هل تعرف مَنْ هو أول انسان ولد في العالم؟ ومَنْ هو أول متدين في التاريخ؟ ومَنْ هو أول قاتل عُرف بين البشر؟ إنــــه قايين
معنى اسمه «اقتناء»، وسمَّته حواء أمه بهذا الاسم بعد ولادته، إذ قالت: «اقتنيت رجلاً من عند الرب» (تكوين4: 1). ظنت أن هذا هو نسل المرأة الذي وعد به الرب عندما أعلن على مسمع من الحية بعد أن أغرت حواء بمخالفة إرادة الرب «وأضع عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلك ونسلها. هو يسحق رأسك، وأنتِ تسحقين عقبه».(تك3 :15 ) لكن اتضح لها فيما بعد أنه ليس هو المنتظر مجيئه. إذًا مَنْ هو قايين؟؟
تعالوا نتأمل في بعض جوانب هذه الشخصية كما ظهرت في قصته المدوَّنة في الأصحاح الرابع من سفر التكوين، والتي يعلِّق عليها الرسول يوحنا بالقول: أن يحب بعضنا بعضًا. ليس كما كان قايين من الشرير وذبح أخاه. ولماذا ذبحه؟ لأن أعماله كانت شريرة وأعمال أخيه بارة» (1يوحنا3: 11، 12) - هذا معناه أن قايين كان مصدره الشيطان ولذلك وُجدت فيه الطباع الآتية :
الكبرياء والاعتداد بالذات : يا للغرابة ! فنحن لا نتوقع أبدًا أن الإنسان المتدين يكون متكبرًا، بل متواضعًا. لكننا نرى كبرياءه بوضوح في طريقة اقترابه إلى الله للعبادة، إذ قدَّم لله من أثمار الأرض، وتجاهل تمامًا أنه هو خاطيء مولود من أبوين خاطئين وأن الأرض التي يقدم منها لله قربانًا هي ملعونة. كما أنه تجاهل تمامًا الطريقة التي رتبها الرب لعلاج عُري والديه آدم وحواء، عندما صنع لهما أقمصة من جلد . إلا أنه في كبريائه رفض طريق الرب للاقتراب، واقترب إليه بطريقته هو، وقدم للرب ماظنه حسنًا بحسب تفكيره البشري.
آه من الكبرياء - إنها مرض دفين في القلب البشري. وأشر مظهر لها يظهر عندما يرفض الإنسان الاعتراف بأنه خاطئ يستحق الموت ولا وسيلة لخلاصه سوى دم المسيح.
كثير من الشباب المتدينين يظنون أن تدينهم يؤهلهم للقبول أمام الله. وللأسف فإن الواحد منهم يرفض تمامًا الاعتراف بأنه خاطئ وأن المسيح مات عنه شخصيًا ليرفع عنه عقوبة خطاياه، فيرفض خلاص المسيح المجاني ويظل متمسكًا ببره الذاتي وممارساته الدينية وبأعماله التي يظن أنها صالحة. ولا يدري أنه بهذا يكون مثل قايين تمامًا.
الأنانية وحب الذات : لما رأى قايين أن الله قبل قربان هابيل أخيه ورفض قربانه اغتاظ جدًّا ولم يحتمل أن يرى أخاه ناجحًا ويرى نفسه فاشلاً. ولا غرابة، فمَنْ يكن الشيطان مصدره تُصبح الذات إلهًا له.
وعندما سأله الرب عن هابيل أخيه، كانت الإجابة: أحارس أنا لأخي؟. وكأنه يريد أن يقول للرب : مالي وأخي؟
وبالإضافة إلى الكذب الواضح في هذه العبارة فإنها تدل على مدى حب قايين لذاته وانحصار تفكيره على نفسه. إنه يذكّرنا بما قاله الملك لويس الخامس عشر ملك فرنسا قديمًا: أنا وبعدي الطوفان - أي أنا الأول، أنا الأهم، وبعد ذلك فليأتِ الطوفان ويهلك الجميع.
أعزائي الشباب .. ألا نُغلب كثيرًا من هذه الخطية الرهيبة. أننا نعيش والذات هي مركز تفكيرنا وتصرفاتنا، ربما هذا هو السبب الأول لمشاكلنا مع أفراد أسرنا أو مع أصدقائنا. وربما هذا هو السبب أيضًا لعدم اهتمام المؤمنين بأنفس أقاربهم وأصدقائهم الهالكين. لنُصلِ حتى يشفينا الرب من اللامبالاة باخوتنا الناتجة من محبتنا لذواتنا.
الخداع والمكر والكذب : يا لها من صفات رهيبة ظهرت في قايين. لكن لا غرابة، فالقلب الذي لم يدخله المسيح يملؤه الشيطان بكل أنواع الشرور. أنظر إلى قايين وهو يستدرج هابيل إلى الحقل، ربما ليُريه بعض الثمار التي يزرعها، ثم فجأة ينقض عليه ويذبحه ويقف مُشاهدًا لدمائه تسيل على الأرض. أوَلا يتكرر هذا المشهد في عالمنا اليوم بصورة أو بأخرى؟.
ثم عندما سأله الرب : أين هابيل أخوك. قال له: لا أعلم. ليس بغريب عليه أن يكذب وهو «من الشرير»، أي من ذاك الذي قال عنه المسيح «متى تكلم بالكذب فإنه يتكم مما له لأنه كذاب وأبو الكذاب» (يوحنا8: 44)، والكذب من الصفات الأصيلة في الشيطان، والأشرار إذ هم بطبيعتهم ينحرفون عن الحق ويكرهونه.
أصدقائي الشباب .. لنستمع إلى نصيحة الكتاب :
«اطرحوا كل خبث وكل مكر والرياء والحسد وكل مذمة» (1بطرس2: 1)
«اطرحوا عنكم الكذب وتكلموا بالصدق كل واحد مع قريبه» (أفسس4: 25)
لنتحذر من صفات قايين ولنُصلِ طالبين من الرب أن يستلم حياتنا بالتمام مُطهرًا قلوبنا من هذه الشرور.