مع نهاية عام وبداية عام جديد، يتبادل الكثير من الناس التهاني مع الأماني والأحلام بأجمل الأعوام. كما يقوم البعض بتقييم العام المنصرم ليحددوا الأخطاء التي وقعوا فيها ليتجنبوها، ويفتشوا على النجاحات التي حققوها ليزيدونها. ويحرص البعض الآخر - بالأخص في بلاد الغرب - على إرسال برقيات وكروت التهاني بحلول العام الجديد وميلاد المسيح، وبهذه المناسبة أعلنت شركة ”Hallmark“ العالمية لإنتاج بطاقات التهنئة بالأعياد والمناسبات المختلفة على مدار العام، إنها تنتظر وبفارغ الصبر موسم عيد ميلاد المسيح (Christmas Time)، حيث يبلغ إجمالي مبيعاتها فقط في هذا الوقت (الأفضل من العام من وجهة نظرها) 1.5 بليون بطاقة، حيث يتسارع الملايين لشراء بطاقات التهنئة بأعياد الميلاد للتعبير عن فرحتهم وسعادتهم بميلاد المسيح والعام لجديد.
توقفت كثيرًا أمام ضخامة إجمالي مبيعات كروت عيد الميلاد.. إذ أنك تستطيع، بحسبة بسيطة، أن تُدرك أن حوالي ربع سكان العالم كله (1.5 بليون من أصل 7 بليون) يرسلون أو يتلقون البرقيات بمناسبة عيد ميلاد المسيح. وكم تمنيت وصلّيت من أعماق قلبي أن يتعرف كل هذا الرقم الكبير من سكان العالم علي صاحب عيد الميلاد نفسه في قلوبهم، بقدر حرصهم على إرسال بطاقات التهنئة تعبيرًا عن احتفالهم به. وعندها تذكّرت أول برقية تهنئة بميلاد المسيح جاءت إلى أرضنا، إلى رعاة بيت لحم، حيث هتف ملاك الرب مع جيش كبير من الملائكة بأجمل رسالة جاءت إلى أرضنا احتفالاً بميلاد المخلِّص يسوع المسيح، ملك الملوك ورب الأرباب. وهذا نص البرقية: «ها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب انه وُلد لكم اليوم في مدينة داود مخلِّص هو المسيح الرب، وظهر بغتة مع الملاك جمهور من الجند السماوي مسبحين الله وقائلين: المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة» (لوقا2: 11-14). حقًّا إنها أجمل بشارة جاءت إلى عالمنا؛ إذ تحمل في طياتها:
1- فرح عظيم وكبير
فهنيئًا لسكان الأرض؛ لأن ملك الملوك ورب الأرباب قد جاء إليهم. يا له من خبر مُفرح! إنه بداية الإعلان عن الإنجيل. إنه أعظم خبر مُفرح؛ فالله العظيم ظهر في الجسد وأخذ صورة إنسان لكي يُخلِّصنا من عبودية الشيطان والخطية. إنه السبيل الوحيد للسعادة والفرح هنا في الأرض وإلى أبد الآبدين. لقد قبله شخص اسمه زكا، والذي بالرغم من أمواله الكثيرة ووظيفته الكبيرة لم يكن سعيدًا، لكن بدخول الرب يسوع بيته وقلبه فرح زكا (لوقا19). وهذا عين ما حدث مع الوزير الحبشي عندما آمن بالمسيح «ذهب في طريقه فرحًا» (أعمال8: 39). هذا الفرح عميق في القلب، داخلي وليس خارجي، ولا يرتبط بالظروف. فرح يدوم «افرحوا في الرب كل حين» (فيلبي4:4). فرح يعطي قوة روحية لأن «فرح الرب هو قوتكم» (نحميا8: 10).
2- فرح لجمع غفير وكثير
يقول جبرائيل ملاك البشارة المفرحة أن هذا الفرح العظيم يكون لجميع الشعب. فهذا الفرح والخبر السار مُتاح للجميع ومقدَّم للجميع، ويكفي الجميع، من دون النظر إلى أي معوقات من سن، أو جنس، أو لون، أو دين. هذا ما اعتدنا عليه من إلهنا المحب الذي «يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون» (1تيموثاوس2: 4)، كما أنه يدعو «جميع المتعبين والثقيلي الأحمال» ليريحهم (متى11: 28). فيا لها من راحة للقلب وللضمير! هذه الراحة تجلب الفرح للإنسان!
3- بواسطة مُخلِّص قدير
إن الرب يسوع هو المخلِّص القدير، والوحيد الذي استطاع أن يكون الوسيط بين الله والإنسان. فبدون المسيح لا يوجد خلاص، وبدونه لا ”كريسماس“ ولن يكون هناك قبل الميلاد أو بعد الميلاد، بل ولا توجد نعمة إلا بالمسيح؛ فبميلاده قسم التاريخ إلى قسمين، وبموته وصلبه صيَّر البشر فريقين؛ فريق مؤمن تمامًا قلبيًا وعقليًا بمجيء المسيح إلى أرضنا بدءًا من مزود البقر وحتى عُلِقَ على عود الصليب، هذا الفريق جاء إلى يسوع المخلِّص لكي يمتِّعه بالخلاص ويمنحه بركة الغفران والتحرير من قبضة إبليس. وهناك فريق أخر قد يؤمن بميلاد المسيح المعجزى بواسطة العذراء المطوبة مريم، بل ويحتفل به العام تلو العام، لكنه لم يدرك المعنى الحقيقي للميلاد وحقيقة الخلاص الذي يمنحه المسيح لكل المؤمنين الحقيقيين... فقبل أن تتقبل التهاني بالعيد أرجو أن تكون قد فرحت بشخص المسيح الحبيب، وتمتعت بخلاصه العجيب. واسمح لي أن أسألك يا عزيزي: من أي الفريقين أنت؟ هل من المخلَّصين الحقيقيين أم فقط من المُعيِّدين؟ إن كنت لم تختبر هّذا النوع من الفرح ولم تنعم براحة الضمير؛ أرجو أن ترفع قلبك وتغمض عينك وترفع مثل هذه الصلاة:
أه يا سيدي يسوع لقد مرت عليَّ سنين وسنين، وأنا إنسان بائس وحزين، لم أختبر بعد خلاصك العظيم واليقين، ولم احتمِ في دمك الكريم... فاقبلني؛ فأنا آتٍ إليك بقلب مكسور وحزين، أرجوك ارحمني لكي أنضم إلى فريق التائبين والأبرار المُخلَصين، فأختبر معك الفرح الثمين وإلى أبد الآبدين.. آمين ثم آمين.