د. يسبك من الإخوة العاملين في كرم الرب بكندا، وبصفته طبيب أسنان أراد أن يطمئن على سلامة أسناني بعمل بانوراما على فمي، فشكرته على كرمه، وقلت له: إن أسناني على ما يرام، ولا أشعر بأي نوع من الآلام طوال هذه الأيام. لكن بلطفه المعهود أقنعني أننا لن نخسر شيئًا؛ لنفحصها ونرى... وهكذا ذهبنا إلى عيادته بمونتريال، وأدخلني إلى المعمل، وسلَّمني لأخصائية الأشعة، فسلطت إشعاعاتها داخل فمي، وأخذت ما لا يقل عن عشرة صور. وكانت المفاجأة ليس فقط كَمٌّ هائل من الجير يحتاج إلى إزالة، بل في كمية السوس التي تنخر في أعماق ضروسي دون أن إحس بأي ألم. رفضت في بادئ الأمر العلاج، ولكن أمام الصور التي لا تكذب رضخت وأطعت.
أخي القارئ وأختي القارئة
هل تريد من الرب الطبيب العظيم أن يفحصك؟ لا أسنانك وفمك؟ بل نفسك وقلبك؟ دواخلك ودوافعك؟ هل تريد ذلك حقاً؟ وماذا لو أتينا للرب بإخلاص لكي يمحِّصنا ويفحصنا؟ لقد جاء إليه داود قائلاً: «اخْتَبِرْنِي يَا اللهُ وَاعْرِفْ قَلْبِي. امْتَحِنِّي وَاعْرِفْ أَفْكَارِي. وَانْظُرْ إِنْ كَانَ فِيَّ طَرِيقٌ بَاطِلٌ وَاهْدِنِي طَرِيقًا أَبَدِيًّا» (مزمور139: 23). وماذا كانت نتيجة الفحص؟ وهل تقتنع بها؟ ثم هل تقبل العلاج الإلهي؟
نتيجة الفحص في المعمل الإلهي
عندما أتى إشعياء النبي إلى الرب فحصه فحصًا شاملاً وكانت النتيجة في هذا التقرير: «كُلُّ الرَّأْسِ مَرِيضٌ وَكُلُّ الْقَلْبِ سَقِيمٌ. مِنْ أَسْفَلِ الْقَدَمِ إِلَى الرَّأْسِ لَيْسَ فِيهِ صِحَّةٌ بَلْ جُرْحٌ وَأَحْبَاطٌ وَضَرْبَةٌ طَرِيَّةٌ لَمْ تُعْصَرْ وَلَمْ تُعْصَبْ وَلَمْ تُلَيَّنْ بِالزَّيْتِ» (إشعياء1: 6).
بل وفي محضره صرخ إشعياء قائلاً: «وَيْلٌ لِي! إِنِّي هَلَكْتُ لأَنِّي إِنْسَانٌ نَجِسُ الشَّفَتَيْنِ وَأَنَا سَاكِنٌ بَيْنَ شَعْبٍ نَجِسِ الشَّفَتَيْنِ لأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ رَأَتَا الْمَلِكَ رَبَّ الْجُنُودِ» (إشعياء6: 5).
لقد تأكد فحص الفم البشري وإليك بعض النتائج:
«لأَنَّهُ لَيْسَ فِي أَفْوَاهِهِمْ صِدْقٌ. جَوْفُهُمْ هُوَّةٌ. حَلْقُهُمْ قَبْرٌ مَفْتُوحٌ. أَلْسِنَتُهُمْ صَقَلُوهَا» (مزمور5: 9). «حُمَةُ الأُفْعُوانِ تَحْتَ شِفَاهِهِمْ» (مزمور140: 3). وأيضًا «فَمُهُ مَمْلُوءٌ لَعْنَةً وَغِشًّا وَظُلْمًا. تَحْتَ لِسَانِهِ مَشَقَّةٌ وَإِثْمٌ» (مزمور10: 7).
وفي رومية3، نجد صورة الأشعة التي أخذها الله للجنس البشري كله سواء لليهود أو غيرهم فماذا أظهرت؟
(1) لقد أظهرت الأشعة الإلهية عدم بِر الجنس البشري كله «أنه ليس بار ولا واحد» (رومية3: 10).
(2) كما أنها أظهرت جهله واستقلاله عن الله «ليس من يفهم. ليس من يطلب الله» (رومية3: 11).
(3) وظهر زيغانه وفساده وقلة صلاحه «الجميع زاغوا وفسدوا معًا ليس من يعمل صلاحًا، ليس ولا واحد» (رومية3: 12).
(4) كما أظهرت أن حنجرته فاسدة، ولسانه غشاش، وشفتاه مسمومتان: «حنجرتهم قبر مفتوح، بألسنتهم قد مكروا. سم الأصلال تحت شفاههم» (رومية3: 13).
(5) بل «وفمهم مملوء لعنة ومرارة» (رومية3: 14).
(6) والإنسان على استعداد دائم لارتكاب الجريمة «أرجلهم سريعة إلى سفك الدم» (رومية3: 15).
(7) وكل ما ينتجه هو الخراب والدمار «في طرقهم اغتصاب وسحق» (رومية3: 16).
(8) «وطريق السلام لم يعرفوه» (رومية3: 17).
(9) و«ليس خوف الله قدام عيونهم» (رومية3: 18).
إن الخطية أصابت الجنس البشري كله كما أصابت كل جزء فيه... وإن كان ليس كل إنسان قد ارتكب الخطية ولكنه يمتلك طبيعة يمكنها أن ترتكب كل الخطايا. لقد أخذ الرب اليهود كعينة من البشر فوجدهم فاسدين، لقد أعطاهم الناموس وهو كامل لكنه كشف اعوجاجهم، تمامًا كالمسطرة التي تكشف الخط الأعوج.
علاج الله لخراب الإنسان
لقد كنت مخدوعًا بأني وأسناني في أسعد حال، معتقدًا أني أفضل من كثيرين غيري، حتى كشفت الأشعة السوس الذي ينخر في أعماق ضروسي، لكنها لم تعالج ذلك. هكذا كان ناموس الله كالمرآة التي تكشف العيوب لكن لا تعالجها، لذلك جاء المسيح لكي يقدم لنا العلاج الإلهي «لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ كُلُّ ذِي جَسَدٍ لاَ يَتَبَرَّرُ أَمَامَهُ. لأَنَّ بِالنَّامُوسِ (مثل الأشعة في معمل الدكتور يسبك) مَعْرِفَةَ الْخَطِيَّةِ. وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ ظَهَرَ بِرُّ اللهِ بِدُونِ النَّامُوسِ مَشْهُودًا لَهُ مِنَ النَّامُوسِ وَالأَنْبِيَاءِ بِرُّ اللهِ بِالإِيمَانِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ إِلَى كُلِّ وَعَلَى كُلِّ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ. لأَنَّهُ لاَ فَرْقَ. إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ. مُتَبَرِّرِينَ مَجَّانًا بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي قَدَّمَهُ اللهُ كَفَّارَةً بِالإِيمَانِ بِدَمِهِ» (رومية3: 20-26).
العلاج عاجل وفوري
عندما صرخ النبي قائلاً: «ويل لي إني هلكت، لأني إنسان نجس الشفتين» كانت الإجابة الإلهية عاجلة وفورية فيقول: «فطار إليّ واحد من السرافيم وبيده جمرة قد أخذها بملقط من على المذبح، ومسَّ بها فمي، وقال: إن هذه قد مست شفتيك، فانتُزع إثمك، وكُفر عن خطيتك» (إشعياء6: 5 7)، و هذا رمز جميل لفداء المسيح بل ودم المسيح الذي يطهِّر من كل خطية.
المسيح يحبك، ويبغي تطهير نبعك الردي، وأن يعالج قلبك الفاسد، فتعال إليه، مُقِرًّا بشرِّك، وعدم نفعك، فيطهِّرك ويعالج أصل الداء. لا تتأخر! بل قِرَّ بنجاستك واتركها؛ فتنعم بالتطهير والفداء. الآن، قبل فوات الأوان؟!