حبيبك يبلع لك الزلط وعدوك يتمنى لك الغلط
مثل مصري عامي يعبِّر عن حال كثيرين. والمقصود بهذا المثل أن من يحب واحد يتقبل كل أخطائه وعيوبه كأنها شيء طبيعي كالأكل، بينما من لا يحب واحد يتصيد له الأخطاء ويتمناها له. والحديث هنا عن ازدواجية المعايير، أو كما يسمونها الكيل بمكيالين.
قديمًا أوصى الرب شعبه قائلاً: «لاَ يَكُنْ لَكَ فِي كِيسِكَ أَوْزَانٌ مُخْتَلِفَةٌ كَبِيرَةٌ وَصَغِيرَةٌ» (تثنية25: 13) ، حيث كانوا يزنون بالميزان ذي الكفتين، فيضعون المراد وزنه في ناحية وفي الناحية الأخرى مكيال معروف الوزن. وكان لبعضهم عادة أن يحمل مكيالين للوزن الواحد (لنقل 1 كجم مثلاً)، واحد ثقيل (1100 جم مثلاً) يشتري به، والآخر خفيف (900 جم مثلاً) يبيع به. فمن ناحية، هذا غش، والرب يكرهه (أمثال11: 1)، يكرهه في كل مجالات الحياة، في الدراسة والعمل والعلاقات مع الآخرين. ومن ناحية أخرى، الله لا يحب الكيل بمكيالين، الذي هو موضوع مثلنا، وهذا ما يفعله الكثيرون.
لكن إن نظرنا لقدوتنا الكريم، ربنا يسوع المسيح، نسمعه يعلِّمنا «احْكُمُوا حُكْمًا عَادِلاً» (يوحنا7: 24)، والأهم أننا نراه يعمل ذلك. فنراه مثلاً في مَرة يمتدح بطرس على اعترافه الحسن فيقول له: «طوبى لك»، لأنه كان على صواب، لكن بعدها مباشرة أمام خطئه بمحاولته إثناء الرب عن الصليب، نجد الرب ينتهره «ابعد عني يا شيطان». لم يبلع لبطرس الزلط، بل أوضحه، لكن لنلاحظ أنه لم يكتفِ بذلك بل علَّمه الصواب شارحًا له الحق (متى16: 16-27). وفي مرة وهو يتكلم مع شخص لم يؤمن به وبم يرضَ أن يتبعه، نسمعه يقول «بالصواب أجبت» على إجابة صحيحة أجابها هذا الشخص (لوقا10: 28).
ليس من صالح أحبائنا أن نتغاضى عن أخطائهم، بل أن نساعدهم على إصلاحها. وليس من صالحنا أن نتجاهل صواب في من يخالفونا، فقد يكون في ما يقولون ما نتعلمه. ليتنا نتعلم أن نحكم على الأمور بناء على حقيقتها لا بناء على من صدرت منهم