قصة تجديد جنرال يهودي... سمعت هذه القصة المدهشة عن رجل في الستّينات من العمر اسمه حزقيال، كان أحد الجنرالات في الجيش الإسرائيلي. لديه العديد من الذكريات الحافلة بالتفاصيل إذ يمكنه إخبار قصة تلو الأخرى عن المعارك العديدة التي خاضها والانتصارات التي أحرزها. جذور عائلته عميقة وعريقة. كان له من العبقرية والقدرات الذهنية الفذة ما جعله متفوقاً في مجالات عديدة. حاز لقب “بطل الشطرنج” على المستوى المحلي والدولي وذاع صيته على مستوى المسابقات الدولية. كان حزقيال يدرس العهد القديم بتأنٍ وتدقيق خلال سنوات الخدمة العسكرية الخمسة عشر، ومن عمر ست سنوات وهو يحفظ أجزاء كثيرة من التوراة بصورة منتظمة.
تقاعد من الخدمة العسكرية بعد نجاح كبير كمخطِّط إستراتيجي، فقام بعمل مشروع استثماري خاص به. في غضون سنوات قليلة كان قد حقَّق أرباحًا طائلة تقدَّر بعشرات الملايين من الدولارات. لم تمضِ فترة طويلة حتى اتّجه إلى لعب القمار، إذ كان لديه الكثير من المال والوقت أن يسافر إلى جميع أنحاء العالم متجهًا حيثما يوجد كازينوهات للقمار. وفي خلال عام واحد بلغت خسائره أكثر من مليون دولار.
أصيب فجأة بأزمة قلبية ونُقل إلى المستشفى، وبينه وبين الموت خطوة. هناك قالت له زوجته بلهجة شديدة: “يجب أن تكُفَّ عن لعب القمار. كفى مجازفة بالعمر وإهدار الوقت والمال. لن أحتمل أن أعيش معك في هذا الجو أكثر من ذلك. إن صممت أن تستمر فلا أملك حلاً سوى أن أتركك، أطلقك وأمضي لحال سبيلي”. فقرر أن يودع كل أصوله في حساب باسمها ليظهر لها حسن نيته ولكي يحمي نفسه من الانزلاق مرة أخرى في طريق القمار.
لم يمضِ من الوقت طويلاً حتى عاد مرة أخرى إلى كازينوهات القمار وبصورة أكثر مما سبق، فطلقته زوجته وفقد كل ماله الذي أودعه في حسابها، ولم يبقَ له سوى بعض الدولارات كان يحتفظ بها معه.
لقد خسر كل شيء؛ خسر زواجه، وفقد كرامته، ولم يبقَ له حتى ما يكفي لقوته اليومي. فكَّر أن ينهي حياته التعسة، فقرر أن يذهب إلى أحد الأبراج الشاهقة ويلقي بنفسه من الدور الثاني والعشرين. وفي طريقه إلى هناك شعر بأنه مريض جدًا. يقول وهو يتذكر تلك اللحظات الخطيرة: “كنت في شدة الوهن، لدرجة أنه لم تكن فيَّ أي قوة تمكنني أن أقتل نفسي!”. رغم أنه مخطِّط استراتيجي بارع بطبيعته، لكن هذه المرة باءت خطة انتحاره بالفشل! بدأ يتقيأ دمًا من فمه، فاستدعى الطبيب، الذي أمر بنقله فورًا إلى المستشفى، وفي طريقه إلى هناك احتال عليه شخص وأخذ كل النقود المتبقية معه، ولم يتبق معه سوى حقيبة ملابس صغيرة وتذكرة عودة إلى وطنه بعد 17يوم من تاريخه، بلا محفظة ولا مال ولا بطاقة تعريف ولا أي شيء. فقال لنفسه :أين أذهب؟ فنصحوه أن يذهب إلى مركز رعاية المشردين في أتلانتيك سيتي.
جنرال العسكري، صاحب المركز المرموق والتاريخ الحافل بالإنجازات والانتصارات، العبقري الفذ، وبطل الشطرنج العالمي، ورجل الأعمال الثري؛ انتهى حاله بأن يكون مآله ملجأً للمشردين، ينتظر أن يأتي ميعاد الطائرة التي ستعيده إلى وطنه بائسًا وفقيرًا!
في الملجإ سمع واحدًا يقول له “تبدو من كلامك أنك يهودي”. فأجابه: “نعم، أنا كذلك”. فقال له الرجل “يوجد هنا كتاب مقدس، هيا اقرأ إنجيل متى”!
لم يقاوم حزقيال هذه النصيحة بل عكف على قراءة إنجيل متى. قرأه مرتين، وعند قراءته للمرة الثانية كان قد تيقن أن يسوع هو المسيا الموعود به والذي ينتظره اليهود. فقبله مخلِّصًا له. يقول عن اختباره: “بعد أن قرأت إنجيل متى للمرة الثانية فهمت على التو العهد القديم كله، فهمته جملة وتفصيلاً. لقد وجدت المسيح في كل صفحة من صفحاته. فهمت أن المسيح هو يهوه، الرب، كما تيقنت أن المسيح هو نفسه الله، إيلوهيم. لقد لمع العهد القديم ووضح في نور العهد الجديد”.
ظل حزقيال يقرأ في الكتاب المقدس من 8 إلى 10 ساعات يوميًا. يومًا وراء الآخر كان الروح القدس يعلن له أكثر عن المسيح. قال: “الآن أنا أفهم العهد الجديد. أفهم ما يقوله بولس وأفهم ما قاله المسيح عن الفريسيين. الآن أدركت أنني نشأت في عائلة يهودية فريسية. الآن صار لي الكتاب المقدس كتابا حيًا، من الغلاف للغلاف. إن جل مرادي في الحياة أن أدرس كلمة الله أكثر وأن أشهد لشعبي عن موضوع الكتاب”.
عقَّب أحدهم على هذا الاختبار بالقول: يا لقوة كلمة الله! يا لروعة تأثيرها! هل كنت أتوقع أن كلمة بسيطة مثل هذه: «هيا أقرأ إنجيل متى»! تحدث هذا التغيير المدهش في حياة ذلك الجنرال ورجل الأعمال، بل المقامر البائس الرحال!!
عزيزي القارئ تذكَّر من جديد أن كلمة الله لها قوتها وتأثيرها. كل من قرأ هذا الكتاب وتجاوب مع إعلاناته، تغيرت حياته من التعاسة والنجاسة إلى الفرح والتقوى، من مجرم آثم إلى قديس نافع. كما رأينا في هذه القصة الرائعة وحدة مضمون الكتاب المقدس. إذ يدور محتواه حول شخصية واحدة من أوله لآخره، وهو المسيح؛ فى العهد القديم نراه مظلَّلاً، وفى العهد الجديد نراه مُعلَنًا. في الأناجيل نرى تفاصيل شخصيته، وفي الرسائل نتائج عمله وتأثيره في كل من يتبعونه. الكاتب المسيحي «أدولف سافير» نشأ في عائلة يهودية ثم افتقدته نعمة الله وفتح الرب بصيرته الروحية وفهم العهد القديم في ضوء العهد الجديد فكتب هذا التعليق الشهير: “العهد القديم هو الليل الذي أضاء فيه قمر النبوة ولمعت فيه نجوم الرموز. كل الحقائق الثمينة المُعلَنة فيه، بعد أن سطع عليها نور إعلان العهد الجديد، وضحت فلمعت”.
«لأَنَّ كَلِمَةَ اللهِ حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ، وَخَارِقَةٌ إِلَى مَفْرَقِ النَّفْسِ وَالرُّوحِ وَالْمَفَاصِلِ وَالْمِخَاخِ، وَمُمَيِّزَةٌ أَفْكَارَ الْقَلْبِ وَنِيَّاتِهِ» (عبرانيين4: 12).