“الوز” أو بالفصحى “الأوز” هو طائر غني عن التعريف، من ضمن ما يتميز به أنه يستطيع السباحة (العوم) بسلاسة وطلاقة. والمثل في معناه الحرفي أن الأوز (والذي يبيض ولا يلد) يأتي بأبناء يعرفون السباحة بالطبيعة دون احتياج أن يعلِّمهم أحد. والمثل يُقال عندما تظهر صفات أو مواهب الأب أو الأم في أبنائهما تلقائيًا؛ عندما يكون ابن الفنان فنانًا، وابن الكريم كريمًا. كما يُقال كتدليل على أن الصغار هم أبناء آبائهم بالحق إذ يحملون صفاتهم ويشبهونهم. وهذا يعلِّمنا درسًا روحيًا هامًا.
فكلّ منا، روحيًا، له أبٌ واحد من اثنين: إما الله أو إبليس! بالطبيعة نحن أولاد الغضب لأننا أولاد إبليس (أفسس2: 3)، لكن يمكن أن يتغير الحال بالإيمان القلبي الحقيقي بالمسيح «وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ» (يوحنا1: 12).
وقد أكَّد الرب حقيقة مشابَهة الأبناء لأبيهم لليهود الأشرار عندما رأي عدم صدقهم ورغبتهم في قتله، فقال «أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ، وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا. ذَاكَ كَانَ قَتَّالاً لِلنَّاسِ مِنَ الْبَدْءِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَقِّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَق. مَتَى تَكَلَّمَ بِالْكَذِبِ فَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ مِمَّا لَهُ، لأَنَّهُ كَذَّابٌ وَأَبُو الْكَذَّابِ» (يوحنا8: 44). وعلى الجانب الآخر يحرِّض، في موعظته الأشهر، من يدعون الله أبًا: «لْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ... فَكُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ كَامِلٌ» (متى5: 16، 48).
لذا يجب أن نلتفت أن أعمالنا هي المحك الذي يُظهر طبيعتنا، وشهادة تُعلِن أمام الجميع إلى من ننتمي. يقول يوحنا الرسول: «بِهذَا أَوْلاَدُ اللهِ ظَاهِرُونَ وَأَوْلاَدُ إِبْلِيسَ: كُلُّ مَنْ لاَ يَفْعَلُ الْبِرَّ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ، وَكَذَا مَنْ لاَ يُحِبُّ أَخَاهُ» (1يوحنا3: 10). فمن يظهر إذًا في حياتك عزيزي القاريء؟ من تقول أعمالك أنه أبوك؟
فإن كنت بالإيمان الحقيقي ابنًا لله فاسمع تحريض بولس الرسول: «كُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِاللهِ كَأَوْلاَدٍ أَحِبَّاءَ» (أفسس5: 1)، وانتبه أيضًا لما يقول بطرس الرسول: «كَأَوْلاَدِ الطَّاعَةِ، لاَ تُشَاكِلُوا شَهَوَاتِكُمُ السَّابِقَةَ فِي جَهَالَتِكُمْ، بَلْ نَظِيرَ الْقُدُّوسِ الَّذِي دَعَاكُمْ، كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا قِدِّيسِينَ فِي كُلِّ سِيرَةٍ. لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: كُونُوا قِدِّيسِينَ لأَنِّي أَنَا قُدُّوسٌ. وَإِنْ كُنْتُمْ تَدْعُونَ أَبًا الَّذِي يَحْكُمُ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ حَسَبَ عَمَلِ كُلِّ وَاحِدٍ، فَسِيرُوا زَمَانَ غُرْبَتِكُمْ بِخَوْفٍ» (1بطرس1: 14-17).
فليتنا كأبناء لله نشابه أبينا ونحيا حياة القداسة لنشابهه، فنكون قديسين لأنه هو قدوس.