في زمن ضَنَّ فيه الحب، وندرت فيه التضحية، جاءت هذه القصة، لتذكِّرنا بأعظم قصة حب في الوجود...
“يا بابا، مينا مات بدالي...”، هذا كل ما تبقي في ذاكرة الصبي حسن، الذي نسى الأحداث، وكل الناس، وفقد الذاكرة ونسى كل شيء، إلا مينا ذلك الشاب الذي أحبه ومات من أجله.
دارت أحداث هذه القصة في مدينة ملوي التي أغرقتها أمطار يناير 2011. كان مينا، وهو شاب من قرية البدرمان التابعة لمدينة ملوي بمصر، يعمل بائعًا للأسماك في محل يمتلكه والد حسن. وكان الصبي حسن يجلس في الشارع ويساعد مينا في البيع، وبفعل الأمطار الغزيرة تعرَّض عمود الكهرباء الذي كان يجلس حسن بجواره لماس كهربائي؛ فصرخ الصغير مستغيثًا بمينا، فشده مينا وألقى به بعيدًا، لكن الكهرباء أمسكت بجسم مينا المبلَّل بالماء، وصعقه التيار في الحال فمات. أما الصبي حسن فأصيب بفقدان في الذاكرة، إلا عبارة واحدة كان يكررها لأبيه ومُحِبيه وهي: “يا بابا، مينا مات بدالي”. هذا ما رواه لي أصدقاء مينا عندما ذهبت لأشارك والديه وأسرته بكلمة عزاء.
أما القصة التي تتفوق على كل القصص فهي قصة محبة المسيح، لأن لو عرف مينا أن إنقاذه لحسن سيكلِّفه حياته فربما تردد في ما فعل، أما المسيح وهو في طريقه للصليب لم يتردد قط بل قال: «لأجل هذا أتيت إلى هذه الساعة»، وأيضًا: «إلى الوراء لم أرتد، بذلت ظهري للضاربين وخديَّ للناتفين، وجهي لم أستر عن العار والبصق» (إشعياء50: 5، 6)، «وهو مجروح لأجل معاصينا، مسحوق لأجل آثامنا. تأديب سلامنا عليه، وبِحُبُره شُفِينا» (إشعياء53: 5).
القارئ العزيز..
هل تُقَدِّر من مات بَدَلَك، وضحى بنفسه من أجلك، وتنشد شاكرًا متضرعًا قائلاً:
ربي، منقذي، حبيبي، طيب القلب يسوع |
|
من قضي عني وماتَ بَدَلي |
|
ادنُ مني إنني جُعتُ إليك أيَّ جوع |
|
أنت يا قُوتَ حياتي، يا مَنْ مات بَدَلي |
|
أيها الرب حبيبي، يا من مات بَدَلي |