ولد الموسيقار الألماني الشهير فيليكس مندلسون Felix Mendelssohn في مدينة هامبورج، في 3 فبراير 1809م، نشأ في برلين في جو من الهدوء والرخاء، ودرس في باريس. بدأ التلحين وهو في التاسعة من عمره وأول عمل مشهور له كان في السابعة عشر من عمره وهو “حلم ليلة صيف”. ويعتبر ماندلسون موسيقيًا كلاسيكيَ الذوق، تأثّر بكل من “باخ” و“هاندل”، وأسس أول معهد للموسيقى في أوربا. وهو قائد أوركسترا وقد ألَّف كونشرتو للكمان كتبه لأحد أصدقائه فجاء تحفة في اللحن والعذوبة.
في يوم من الأيام سمع مندلسون عن “أرغن” عجيب جدًا في “كاتدرائية فريبورج Fribourg Cathedral”، وتمنى من كل قلبه أن يعزف على هذا الأرغن ولو مرة في حياته. ولذلك سافر خصيصًا إلى مدينة فريبورج، ودخل الكاتدرائية، فقابل رجلاً مسنًّا هو المسؤول عن المكان، وطلب منه أن يعزف على الأرغن ولو مرة واحدة. فأجابه المسؤول بالرفض القاطع، قائلاً: لا يمكن لغريب أن يلعب على الأرغن العجيب الخاص بنا. توسل إليه مندلسون مرة ومرات، قائلاً له إنه آتى من بعيد ليعزف ولو مرة على هذا الأرغن. ومن شدة لجاجة مندلسون، سمح له الحارس الشيخ. ففتح مندلسون الأرغن، وابتدأ يعزف.
أصغى الرجل الشيخ، وأمتلأت أرجاء الكاتدرائية بأحلى وأعذب الألحان، فطرب الحارس العجوز بالموسيقى التي لم يسمع نظيرها طوال حياته، وأمتلأت عيناه بالدموع، فسأل وهو يضع يده على كتف الموسيقي: ما اسمك؟ ولما سمع أنه فيليكس مندلسون، شهق، وظل يبكي ويقول: كدت ارتكب أسوأ خطإ في حياتي وأمنع شرف وحلاوة أن يجلس فيليكس مندلسون على الأرغن الخاص بنا.
عزيزي القارئ.. عزيزتي القارئة..
كثيرًا ما نكون مثل هذا الحارس الشيخ، ونرفض دخول المسيح لقلوبنا ليعزف على أرغن حياتنا أعذب سيمفونية رائعة. اسمعه، وهو الأعظم من فيليكس مندلسون بما لا يقاس، يقول لك مع كنيسة لاودوكية: «هَئَنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ الْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي. مَنْ يَغْلِبُ فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَجْلِسَ مَعِي فِي عَرْشِي، كَمَا غَلَبْتُ أَنَا أَيْضًا وَجَلَسْتُ مَعَ أَبِي فِي عَرْشِهِ» (رؤيا3: 20و21). والآن إلى جولة سريعة مع هذا اللاودوكي الذي وجَّه إليه الرب الكلام:
أولاً: اللاودوكي المخدوع
1- معنى الاسم “الشعب يحكم نفسه بنفسه”، لفعل الإرادة الذاتية (قضاة21: 25)، عكسُ (رومية12: 1و2).
2- فاتر: «أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ، أَنَّكَ لَسْتَ بَارِدًا وَلاَ حَارًا. لَيْتَكَ كُنْتَ بَارِدًا أَوْ حَارًا. هَكَذَا لأَنَّكَ فَاتِرٌ، وَلَسْتَ بَارِدًا وَلاَ حَارًا، أَنَا مُزْمِعٌ أَنْ أَتَقَيَّأَكَ»، يذكرنا هذا بما قاله إيليا للشعب «حَتَّى مَتَى تَعْرُجُونَ بَيْنَ الْفِرْقَتَيْنِ؟ إِنْ كَانَ الرَّبُّ هُوَ اللهَ فَاتَّبِعُوهُ، وَإِنْ كَانَ الْبَعْلُ فَاتَّبِعُوهُ» (1ملوك18: 21).
3- في خطر الهلاك: إذ يقول له الرب: «أَنَا مُزْمِعٌ أَنْ أَتَقَيَّأَكَ مِنْ فَمِي».
4- دائمًا يتحدث عن نفسه: فهو:
(أ) كثير الأقوال: «لأَنَّكَ تَقُول»، عكس بناياهو “كثير الأفعال” (2صموئيل23: 20).
(ب) حديثة دائمًا عن نفسه: «إِنِّي أَنَا...» (يعقوب2: 14).
5- مخدوع في نفسه:
(أ) يدّعي الغنى: «إِنِّي أَنَا غَنِيٌّ»، وما أعسر دخول المتكلين على الأموال إلى ملكوت الله (مرقس10: 24).
(ب) يعلن الاستغناء: «وَقَدِ استغنيت»، الاستغناء عن الرب بالعالم عكس المؤمن المكتفي (2كورنثوس9: 8، 11).
(ج) يظهر عدم الاحتياج للرب: «وَلاَ حَاجَةَ لِي إِلَى شَيْءٍ» (أيوب21: 12-15).
ثانيًا: مشورة للرجوع
1- اسمعه الرب فهو الأمين: فهَذَا يَقُولُهُ
(أ) الأمِين: «لأَنْ مَهْمَا كَانَتْ مَوَاعِيدُ اللهِ فَهُوَ فِيهِ النَّعَمْ وَفِيهِ الآمِينُ، لِمَجْدِ اللهِ» (2كورنثوس1: 20).
(ب) الشَّاهِدُ الأَمِينُ الصَّادِق: «هَذِهِ هِيَ الشَّهَادَةُ: أَنَّ اللهَ أَعْطَانَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَهَذِهِ الْحَيَاةُ هِيَ فِي ابْنِهِ. مَنْ لَهُ الاِبْنُ فَلَهُ الْحَيَاةُ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ ابْنُ اللهِ فَلَيْسَتْ لَهُ الْحَيَاةُ» (1يوحنا5: 9-12).
2- اعترف بالمرض اللعين: «وَلَسْتَ تَعْلَمُ»، «لاَ يَحْتَاجُ الأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيبٍ بَلِ الْمَرْضَى» (متى9: 12).
(أ) أَنَّكَ أَنْتَ الشَّقِيُّ (1كورنثوس 15: 19)، «كُلُّ أَيَّامِ الْحَزِينِ شَقِيَّةٌ أَمَّا طَيِّبُ الْقَلْبِ فَوَلِيمَةٌ دَائِمَةٌ» (أمثال15: 15، 16).
(ب) وَالْبَائِسُ: البؤس بدون المسيح أما «الله فلم يعطنا روح الفشل» (2تيموثاوس1: 7).
(ج) وَفَقِيرٌ: «يستعطي» (مرقس 10: 46، انظر لوقا7: 42). «من أجلكم افتقر وهو غني لكي تستغنوا أنتم بفقره» (2كورنثوس8: 9).
(د) وَأَعْمَى: لأن «إِلَهُ هَذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لِئَلاَّ تُضِيءَ لَهُمْ إِنَارَةُ إِنْجِيلِ مَجْدِ الْمَسِيحِ» (2كورنثوس4:4).
(هـ) وَعُرْيَانٌ: «مَنْ أَعْلَمَكَ أَنَّكَ عُرْيَانٌ؟..» فالإنسان مكشوف أما الذي يعرف سرائر الناس وسيدينها (تكوين3: 11 ورومية2: 16).
ثالثًا: مشورة وغنى ثمين
أُشِيرُ عَلَيْكَ:
1- «أَنْ تَشْتَرِيَ مِنِّي ذَهَبًا مُصَفًّى بِالنَّارِ لِكَيْ تَسْتَغْنِي» (البر الإلهي بالفداء - رومية3: 24 و1بطرس1: 18).
2- «وَثِيَابًا بِيضًا لِكَيْ تَلْبَس فَلاَ يَظْهَرُ خِزْيُ عُرْيَتِكَ» (تغيير المظهر - رؤيا19: 8 ورومية13: 14).
3- «وَكَحِّلْ عَيْنَيْكَ بِكُحلٍ لِكَيْ تُبْصِرَ» (نور الروح القدس - 2كورنثوس4: 6 وأفسس1: 18).
4- «إِنِّي كُلُّ مَنْ أُحِبُّهُ أُوَبِّخُهُ وَأُؤَدِّبُهُ. فَكُنْ غَيُورًا وَتُبْ» (التوبة منه - إرميا31: 18).
رابعًا: قرعات الرب يسوع
1- يريدك: «هَئَنَذَا وَاقِفٌ».
2- يحترم ارادتك: «عَلَى الْبَابِ».
3- يسمعك صوته: «وَأَقْرَعُ».
4- القرار في يدك: «إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ الْبَابَ».
5- الشبع والشركة معه:« أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي».
6- النصرة به: «مَنْ يَغْلِبُ».
7- الملك والسماء معه: «فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَجْلِسَ مَعِي فِي عَرْشِي، كَمَا غَلَبْتُ أَنَا أَيْضًا وَجَلَسْتُ مَعَ أَبِي فِي عَرْشِهِ».
صلاة :
يا ربي يسوع يا أغلى الأحباب..
يا من لأجلي احتملت الصلب والعذاب..
تعالَ لقلبي إني أفتح لك الباب..
لتمتلكه وتتوَّج فيه أنت يا رب الأرباب.. آمين