان عن القوة وبهما يدافع الكبش عن نفسه. وهذا الكبش كان مُمسَكًا من قرنيه؛ أي إنه لا يستطيع أن يدافع عن نفسه، وبالتالي لا يستخدم قوته وهنا يظهر ضعفه، صورة للمسيح؛ فهو الله القدير والقوي، والقادر على كل شئ، القائل: «هوذا بزجرتي أُنَشِّف البحر. أجعل الأنهار قفرًا» (إشعياء50: 3). لكن في طريق ذهابه إلى الصليب لم يستخدم قوته بل صار «كرجل لا قوة له» (مزمور88: 4).
عندما أتوا ليقبضوا عليه قال لهم: «من تطلبون؟ أجابوه: “يسوع الناصري”. قال لهم يسوع: “أنا هو”. فلما قال لهم: “إني أنا هو”، رجعوا إلى الوراء وسقطوا على الأرض» (يوحنا18: 4-6). وهذا يرينا أن كلمة واحدة منه كانت تكفي للقضاء على كل أعدائه الأشرار، لكنه لم يستخدم قوته هذه. لذلك صُلِب من ضعف (2كورنثوس13: 4). ولكن الشيء العجيب أنه في مشهد الضعف هذا ظهرت قوة الله، لأن ضعف الله أقوى من الناس (1كورنثوس1: 18، 25)!
(4) الكبش على المذبح مربوطًا
لقد ربط إبراهيم إسحاق ابنه ووضعه على المذبح فوق الحطب، ولكن قام إسحاق من على المذبح، وذهب إبراهيم وأخذ الكبش، ولكي يُصعده محرقة كان لا بُد أن يربطه، صورة للمسامير التي كانت في يدي المسيح ورجليه وهو مُعَلَّق على الصليب، فلقد قال بروح النبوة: «ثقبوا يديَّ ورجليَّ» (مزمور22: 6). لكن الذي ربط المسيح على الصليب ليس المسامير في يديه ورجليه لكن رُبُط المحبة، فهو الذي أحب الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها (أفسس5: 25).
(5) الكبش مذبوحًا
كان مع إبراهيم السكين ليذبح إسحاق ابنه، لكنه ذبح الكبش الذي وضعه على المذبح، صورة لذبح المسيح على الصليب كما هو مكتوب: «لأن فصحنا أيضًا المسيح قد ذُبِح لأجلنا» (1كورنثوس5: 7). وبالتأكيد تألَّم هذا الكبش كثيرًا عندما اجتاز السكين في رقبته، صورة للآلام التي اجتاز فيها المسيح - له المجد - وهو مُعَلَّق على الصيب كما هو مكتوب: «فإن المسيح تألَّم مرة واحدة من أجل الخطايا» (1بطرس3: 18).
عندما ذُبِح هذا الكبش سالت دماه على المذبح، ودم المسيح الثمين سُفِك على الصليب لأجلنا. فلقد خرج الدم من ظهره نتيجة الجلدات، ومن رأسه نتيجة إكليل الشوك، ومن يديه ورجليه نتيجة المسامير، ومن جنبه نتيجة الطعنة.
ونحن كمؤمنين بالرب يسوع قد تطهرنا من خطايانا بهذا الدم الثمين، فيجب علينا باستمرار أن نذكر حبه وآلامه وموته ودمه المسفوك لأجلنا.
(6) الكبش محروقًا بالنار
كان مع إبراهيم أيضًا نار، فبعد أن ذبح الكبش ومات، أحرقه بالنار ليصعده محرقة لله. وهذه النار التي اجتازت في الخروف تشير إلى الآلام الكفارية التي احتملها رب المجد على الصليب في ساعات الظلمة، فلقد قال بروح النبوة: «من العلاء أرسل نارًا إلى عظامي فَسَرَت فيها» (مراثي 1: 13). ما أرهبها تلك الدينونة التي من الله الديَّان العادل، والتي نزلت على المسيح!
إن كان الكبش لم يشعر بتلك النيران لأنه كان قد مات، لكن المسيح شعر بنيران تلك الآلام الكفارية الرهيبة، لذلك صرخ في نهاية ساعات الظلمة قائلاً: «إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟» (متى27: 46).
(7) الكبش فدى إسحاق
يذكر الكتاب أن إبراهيم «أخذ الكبش وأصعده محرقة عوضًا عن ابنه» (تكوين22: 13). لقد كان يجب أن يُذبَح إسحاق لكن إبراهيم ذَبَح الكبش عوضًا عن إسحاق، وبالتالي هذا الكبش أنقذ إسحاق من الذبح والموت والحرق، صورة للرب يسوع المسيح الذي بموته على الصليب أنقذنا من الموت والهلاك الأبدي، ولذلك نستطيع أن نتغنى قائلين: «الذي لنا فيه الفداء، بدمه غفران الخطايا» (كولوسي1: 14).
أخي، أختي، هذا الكبش فدى إسحاق وأنقذه من الموت لأنه قُدِّم عوضًا عنه، والرب يسوع المسيح الذي أحبك، مات على الصليب لأجلك. فهل استفدت من خلاصه المجاني المُقَدَّم لك؟ وهل احتميت في دمه الثمين؟
ولكل من تمتع بالخلاص والغفران وامتلك الحياة الأبدية، هل تعيش لنفسك أم لمن مات لأجلك وقام؟