نواصل إلقاء الضوء علي معجزات الرب يسوع. فبعد أن أشرنا في العدد السابق الي أن البشائر الأربعة سجلت لنا 35 معجزة للرب يسوع، ومقسمة حسب أنواعها الي ثمان أقسام، وألقينا الضوء علي المعجزات المرتبطة بالبحر (5 معجزات). نواصل في هذا العدد إلقاء الضوء علي نوع آخر من المعجزات:
معجزات شفاء الأمراض
عددها 12 معجزة، نري فيها 7 أنواع من المرض وهي: الحمى، والشلل، والبرص، ونزف الدم، والاستسقاء، والصمم، وعقدة اللسان. صور مختلفة لما عملته الخطية في الإنسان. فكل البشر مرضي «لاَ يَحْتَاجُ الأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيبٍ بَلِ الْمَرْضَى» (متى9: 12)، وكل كيان الإنسان مريض «كُلُّ الرَّأْسِ مَرِيضٌ، وَكُلُّ الْقَلْبِ سَقِيمٌ. مِنْ أَسْفَلِ الْقَدَمِ إِلَى الرَّأْسِ لَيْسَ فِيهِ صِحَّةٌ، بَلْ جُرْحٌ وَأَحْبَاطٌ وَضَرْبَةٌ طَرِيَّةٌ لَمْ تُعْصَرْ وَلَمْ تُعْصَبْ وَلَمْ تُلَيَّنْ بِالزَّيْتِ» (اشعياء1: 5، 6). لكن المسيح جاء ليشفي الجميع، من جميع الأمراض.
1- شفاء حماة بطرس من الحمى (متي8: 14؛ مرقس1: 29، 30؛ لوقا4: 38)
أعراض المرض ونتيجته: بسبب سموم ضارة دخلت الجسم، عن طريق طعام أو شراب ملوث، أو لدغة البعوض، يصاب الإنسان بالحمى التي تظهر في صورة ارتفاع درجة الحرارة والقشعريرة ووضعف البصر والتنفس (لاويين26: 16) والشعور بالعطش الشديد، ثم يدخل المريض في حالة اللاوعي. هكذا الخطية، فهي تصيب الإنسان بعدم قدرته علي فعل شيء حسن، والعطش الشديد للخطية وعدم الارتواء منها. ولأنه عبد للخطيه فهو يفعل إرادة إبليس.
العلاج: ليس تدريجيًا ولا بأدوية وعقاقير غير مضمونة النتائج، بل شفاء كامل وبكلمة من المسيح. ونلاحظ أن الرب ينتهر الحمى لا المريض. وهذا يطمئن كل من يأتي له معترفًا بخطاياه؛ لن تتوبخ بسبب الخطية بل ستتحرر منها.
2– شفاء ابن خادم الملك (يوحنا4: 46–54)
حالة أخرى لمرض الحمى، وكأن الخطية أصابت الكل: امرأة كبيرة أو شاب صغير «اذ أخطا الجميع».
الخادم وإيمانه: 1- سمع عن قدرة المسيح لكنه علق إيمانه علي رؤية المعجزة، لذا قال له الرب «لا تؤمنون إن لم تروا آيات وعجائب».
2- «يا سيد انزل» آمن بقدرة الرب علي الشفاء، ولكن في وجود المريض وليس عن بُعد.
3- «قبل أن يموت» طلب الشفاء علي طريقته الخاصة - وكأن قوة الرب لا تقيم الميت - فشفاه الرب بطريقة تختلف. فليتنا ننتظره يفعل كما يريد. ومع هذا فالرب لا يحتقر الإيمان القليل بل يشجعه، وبسلطانه يرسل كلمة لشفاء الغلام، وبحنانه يرسل الخادم ليرى المعجزة. لقد تقوَّى إيمانه وآمن بكلمة الرب لا بمعجزته.
3– شفاء غلام قائد المئة (متى8: 5؛ لوقا7: 1)
كان مصاب بمرض الفالج وهو شلل يصيب الإنسان نتيجة موت خلايا معيَّنة في المخ والجهاز العصبي. معه لا يقوى المريض علي الحركة. صورة للخطية التي أصابت الإنسان بعدم القدرة علي السلوك الحسن أو العمل الصالح، حتي وإن أراد (رومية7: 18، 21).
القائد والإيمان: كان الغلام يحتاج للمسيح لكنه يعجز عن الوصول له، وكان بامكان القائد شراء عبد آخر، لكنه يقدِّر قيمة النفس؛ فقام بالمهمة. كان متواضعًا إذ قال عن نفسه «لست مستحِقًا»، مع أن اليهود قالوا عنه «إنه مستحق»؛ فدخل المسيح قلبه لا بيته. كان مؤمنًا بسلطان المسيح وقوة كلمته. فان كنا رأينا في المعجزة السابقه الإيمان الضعيف والرب لم يحتقره، فهنا نري إيمانًا قويًا مدحه الرب وشجَّعه، ووبخ به الواقفين.
4– شفاء المفلوج (متى9: 1؛ مرقس2: 1؛ لوقا5: 17)
صورة أخرى لمرض الشلل. وهنا يبرز دور الأربعة الرجال الذين حملوا المفلوج، وإيمانهم في قدرة المسيح علي شفائه، ومحبتهم للمريض، وإصرارهم علي الوصول به للطبيب العظيم، رغم العقبات الكثيرة الممثَّلة في الجمع المحيط بالرب، وهذا قادهم لابتكار طريقة غير تقليدية لإتمام مهمتهم. وهنا نذكر أيضًا دور الأربعة البرَّص الذين كانوا سبب نجاة مدينة بأكملها من الموت (2ملوك7)؛ فهل لنا هذا الإيمان بالرب، والمحبة للآخرين، والإصرار علي إتمام الخدمة.
الذي يغفر جميع ذنوبك الذي يشفي كل أمراضك: 1- الغفران أولاُ ثم الشفاء؛ لأن الخطية هي عِلّة كل الأمراض، وشفاء النفس أهم من شفاء الجسد.
2- كافأ الرب ايمان الرجال الذين أتوا به للشفاء فقط فإذ بالرب يعطي أكثر مما طلبوا.
3- كان الحاضرون يعرفون أن الغفران في سلطان الله، وبدلاً من الإيمان بالمسيح عندما رأوه يغفر، تعجَّبوا وتذمَّروا، واتهموه بالتجديف.
4- برهان لاهوت المسيح: لقد عرف أفكارهم (مزمور139: 1)، وغفر خطايا المفلوج، ومن يغفر خطايا إلا الله (مزمور103: 3). وشفى بكلمة (مزمور107: 20).
5– شفاء اليد اليابسة (متى12: 9، 10؛ مرقس3: 1؛ لوقا6: 9)
باليد اليمني نتعامل مع الآخرين، ومن يفقدها يفقد قدرته على العطاء والاخذ. وهذا ما فعلته الخطية في الإنسان إذ يبَّست يده عن فعل الخير والامتناع عن الشر، والأخذ من الرب كل ما يحتاج، واعطاءه ما يستحقه. ولمن يحاول إرضاء الله بأعماله الصالحة نقول: لا تنسَ أن يدك يابسة لا حياة فيها، وبالتالي فأعمالك ميتة. فقط تعال للمسيح رئيس الحياة، ومد يدك فتعود صحيحة وجديدة، بها تعمل الأعمال الصالحة التي سبق الله وأعدها لنسلك فيها (أفسس2: 10).
6- شفاء نازفة الدم: (متى9: 20؛ مرقس5: 25؛ لوقا8: 43)
نزف الدم نجاسة بحسب الشريعة (لاويين15: 19)، وعدم علاجه قد يقود للموت. ومن هذه المعجزة نتعلم:
1- «تألمت كثيرًا» فالخطية تسبِّب آلامًت كثيرة؛ لذا دعا يعبيص «تحفظني من الشر حتى لا يتعبني» (1أخبار4: 10).
2- «من أطباء كثيرين» هنا نري عجز الإنسان في خلاص غيره (مزمور146: 3)، وأيضًا نري تعب وآلام من يذهب لغير المسيح (مزمور16: 4).
3- «أنفقت كل ما عندها» من يحاول نوال الخلاص بعيدًا عن المسيح، سينفق أمواله ووقته بل وحياته، وفي النهاية سيخسر نفسه.
4- «حال أردأ» كل من يجري وراء الناس يزداد مرضه، ومن يجري وراء الخطية يزداد عطشه (يوجنا4: 13).
خطوات الشفاء: 1- سمعت: وأنت عزيزي القاريء ماذا فعلت بعد ما سمعت وعرفت الكثير عن المسيح؟
2- آمنت؛ لذلك جائت، فالإيمان هو العملة الوحيدة التي بها ننال ما نريد من الله.
3- كثيرون يأتون للمسيح طلبًا للشفاء الجسدي فقط. والرب يريد إعطاء الغفران والايمان. فالشفاء يتبع الايمان ولا يسبقه.
بركات الإيمان: 1- «قال لها يا ابنة»: فالمؤمن صار ابنًا لله.
2- «إيمانك قد شفاك» لم يشفِها لمس ثياب الرب - كما ظنت في البداية - بل إيمانها.
3- «اذهبي بسلام»: الإيمان يعطي سلامًا مع الله ومع النفس ومن جهة كل شيء.
4- «كوني صحيحة» شفاء تام وضمان بعدم رجوع النزف مرة أخرى.