مثل مصري شهير وتعبير متداوَل على الألسنة ليصف استخدام الكلام غير المباشر، وعلى وجه التحديد أن يقول شخص لآخر كلام وهو يقصد أن يوصله لآخر، وأحيانًا بأن يردِّد واحد كلام كأنه كلام عام وهو يقصد به شخص محدَّد. أو هو ما يسمونه بالعامية المصرية أيضًا "حدف كلام".
والمعنى المباشر للمثل غير مقبول لدى كلمة الله التي تحكم تصرفات المسيحي الحقيقي. فقد علمنا الكتاب المقدس ألا يحمل كلامنا إلا معنى واحد: أن نقول ما نعني ونعني ما نقول، ونقوله لمن نقصد مباشرة بلا التواء. هذا متضمَّن في ما قصده يعقوب الرسول حين قال: «لِتَكُنْ نَعَمْكُمْ نَعَمْ، وَلاَكُمْ لاَ (أي كل كلمة لا تحمل إلا معناها)، لِئَلاَّ تَقَعُوا تَحْتَ دَيْنُونَةٍ» (يعقوب5: 12).
يريدنا الرب أن نكون «بُسَطَاءَ كَالْحَمَامِ» (متى10: 16)، كما قال «سِرَاجُ الْجَسَدِ هُوَ الْعَيْنُ، فَمَتَى كَانَتْ عَيْنُكَ بَسِيطَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ نَيِّرًا، وَمَتَى كَانَتْ شِرِّيرَةً فَجَسَدُكَ يَكُونُ مُظْلِمًا» (لوقا11: 34). ومن مميزات عين الحمام أنها “بسيطة” أي عكس “مركبة”، وهي لا ترى إلا في اتجاه واحد، عكس كائنات كثيرة منها الإنسان ترى في أكثر من اتجاه في وقت واحد. وهذا هو معنى الكلمة اليونانية المستخدمة عن البساطة. تطبيقًا نقول إن البساطة لا تعني السذاجة بل هي عكس الالتواء أو “اللف والدوران”! وهكذا يريدنا السيد. ولاحظ أنه قال إن عكس “العين البسيطة” هو “العين الشريرة”، وهذا التقابل يوضح ما يقصده بقوة، فاختيارنا هو واحدة من اثنتين “البسيطة” أو “الشريرة”، فأي هي اختيارك؟!!
انتشر في الآونة الأخيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن يقول أحدهم عبارة من العيار الثقيل يختمها “بهاشتاج” اشتهر استخدامه هو “#مقصودة”!! فهل نعيد النظر؟!!
دعني أذكِّرك بتحريضين من الرسول بولس لأحباء الرب وأحبائه: «اِفْعَلُوا كُلَّ شَيْءٍ بِلاَ دَمْدَمَةٍ وَلاَ مُجَادَلَةٍ، لِكَيْ تَكُونُوا بِلاَ لَوْمٍ، وَبُسَطَاءَ، أَوْلاَدًا ِللهِ بِلاَ عَيْبٍ فِي وَسَطِ جِيل مُعَوَّجٍ وَمُلْتَوٍ، تُضِيئُونَ بَيْنَهُمْ كَأَنْوَارٍ فِي الْعَالَمِ» (فيلبي2: 14، 15). «وَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ تُلاَحِظُوا الَّذِينَ يَصْنَعُونَ الشِّقَاقَاتِ وَالْعَثَرَاتِ... هؤُلاَءِ لاَ يَخْدِمُونَ رَبَّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحَ بَلْ بُطُونَهُمْ. وَبِالْكَلاَمِ الطَّيِّبِ وَالأَقْوَالِ الْحَسَنَةِ يَخْدَعُونَ قُلُوبَ السُّلَمَاءِ... وَأُرِيدُ أَنْ تَكُونُوا حُكَمَاءَ لِلْخَيْرِ وَبُسَطَاءَ لِلشَّرِّ» (رومية16: 17-19).
أخيرًا نقول إن الطريقة الإيجابية – ربما الوحيدة – للانتفاع بهذه المثل، أن نعتبر كل الأحداث التي تقع أمام عيوننا (وليس بالضرورة معنا) والأخبار التي تتنامى إلى آذاننا، والخدمات التي تصل إلى مسامعنا، كأنها رسالة موجَّهة لنا وفرصة للتعلم.