مثل مصري شهير، يُقصد به التنبيه بأن الكذب لا بد وأن ينكشف يومًا.
اتفق حنانيا وسفيره على الكذب في أمر ثمن الحقل الذي باعاه، ولكن الله كشف كذبهما سريعًا، والنتيجة كانت مرعبة (أعمال5). وكذب أبناء يعقوب عليه بادعائهم أن يوسف افترسه وحش، ومرت سنوات وكُشف الأمر إذ وجدوا أنفسهم أمام يوسف راكعون بعد سلسلة من المواقف المُرَّة التي أجازهم الرب فيها (تكوين 37؛ 43).
وفي سفر الأمثال نرى هذا المبدأ واضحًا في قوله «شَفَةُ الصِّدْقِ تَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ، وَلِسَانُ الْكَذِبِ إِنَّمَا هُوَ إِلَى طَرْفَةِ الْعَيْنِ (ينكشف سريعًا)»، كما يحذر من تحقيق أي مكاسب (سواء أدبية أم مادية) بالكذب «خُبْزُ (الذي تناله عن طريق) الْكَذِبِ لَذِيذٌ لِلإِنْسَانِ، وَمِنْ بَعْدُ يَمْتَلِئُ فَمُهُ حَصًى»، «جَمْعُ الْكُنُوزِ بِلِسَانٍ كَاذِبٍ، هُوَ بُخَارٌ مَطْرُودٌ لِطَالِبِي الْمَوْتِ (بترجمة أخرى: جمع الثروة عن طريق الكذب، بخار يتبدد وفخ مميت)» (أمثال12: 19؛ 20: 17؛ 21: 6).
وموقف الله من الكذب واضح: «كَرَاهَةُ الرَّبِّ شَفَتَا كَذِبٍ، أَمَّا الْعَامِلُونَ بِالصِّدْقِ فَرِضَاهُ» (أمثال12: 22؛ 6: 17). ولقد قرَّر الرب بفمه الكريم أن «إِبْلِيسُ... كَذَّابٌ وَأَبُو الْكَذَّابِ» (يوحنا8: 44). وجدير بالذكر أن الله يرى الكذب موجَّهًا ضده هو مباشرة (كما في قصة حنانيا وسفيرة)؛ فالكاذب يعتقد أن “ليس من يراه”، وكأنه ضمنًا يعتبر أن الله نفسه لا يراه! لذلك لا عجب أن نقرأ «وَجَمِيعُ الْكَذَبَةِ، فَنَصِيبُهُمْ فِي الْبُحَيْرَةِ الْمُتَّقِدَةِ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ، الَّذِي هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي». (رؤيا21: 8)، ويا له من مصير!
أما بالنسبة للمؤمنين الحقيقيين، الذين اغتسلوا بدم المسيح، فالتحريض لهم «لِذلِكَ اطْرَحُوا عَنْكُمُ الْكَذِبَ، وَتَكَلَّمُوا بِالصِّدْقِ كُلُّ وَاحِدٍ مَعَ قَرِيبِهِ، لأَنَّنَا بَعْضَنَا أَعْضَاءُ الْبَعْضِ»، «لاَ تَكْذِبُوا بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ، إِذْ خَلَعْتُمُ الإِنْسَانَ الْعَتِيقَ مَعَ أَعْمَالِهِ» (أفسس4: 25؛ كولوسي3: 9). فلا يليق باتباع المسيح، الذي هو الحق، أن يسيروا في طريق الكذب. فلندقِّق في كلامنا ولا نقول إلا الصدق لأننا تنكلم أمام الله الذي يرى ويعلم ما في قلوبنا (رومية9: 1؛ 2كورنثوس11: 31؛ غلاطية1: 20).
بقي أن أترك معك فكرة صغيرة عن أنواع من الكذب قد نتغافل عنها: «مَنْ قَالَ: “قَدْ عَرَفْتُهُ (الله)” وَهُوَ لاَ يَحْفَظُ وَصَايَاهُ، فَهُوَ كَاذِبٌ وَلَيْسَ الْحَقُّ فِيهِ... إِنْ قَالَ أَحَدٌ:“إِنِّي أُحِبُّ اللهَ” وَأَبْغَضَ أَخَاهُ، فَهُوَ كَاذِبٌ. لأَنَّ مَنْ لاَ يُحِبُّ أَخَاهُ الَّذِي أَبْصَرَهُ، كَيْفَ يَقْدِرُ أَنْ يُحِبَّ اللهَ الَّذِي لَمْ يُبْصِرْهُ؟» (1يوحنا2: 41؛ 4: 20).
فلنفحص أنفسنا!