وُلد الفنان الشهير “مايكل آنجلو بيوناروتي Michael Angelo Buonarotti” في “كيوزي Chiusi” بإيطاليا عام 1474م، ورحل عن دنيانا من مدينة “روما” عام 1563م.
و“مايكل آنجلو” واحد من أشهر الرسامين على مَرِّ العصور، وهو أيضًا نحَّات ومهندس معماري وشاعر. وكان لفنِّه ولإنجازاته التأثير الكبير على الفنون في أوروبا والعالم في عصره والعصور المتلاحقة.
ومن أشهر أعماله كاتدرائية القديس بطرس بالفاتيكان والتي كلَّفه البابا “يوليوس الثاني” بإتمامها عام 1514م بعد وفاة الفنان “دوناتو برامانتى” الذي كان قد بدأ البناء فيها وتوفي سنة 1506م.
وقبل افتتاحها بأيام قليلة، كانت الكاتدرائية تحفة فنية رائعة ببنائها المكتمل ومحتوياتها الداخلية، وكانت النوافذ قد تم استيرادها من “إسبانيا”. ولكن - ويا لحزنهم - اكتشف العاملون فجأة أن شبَّاكا في الناحية الشرقية للكاتدرائية قد نُسيَ، وكان من المستحيل تأجيل الافتتاح. ولما بدا الارتباك على كل من بالفاتيكان، سمع الفنان “مايكل آنجلو” بالشبَّاك الذي قد نُسِي. فطمأنهم وسألهم: “أين طرحتم بواقي كِسَرْ الزجاج؟”
فاندهش الجميع متسائلين: “وماذا تفيد بواقي كِسَرْ الزجاج؟”
ولكن “مايكل آنجلو” أصرَّ على طلبه. فذهبوا لمكان القمامة، وجمعوا بواقي الزجاج. أخذ الفنان من كِسَرْ الزجاج، وبدأ لأول مرة يمارس فن الزجاج المعشَّق، وصنع من بواقي الزجاج المكسور شباكًا رائعًا به صورة فريدة معبِّرة عن شخص الروح القدس. ولم يتصور أحد ممن رأى هذه التحفة الفنية أنها مصنوعة من بواقي كِسَرْ الزجاج التي كانت في القمامة.
أصدقائي، بالطبع ليس السر في بواقي الزجاج المكسر، لكن في يد فنان عظيم هو “مايكل آنجلو”. اليد التي صنعت هذه اللوحة الرائعة ببواقي كِسَرْ الزجاج التي كانت في النفايات، فما أمهر وأروع يد الفنان!
إن يد “مايكل آنجلو” تذكِّرني بيد شخص أعظم وأمهر بما لا يقاس؛ يد فنان أطيب وأرق وأحن؛ يد المسيح الغالية والجميلة المكتوب عنها بالنبوة: «يَدَاهُ حَلْقَتَانِ مِنْ ذَهَبٍ مُرَصَّعَتَانِ بِالزَّبَرْجَدِ» (نشيد5: 14). وهذه بعض أعمال يده:
1- تخلق: «يَدَاكَ صَنَعَتَانِي وَأَنْشَأَتَانِي» (مزمور119: 73)، «مَنْ لاَ يَعْلَمُ مِنْ كُلِّ هَؤُلاَءِ أَنَّ يَدَ الرَّبِّ صَنَعتْ هَذَا! الَّذِي بِيَدِهِ نَفَسُ كُلِّ حَيٍّ وَرُوحُ كُلِّ الْبَشَرِ» (أيوب12: 9، 10)، «الْفَلَكُ يُخْبِرُ بِعَمَلِ يَدَيْهِ» (مزمور19: 1).
2- دُفع إليها كل شيء: «الآبُ يُحِبُّ الاِبْنَ وَقَدْ دَفَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي يَدِهِ. اَلَّذِي يُؤْمِنُ بِالاِبْنِ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ وَالَّذِي لاَ يُؤْمِنُ بِالاِبْنِ لَنْ يَرَى حَيَاةً بَلْ يَمْكُثُ عَلَيْهِ غَضَبُ اللَّهِ... يَسُوعُ وَهُوَ عَالِمٌ أَنَّ الآبَ قَدْ دَفَعَ كُلَّ شَيْءٍ إِلَى يَدَيْهِ» (يوحنا3: 35، 36؛ 13: 3).
3- مثقوبة لأجلي: «جَاءَ يَسُوعُ وَوَقَفَ فِي الْوَسَطِ وَقَالَ لَهُمْ: سلاَمٌ لَكُمْ. وَلَمَّا قَالَ هَذَا أَرَاهُمْ يَدَيْهِ وَجَنْبَهُ فَفَرِحَ التّلاَمِيذُ إِذْ رَأَوُا الرَّبَّ... فَقَالَ لَهُمْ (تُومَا): إِنْ لَمْ أُبْصِرْ فِي يَدَيْهِ أَثَرَ الْمَسَامِيرِ وَأَضَعْ إِصْبِعِي فِي أَثَرِ الْمَسَامِيرِ وَأَضَعْ يَدِي فِي جَنْبِهِ لاَ أُومِنْ... ثُمَّ قَالَ لِتُومَا: هَاتِ إِصْبِعَكَ إِلَى هُنَا وَأَبْصِرْ يَدَيَّ وَهَاتِ يَدَكَ وَضَعْهَا فِي جَنْبِي وَلاَ تَكُنْ غَيْرَ مُؤْمِنٍ بَلْ مُؤْمِنًا. أَجَابَ تُومَا: رَبِّي وَإِلَهِي!» (يوحنا20: 19-28).
4- تُطهِّر: «فَأَتَى إِلَيْهِ أَبْرَصُ يَطْلُبُ إِلَيْهِ جَاثِيًا وَقَائِلاً لَهُ: إِنْ أَرَدْتَ تَقْدِرْ أَنْ تُطَهِّرَنِي! فَتَحَنَّنَ يَسُوعُ وَمَدَّ يَدَهُ وَلَمَسَهُ وَقَالَ لَهُ: أُرِيدُ فَاطْهُرْ» (مرقس1: 41).
5- تحرِّر من الشيطان والانحناء: «فَلَمَّا رَآهَا يَسُوعُ دَعَاهَا وَقَالَ لَهَا: يَا امْرَأَةُ إِنَّكِ مَحْلُولَةٌ مِنْ ضُعْفِكِ. وَوَضَعَ عَلَيْهَا يَدَيْهِ فَفِي الْحَالِ اسْتَقَامَتْ وَمَجَّدَتِ اللهَ... وَهَذِهِ وَهِيَ ابْنَةُ إِبْرَهِيمَ قَدْ رَبَطَهَا الشَّيْطَانُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً أَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تُحَلَّ مِنْ هَذَا الرِّبَاطِ؟» (لوقا13: 12، 13، 16).
6- تفتح الآذان واللسان والعيون: «وَجَاءُوا إِلَيْهِ بِأَصَمَّ أَعْقَدَ... فَأَخَذَهُ مِنْ بَيْنِ الْجَمْعِ عَلَى نَاحِيَةٍ وَوَضَعَ أَصَابِعَهُ فِي أُذُنَيْهِ وَتَفَلَ وَلَمَسَ لِسَانَهُ وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ وَأَنَّ وَقَالَ لَهُ: إِفَّثَا؛ أَيِ انْفَتِحْ. وَلِلْوَقْتِ انْفَتَحَتْ أُذْنَاهُ وَانْحَلَّ رِبَاطُ لِسَانِهِ وَتَكَلَّمَ مُسْتَقِيمًا... ثُمَّ وَضَعَ يَدَيْهِ أَيْضًا عَلَى عَيْنَيْهِ وَجَعَلَهُ يَتَطَلَّعُ. فَعَادَ صَحِيحًا وَأَبْصَرَ كُلَّ إِنْسَانٍ جَليًا» (مرقس7: 32؛ 8: 25).
7- تشفي: «جَمِيعُ الَّذِينَ كَانَ عِنْدَهُمْ سُقَمَاءُ بِأَمْرَاضٍ مُخْتَلِفَةٍ قَدَّمُوهُمْ إِلَيْهِ فَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَشَفَاهُمْ» (لوقا4: 40).
8- تنقذ من الأمواج: «وَلَكِنْ لَمَّا رَأَى (بطرس) الرِّيحَ شَدِيدَةً خَافَ. وَإِذِ ابْتَدَأَ يَغْرَقُ صَرَخَ: يَا رَبُّ نَجِّنِي. فَفِي الْحَالِ مَدَّ يَسُوعُ يَدَهُ وَأَمْسَكَ بِهِ وَقَالَ لَهُ: يَا قَلِيلَ الإِيمَانِ لِمَاذَا شَكَكْتَ؟» (متى14: 31).
9- تُبارك البيت والأطفال: «وَقَدَّمُوا إِلَيْهِ أَوْلاَدًا لِكَيْ يَلْمِسَهُمْ... فَاحْتَضَنَهُمْ وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ وَبَارَكَهُمْ» (مرقس10: 16).
10- تغسل أرجل المؤمنين: «يَسُوعُ وَهُوَ عَالِمٌ أَنَّ الآبَ قَدْ دَفَعَ كُلَّ شَيْءٍ إِلَى يَدَيْهِ... قَامَ عَنِ الْعَشَاءِ وَخَلَعَ ثِيَابَهُ وَأَخَذَ مِنْشَفَةً وَاتَّزَرَ بِهَا ثُمَّ صَبَّ مَاءً فِي مِغْسَلٍ وَابْتَدَأَ يَغْسِلُ أَرْجُلَ التّلاَمِيذِ وَيَمْسَحُهَا بِالْمِنْشَفَةِ الَّتِي كَانَ مُتَّزِرًا بِهَا» (يوحنا13: 3-5).
11- تحفظ المؤمن: «خِرَافِي تَسْمَعُ صَوْتِي وَأَنَا أَعْرِفُهَا فَتَتْبَعُنِي. وَأَنَا أُعْطِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً وَلَنْ تَهْلِكَ إِلَى الأَبَدِ وَلاَ يَخْطَفُهَا أَحَدٌ مِنْ يَدِي. أَبِي الَّذِي أَعْطَانِي إِيَّاهَا هُوَ أَعْظَمُ مِنَ الْكُلِّ وَلاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْطَفَ مِنْ يَدِ أَبِي. أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ» (يوحنا10: 27-30).
12- ترفع: «فَتَوَاضَعُوا تَحْتَ يَدِ اللهِ الْقَوِيَّةِ لِكَيْ يَرْفَعَكُمْ فِي حِينِهِ» (1بطرس5: 6).
13- تعطي نجاحًا للخدمة: «وَكَانَتْ يَدُ الرَّبِّ مَعَهُمْ فَآمَنَ عَدَدٌ كَثِيرٌ وَرَجَعُوا إِلَى الرَّبِّ» (أعمال11: 21).
14- تبارك المؤمن: «وَأَخْرَجَهُمْ خَارِجًا إِلَى بَيْتِ عَنْيَا وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَبَارَكَهُمْ» (لوقا24: 50).
صديقي القارئ العزيز، صديقتي القارئة العزيزة، هل رأيتَ كيف أن يد الرب يسوع أعظم بما لا يقاس من يد الفنان “مايكل آنجلو”؟! حتى إن كنتَ كالزجاج المكسور، تعالَ إليه ليُعيد تشكيلك لأنه الفخاري الأعظم: «فَفَسَدَ الْوِعَاءُ الَّذِي كَانَ يَصْنَعُهُ مِنَ الطِّينِ بِيَدِ الْفَخَّارِيِّ، فَعَادَ وَعَمِلَهُ وِعَاءً آخَرَ كَمَا حَسُنَ فِي عَيْنَيِ الْفَخَّارِيِّ أَنْ يَصْنَعَهُ. فَصَارَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ: أَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَصْنَعَ بِكُمْ كَهَذَا الْفَخَّارِيِّ» (إرميا18: 4). فهل تأتي إليه الآن مُصَلِّيًا؟
صلاة:
يا رب يا من خلقتني بكل اتقان... يداك أجمل وأمهر من أعظم فنان... أسلِّمك حياتي لتشكِّل فيَّ الآن.. يا من جُرِحت لأجلي وذقت المُرَّ والهوان.. آمين!