العادات هي جزء من حياتنا. تساعدنا على القيام بعمل نرغبه أو نريده دون إمعانٍ أو تفكير. أخذت العادات في حياتنا شكلاً ونمطًا معيّنًا نتيجة اختيارات متكرِّرة قمنا بها عبر فترة من الزمن. وهي تشمل أفعالنا، ومواقفنا القلبية، واتجاهاتنا الفكرية. وقد تكون العادات جيدة أو سيئة، مفيدة أو مضرّة.
هناك عادات جيدة وأخلاقية علينا تطويرها وبناءها. فعلى سبيل المثال، عادة الشكر والامتنان هي إحدى هذه العادات السامية التي يمكن أن تمتلكها. فالأشخاص الشاكرون يشعرون دومًا بالفضل والعرفان ويعبّرون عن شكرهم باستمرار لله وللآخرين. الشكر فضيلة نبيلة. إنه يُثري حياتنا الروحية ويقوّي صحة مشاعرنا. يجعلنا أكثر إنتاجًا ومليئين سلامًا وفرحًا. ففي كل الأحوال، الإنسان الشكور يتمتّع بعلاقات صحيّة ويختبر حياة ذات جودة عالية من ناحية عملية.
لكي نطوّر عادة الشكر في حياتنا، علينا التعامل مع الأمور التي تسلبنا الشعور بالشكر. ويجب التخلص من عادة سيئة اسمها التذمُّر.
المتذمّر هو إنسان سلبيّ وغير قانع. يشعر دائمًا بالنقمة وعدم الاكتفاء، ويعبِّر عن إحباطه لفظيًا وعمليًا وبصورة مستمرة للآخرين.
وللأسف، نحن نعيش في عالم مليء بالنائحين. فعلى مستوى الأفراد، يفوق المتذمرون غير المتذمرين عددًا. وفي معظم الأحيان نكون في عداد المتذمرين.
إن التذمر خطر كبير. أنت تخسر الكثير من نِعم الله وبركاته عندما تسمح للتذمر بأن يغزو أفكارك وأقوالك. فيتحول تركيزك وطاقاتك إلى الأمور السلبية في حياتك بدلاً من الإيجابية والمفرحة. تصبح الأشياء الجملية كأنها قبيحة وتظهر الأمور الجيدة على أنها سيئة وتفقد الأمل وتوقّع البهجة وانتظار تحقيق المواعيد. إن التذمر معطِّل طالما يحدر الإنسان إلى مستنقعات الفشل واليأس وانعدام التفاؤل. التذمر هو سمة غير جذّابة تحجب البركة عنا ويتجنّبنا الناس بسببها. فلا أحد يرغب بالاقتراب من إنسان عنده هذا الداء المزمن.
إن كلمة الله تحذّرنا من خطر التذمر:
«افْعَلُوا كُلَّ شَيْءٍ بِلاَ دَمْدَمَةٍ وَلاَ مُجَادَلَةٍ، كَيْ تَكُونُوا بِلاَ لَوْمٍ، وَبُسَطَاءَ، أَوْلاَدًا ِللهِ بِلاَ عَيْبٍ فِي وَسَطِ جِيل مُعَوَّجٍ وَمُلْتَوٍ، تُضِيئُونَ بَيْنَهُمْ كَأَنْوَارٍ فِي الْعَالَمِ» (فيليبي2: 14-15).
«وَلاَ تَتَذَمَّرُوا كَمَا تَذَمَّرَ أَيْضًا أُنَاسٌ مِنْهُمْ، فَأَهْلَكَهُمُ الْمُهْلِكُ» (1كورنثوس 10:10).
«لاَ يَئِنَّ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ أَيُّهَا الإِخْوَةُ لِئَلاَّ تُدَانُوا. هُوَذَا الدَّيَّانُ وَاقِفٌ قُدَّامَ الْبَابِ» (يعقوب5: 9).
«كُونُوا مُضِيفِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِلاَ دَمْدَمَةٍ» (1بطرس4: 9).
فالله يأمرنا الآن ويقول: “توقف عن التذمر! تخلَّص من عادة التذمر”.
والسؤال المحوري: كيف أفعل هذا؟ إليك بعض النصائح:
1. افحص فمك واضبط لسانك – انتبه إلى ما تقول وإلى أسلوب كلامك مع الآخرين.
2. افحص مزاجك وسيطر على مشاعرك – انتبه إلى أفكارك وإلى الذي يدور في ذهنك.
3. افحص مواقفك القلبية دومًا – انتبه إلى حالة قلبك واتجاهاتك الفكرية.
4. اختر منهجك – قرّر ما سيقود حياتك، أهو الشكر أم التذمر.
هناك أمور عديدة في حياتك تستحق الشكر، فاختر الشكر وحياة الامتنان. طوّر عادة التقدير والشعور بالعرفان، فهذا سيغيّر حياتك إلى ما هو أفضل.
فارس ابو فرحة