قصتي المفضلة


من سلسلة: بأقلام القراء

كان في الطُرقاتِ يعبر شاردًا


مُثقلَ القلبِ وحانيَ الجبينْ

يبدو ذو أصلٍ كريمٍ مرتفعْ


ما خلا الثوب المهَلهَل المُهينْ

أنهك الجوعُ قواه فمضى


يشحذ القُوتَ بدارِ الآخرينْ

من ديارٍ لديارٍ، عانى ما


عانى من جحد ورفضِ الأكثرينْ

فالتصق بواحدٍ أرسله


للحقولِ مع خنازيرٍ وطين




رُمتُ أن أعرف أمرَه، وهل


له في دنيا الشقاء قصةُ

فسألته: ما سر حالتك؟


قال: للخلقِ في حالي عبرةُ

كنت في بيت أبي معتبرٌ


لي ثراءٌ واغتنا وسطوةُ

حتى ما أخذت إرثي، قبلما


يقبض الموتُ أبي فيصمتُ

وأضعتُ ماله في لذتي


ليس لي الآن غذا أو كسوةُ




واشتهى الخرنوب من في يومهِ


كان في البيتِ مكرمٌ مُطاعْ

بعد طول عزةٍ وتَرَفٍ


ضاقتَ الدنيا وابن العزِ جاعْ

قال في نفسه ”يا أجرى أبي


يفضل عنكم، وليس من يجوعْ

ليتني منكم؛ فخدمة أبي


أكرم من مجلسي في ذي البقاعْ

ليت شعري، أفيرضى بي أجيرا؟


أم تُرى يطردني إلى الضياعْ؟“




قام ذا الابنُ بذلٍّ وانكسار


سالكًا دربَ الرجوعِ للديارْ

حاملاً هواجسَ في قلبهِ


سائلاً: ”تُرى إلى أين القرارْ؟

سوف لا أعود ابنًا بعدما


ضاع مالي في الملاهي والفجورْ

سوف أسأل السماءَ عفوَها


فإلى الله أسأتُ بالشرورْ

ثم أسأل أبي أن يغفرَ


ذنبي ويَقيني من شَرِّ الدمارْ“




من بعيدٍ لمح الأبُ ابنَهُ


فاشتعل في قلبه الشوقُ الصبيبْ

”ابنى هذا في عداد الموتى كان


عاد للحياة وحضني الرحيبْ“

ركض الأبُ تجاه ابنِهُ


فاتحًا حضنه للابن الحبيبْ

واستعاده لبيته، لكي


يصبحَ منه إلى الدهر قريبْ.

تلك قصتي التي ما فتئت


تملكُ قلبي وأشواقي تُذيبْ




ماجد موسى - شبرا