بشيرمن يتبع الرب مميَّزٌ عن مَن حوله بصفات غير موجودة في الناس، بل وأحيانا في كثير من المؤمنين. صفات لا يكتسبها أو يتعلمها من الناس بل يراها ويتعلمها من الرب الذي يتبعه وبالتالي يتبع هذه الصفات مثل: المحبة، الخير، السلام، القداسة، البر، الإيمان، التقوى، الوداعة - تكلمنا عن هذه الأمور في العدد السابق - صفات من يتبعها ويتحلى بها سيساعده هذا على ما سنتكلم عنه في هذا العدد وهو:
لا تتبع
يذكر الكتاب أشياء كثيرة يحاول الشيطان من خلالها أن يجذب أو يعطل تابع المسيح عن إكمال سيره وراء الرب، أو على الأقل يجعله يعرج بين الفرقتين. وإليك بعض ما لا يجب أن تتبعه:
1- «وَيَقُولُونَ لَكُمْ:هُوَذَا ههُنَا! أَوْ: هُوَذَا هُنَاكَ! لاَ تَذْهَبُوا وَلاَ تَتْبَعُوا» (لوقا17: 23). علّمنا الرب في الكتاب المقدس: أين يكون حاضرًا، أين نراه، أين نسمع صوته. وأحيانا قد نُحرم من رؤياه وسماع صوته بسبب ظروف خارجية أو حالة المؤمنين الروحية، فيقوم وسط هذا الجو من يستغل عدم (أو ضعف) إيمان الآخرين وينادون بتعاليم غريبة خاصة بالمسيح ومجيئه وحضوره، فيقولون لمن هم هنا: المسيح هناك، ولمن هناك: المسيح هنا. والتحذير هنا لا تتبعوا هؤلاء وتعاليمهم، بل ننتظره، وننظره كما قال هو ونجده حيث سبق وأعلن؛ فمكانه «حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي، فهناك أكون في وسطهم» (متى18: 20)، وتعاليمه حيث أعلنها في كتابه النافع للتعليم والتوبيخ والتقويم والتأديب الذي في البر والذي من خلاله يمكن لإنسان الله أن يكون كاملاً (2تيموثاوس3: 16). وعن القيادة والإرشاد، حيث الروح القدس يأخذ مكانه ومجاله في الاجتماع، فيقود ويرشد ويعلم ويّذكر ويخبر بأمور آتية (إقرأ يوحنا14: 26؛ 16: 13-14).
2- «لاَ تَتْبَعِ الْكَثِيرِينَ إِلَى فَعْلِ الشَّرِّ» (خروج23: 2): من الإمور الواضحة في الكتاب أن تابعي الرب قليلين، أما تابعي الشر فما أكثرهم، أناس لا يجدوا سرورهم إلا في البحث عن الشر وإتِّباعه، وإن لم يجدوه يخترعوه. أما تابع المسيح فلا يتبع هؤلاء بل ينفصل عنهم، وعندما يبصر شرهم يتوارى (أمثال22: 3)؛ لأن إتِّباعه يؤدي إلى الموت «كَمَا أَنَّ الْبِرَّ يَؤُولُ إِلَى الْحَيَاةِ كَذلِكَ مَنْ يَتْبَعُ الشَّرَّ فَإِلَى مَوْتِهِ» (أمثال11: 19). أيضًا هناك كثيرين وسط الكنائس وشرهم يظهر ليس في صورة أفعال شريرة يرتكبونها بل في عدم اتباعهم الحق، فالحق ليس دائمًا مع الكثرة، ففي أيام إيليا كان هناك 850 نبي للبعل والسواري، وإيليا وحده نبيًا للرب، وفي العهد الجديد يكتب بولس عن الكثيرين الذين يسيرون بين المؤمنين ويذكرهم باكيًا لأنهم أعداء صليب المسيح (فيلبي3: 18). وفي آخر أسفار الكتاب يكتب إلى الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي سَارْدِسَ عن الكثيرين: «لَكَ اسْمًا أَنَّكَ حَيٌّ وَأَنْتَ مَيْتٌ. (وعن تابعي الرب) عِنْدَكَ أَسْمَاءٌ قَلِيلَةٌ فِي سَارْدِسَ لَمْ يُنَجِّسُوا ثِيَابَهُمْ، فَسَيَمْشُونَ مَعِي فِي ثِيَابٍ بِيضٍ لأَنَّهُمْ مُسْتَحِقُّونَ» (رؤيا3: 1 4). فلا تتبع فاعلي الشر ولا تخف من الشهادة لهم.
3– «ويل للمبكرين صباحًا يتبعون المسكر للمتأخرين في العتمة تلهبهم الخمر. وصار العود والرباب والدف والناي والخمر ولائمهم وإلى فعل الرب لا ينظرون وعمل يديه لا يرون» (إشعياء5: 11، 12). لننظر لهذا الأمر - الخمر والمسكر - حرفيًا ورمزيًٍا. فكثيرون - وبكل أسف - ممن يدّعون أنهم تابعين المسيح يشربون الخمور والمخدرات، ولهؤلاء نقول: إن لم تتوبوا فأنتم مهلكون أجسادكم وهالكون في أبديتكم. وأما رمزيًا، فالمسكر والخمر صورة لملذات وأفراح العالم، وتابع المسيح لا يسعى لإبهاج وإسعاد نفسه بالموسيقى والاغاني ومشاهدة الأفلام وكافة الملذّات العالمية. والكتاب المقدس يحذِّر النذير والملك والكاهن والنبي من المسكر والخمر (عدد6: 3؛ أمثال31: 4؛ إشعياء28: 7). وأظن أن تابع المسيح ليس أقل منهم، بل هو فعلاً ملك وكاهن، ولأنه افترز وتخصص للمسيح فهو نذير. ولا يظن أحد من تابعي المسيح أنه محروم من شيء يتمتع به غيره، لأنه يمتلك ويتمتع بمحبة المسيح التي هي أطيب من الخمر (نشيد1: 2).
4- «فتتبع محبيها ولا تدركهم وتفتش عليهم ولا تجدهم» (هوشع2: 7). هذا هو الزنى الروحي: كل من مال قلبه وأحب آخر غير المسيح. والدافع واضح ومعروف، وهو البحث عن، والجري وراء، عطايا وهمية كالمأكل والملبس والسكن والمتعة والزواج، أشياء هي في حقيقتها سراب لن تصل إليها، ولن تجد ممن أوهموك الحب. اسأل الابن الضال الذي لم يجد أحد يعطيه شيئَا ولا حتى طعام الخنازير (لوقا15). لكن ماذا عن الرب ونعمته لمن تبع هؤلاء؟ إنه يغلق الطريق عليهم بسياج من الشوك وبناء سور أمامهم «عندما ضيق عليك وأصابتك كل هذه الأمور في آخر الأيام ترجع إلى الرب إلهك وتسمع لقوله» (تثنية4: 30).
5- «وعمل سليمان الشر في عيني الرب، ولم يتبع الرب تمامًا كداود أبيه. وأوصاه في هذا الأمر أن لا يتبع آلهة أخرى. فلم يحفظ ما أوصى به الرب» (1ملوك11: 6-11). السبب المباشر في الخطإ واتباع شيء مما ذكرناه أو أشياء أخرى، ليس محبة هذه الأشياء وجاذبيتها فقط بل هو “عدم اتّباع الرب تمامًا، وعدم حفظ وصاياه”، وهذا ما سقط فيه سليمان الملك بكل أسف. فوصية الرب له - كبقية الملوك - هي أن لا يكثر النساء والذهب والخيل، ولكنه هنا أحب نساء كثيرة، فأملن قلبه وراء آلهة أخرى، وعمل الشر في عيني الرب، وتبع آلهة أخرى! وتم فيه ما كتبه داود ابيه في مزمور16 «تكثر أوجاعهم الذين أسرعوا وراء (إله) آخر». وقد تسأل عن الآلهة الأخرى وما هي؟ هي أي شىء يميل له القلب ويتعلق به غير المسيح ويقودك لعدم اتّباع الرب.
صديقي:
لا تتبع كل من يقول، بل من يتكلم كأقوال الله.
لا تتبع الأكثرية، بل من يتمسك بالحق الكتابي، حتى وإن كانوا أقلية.
لا تتبع العالم وخموره فهي تقود للخلاعة، بل امتلئ بالروح.
لا تتبع محبين آخرين، بل المُحب الوحيد فتحصرك محبته.
لا تتبع أشياء يميل قلبك بسببها، بل قل للرب “أتبعك يا سيد أينما تمضي”.