وينضم روبن ويليامز لنادي اليائسين
ليس آخرهم..
لم يكن الممثل الأمريكي الشهير روبن ويليامز أول المنتحرين ولن يكون آخرهم. روبن الذي وُلد في شيكاغو سنة 1951، كان من أبرز الممثلين الكوميديين في أمريكا، وقد حاز العديد من الجوائز. واشتهر بقدرته على الارتجال الكوميدي وسرعة البديهة. وقد وُجد فاقدًا للوعي ولا يتنفس في منزله بكاليفورينا. وقال المتحدث باسمه إنه كان يعاني من اكتئاب حاد مؤخرًا، مضيفًا: “هذه نهاية درامية ومفاجأة لنا”.
النجومية والشهرة
حين يعيش النجوم بعيدًا عن الأضواء، بعدما يفقدوا بريقهم وأصبحوا داخل منطقة الظلام، وتختفي أخبارهم، ولا يسأل عنهم أحد، وفجأة ينزل ستار النسيان، وتنتهي الشهرة العظيمة إلى لا شيء؛ فيتجه البعض منهم إلى الإدمان أو الانتحار.
وكان روبن يمر بأزمة نفسية لإدمانه المخدرات، وحاول العلاج منها بزيارة أحد مراكز إعادة التأهيل في يوليو الماضي لكنه انتحر في النهاية.
وبعد دقائق من خبر انتحاره، ظهر على موقع “توتير” أكثر من مليون ونصف الميلون “تويتة” تحتوى على عبارات العزاء والأسف على وفاته.
والنجوم هم أكثر الناس عُرضة للاكتئاب، حتى وهم في أكثر فترات حياتهم نجاحًا؛ فالنجاح الزمني يحمل أيضًا معه الخوف والاكتئاب، وهذا الاكتئاب قد يدفع النجم إلى الانتحار، وهذا ما فعله روبن.
والفقراء أيضًا
وفى مصر أيضًا وبالتحديد في طريق "القاهرة - الإسماعيلية"، قام شاب يعمل سائقًا في شركة، بشنق نفسه في إحدى لوحات الإعلانات. وتوصَّلت التحقيقات، إلى أن سبب انتحاره خلافات زوجية شديدة.
السبب الوحيد
تتعدَّد أشكال وصور المنتحرين في الغرب أو في الشرق، أغنياء كانوا أم فقراء، والسبب واحد وهو فراغ القلب وعدم شبعه، وانعدام الأمل وفقدان الرجاء، وشعور الإنسان بالوحدة والعزلة، وأن لا أحد يحبه، ولا يسأل عنه أو يعتني به، وإن أحبه أحد فلمصلحة أو لغرض ومنفعة.
الحل الوحيد والعلاج الأكيد للاكتئاب
إنه شخص المسيح الذي يحب بلا سبب، لأنه هو المحبة عينها، وهو الوحيد الذي يعطي ولا يأخذ، لأنه السخي في العطاء والكريم في التوزيع. فالمسيح يٌغني الإنسان عن كل شيء، وعن كل شخص. بل ويستطيع المؤمن به أن يرتل قائلاً: «الرب راعيَّ فلا يعوزني شيء» (مزمور23: 1). وإن تركه الأهل والخلان، فالرب لا يتركه، وهذا ما اختبره الرسول بولس فكتب من السجن في روما يقول: «في احتجاجي الأول لم يحضر أحد معي، بل الجميع تركوني. لا يحسب عليهم. لكن الرب وقف معي وقواني» (2تيموثاوس4: 16-17).
لست وحدك
بدون المسيح، يشعر المُقبل على الانتحار بالوحدة والعزلة وأنه بلا حبيب وبلا رفيق. لكن المؤمن المسيحي يؤمن أن الرب معه، وهذا إعلان الرب نفسه: «معه أنا في الضيق، أنقذه وأمجده، من طول الأيام أشبعه، وأريه خلاصي» (مزمور91: 15-16).
نحن لا نتحدث هنا عن الدين أو المتدينين؛ فالذين ينتحرون في الشرق أو في الغرب منهم المصلي والمتدين. لكن الشخص المتدين شيء، والمؤمن الحقيقي (الذي أخذ طبيعة جديدة من الله بالإيمان بالمسيح) شيء آخر. المعتقدات وممارستها شيء، والحياة النابضة بالحب والقرب والحياة من الله والسلام معه شيء آخر مختلف. قد يَمُرّ المؤمن بفقر وعوز واحتياج شديد، لكنه يختبر المكتوب: «لقمة يابسة ومعها سلامة، خير من بيت ملآن ذبائح مع خصام» (أمثال17: 1). فالرب الذي نؤمن به، هو أمامي في كل حين، إنه عن يميني، وقريب مني، هو فيَّ، ومعي.
لقد ألقى رجال نبوخذ نصر الملك في أتون النار المحمّى سبعة أضعاف، 3 رجال أتقياء، لكن الملك تحيَّر لأن العدد في الأتون تغيَّر. هم ألقوا ثلاثة، لكن الملك رأى أربعة، ومنظر الرابع شبيه بابن الآلهة على حد وصف الملك (دانيآل3). شخص بارع الجمال وكامل الأوصاف، إنه ربنا وحبيب قلوبنا، الذي لا يتركنا في ضيقتنا ويأسنا وفشلنا. يقول الرسول مشجِّعًا إخوته: «فَإِنَّنَا لاَ نُرِيدُ أَنْ تَجْهَلُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ مِنْ جِهَةِ ضِيقَتِنَا الَّتِي أَصَابَتْنَا فِي أَسِيَّا، أَنَّنَا تَثَقَّلْنَا جِدًّا فَوْقَ الطَّاقَةِ، حَتَّى أَيِسْنَا مِنَ الْحَيَاةِ أَيْضًا. لَكِنْ كَانَ لَنَا فِي أَنْفُسِنَا حُكْمُ الْمَوْتِ، لِكَيْ لاَ نَكُونَ مُتَّكِلِينَ عَلَى أَنْفُسِنَا بَلْ عَلَى اللهِ الَّذِي يُقِيمُ الأَمْوَات، الَّذِي نَجَّانَا مِنْ مَوْتٍ مِثْلِ هَذَا، وَهُوَ يُنَجِّي. الَّذِي لَنَا رَجَاءٌ فِيهِ أَنَّهُ سَيُنَجِّي أَيْضًا فِيمَا بَعْدُ» (2كورنثوس1: 8-10).
اطرح ولا تطرح
إننا نناشد المتألمين واليائسين أن يطرحوا همومهم مهما كثرت، وأحمالهم مهما ثقُلت على الرب، فهذا ما يأمرنا به في كتابه، وما نشدو به في ترانيمنا:
اطرحوا الحمل لديه |
| من بلايا وهموم |
من آتى حبًّا إليه |
| نال منه ما يروم |
نعم اطرحوا أثقالكم وألقوا همومكم عليه، لكن «لا تطرحوا ثقتكم التي لها مجازاة عظيمة»، فالشيطان الماكر يريد أن يفقد الإنسان ثقته في الرب، بل ويجعله لا يؤمن به، ولا بمحبته له. وهذا ما يفعله مع اليائيسن والمكتئبين.
آه، لو كان روبن وليامز يعرف ذلك الشخص المريح الذي يعرفه المسيحي القروي البسيط، الذي لم يخرج من قريته قط، ولم يدخل في حياته مطعم فاخر، ولم يركب ولو مرة واحدة باخرة أو طائرة، ولا يعرف أسماء المشهورين من النجوم والفنانين، لكنه يعرف فقط الرب يسوع المريح للنفس والقلب، وعندما يتعب يرتمي عند قدميه، ويتطلع إليه، وينتظر العون والغوث من يديه. أقولها: آهٍ وآلف آه، لو كان روبن ويليامز يعرف المسيح كما يعرفه الفلاح البسيط لكان ذهب إليه ولغته هي لغة الإيمان قائلاً:
لما أكون تعبان .. أروح لمين غيرك
إنت اللي تريحني يا يسوع .. أركع واصليلك
إنه إله المساكين واليائسين، الحزانى والمطروحين، الذين بلا أهل وبلا معين.. فالرب يسوع المسيح يبحث عنهم ليريحهم ويغدق عليهم من نعمه وخيراته، من جوده ومن بركاته. فلا تفقد الأمل يا عزيزي المتألم؛ فالمسيح يشعر بآلامك ويدرك أوجاعك، ويحس بكل كيانك. فقط التفت إليه، وانظر لعينيه التي تراك، «فإذا قلت لا تراه. فالدعوى قدامه، فاصبر له» (أيوب35: 14). تعال إليه كما أنت ضارعًا وقائلا:ً
كما أنا آتي إلى |
| فادي الورى مستعجلاً |
إذ قلت نحوي أقبلا |
| يا حمل الله الوديع |
أنت الذي تشفي العليل |
| أنت الذي تروي الغليل |
عني أزل حملني الثقيل |
| يا حمل الله الوديع |