صاحي بدري يعني.. ونازل بنشاط وحماس في يوم أجازتك.. على فين العزم؟!
عندي خدمة مهمة النهارده.. ولازم أروحلها بدري.
ياه خدمة.. إنت إيه اللي فكرك بالحاجات دي.. يا راجل اهتم بأكل عيشك ولا نام لك شوية.. اللي خدم خدم.
ومن إمتى انت بتدخل في قراراتي؟!! أنا نويت أخدم إلهي اللي خدمني في الماضي لما جه «لِيَخْدِمَ، وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ» (مرقس١٠: ٤٥)، وكمان هايخدمني في المستقبل مع كل المؤمنين لما «يَتَمَنْطَقُ وَيُتْكِئُهُمْ وَيَتَقَدَّمُ وَيَخْدُمُهُمْ» (لوقا١٢: ٣٧).
طيب لما انت عايز تخدم ربنا.. ما تستنى شوية لما تأهِّّل نفسك للخدمة أو تاخد كورسات أو تدخل مجموعات إعداد خدام.
فعلاً اسمك على مسمى إنك «الْحَيَّةِ الْقَدِيمَةِ» (رؤيا٢٠: ٢)، لأنك بتقول كلام صحيح وجميل ومطلوب، ولكن هدفك الخبيث هو تعطيلي عن الخدمة؛ لأن الخدمة هي رد فعل طبيعي من المؤمن، لما يتحرك قلبه علشان يرد معروف الله معاه، زي ما حصل مع حماة بطرس «انْتَهَرَ الْحُمَّى فَتَرَكَتْهَا! وَفِي الْحَالِ قَامَتْ وَصَارَتْ تَخْدُمُهُمْ» (لوقا٤: ٣٩).
انت بتضحك على نفسك.. ولا همك ترد المعروف ولا حاجة.. انت كل هدفك إنك «تدلع نفسك» في الخدمة.. مانت شايف إنها بتجيب دخل عالي وسفريات كتيرة وموبايلات حديثة وغيره.
أنا مش مستغرب أسمع الكلام ده منك، لإنك أشعت اللغة دي بين الناس، وعملت focus على حاجات معينة، وشِلت من الأذهان إن الخدمة فيها تعب وتضحية وبُعد عن الأسرة ووقت مضغوط وطاقة نفسية مستهلكة وحاجات تانية كتير.. وإذا كنت بتشتكي على مختاري الله (رؤيا١٢: ١٠)، فمن الطبيعي إنك تشتكي على خُدام الله وتشوه خدمة الله.
وهي فين خدمة الله اللي أنا باشوهها.. ماتديني مثال واحد ينفي الكلام اللي أنا باقوله؟!
ماعنديش مثال كامل غير شخص المسيح اللي مش بس عاش كالخادم الحقيقي، لكن كمان وضع دستور للخدمة الحقيقية، وقال: «مَنْ يُحِبُّ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُبْغِضُ نَفْسَهُ فِي هذَا الْعَالَمِ يَحْفَظُهَا إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ. إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَخْدِمُنِي فَلْيَتْبَعْنِي. وَحَيْثُ أَكُونُ أَنَا هُنَاكَ أَيْضًا يَكُونُ خَادِمِي. وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَخْدِمُنِي يُكْرِمُهُ الآبُ» (يوحنا١٢: ٢٥، ٢٦).
وفين بقى دستور الخدمة اللي بتقول عليه يا فكيك؟!
مادة١: وفيها مؤهل الخدمة هو إن الإنسان «يبغض نفسه» مش يدلّعها ويخدم علشان يوفَّر لها طلباتها.
مادة٢: وفيها شرط الخدمة وهو تبعية المسيح، لأن الله مش بينتظر نشاطات ومؤتمرات ومهرجانات، ولكن بينتظر حياة الخادم ككل.
مادة٣: وفيها طابع الخدمة وهو الإتاحة، فالخادم مابيخترش يخدم إمتى ولا مين ولا فين، ولكنه متاح available في المكان والزمان والطريقة اللي يختارها سيده.
مادة٤: وفيها مكافأة الخدمة، وده حق أصيل لله، اللي بيكرم خدامه بالطريقة وبالشكل اللي يحبّه
.
طيب حتى لو انت نويت تنفِّذ دستور الخدمة ده.. هاتخدم فين إن شاء الله، ما كل الأماكن مليانة، وكل اجتماع فيه بدل المسؤول عشرة.. هاتزاحمهم وتتخانق معاهم ولا هاتعمل إيه؟!
المسيح قال: «الْحَصَادُ كَثِيرٌ وَلكِنَّ الْفَعَلَةَ قَلِيلُون. فَاطْلُبُوا مِنْ رَبِّ الْحَصَادِ أَنْ يُرْسِلَ فَعَلَةً إِلَى حَصَادِهِ» (متى٩: ٣٧، ٣٨).
أديك قلتها بنفسك.. هو قال «اطلبوا» خلاص صلي إن ربنا يبعت ناس غيرك.. ولا أقولك ادفع لهم العشور اللي هم عايزينها وخلاص.. مش قلتلك: اللي خدم خدم.
لا يا قصَّاص الآيات.. المسيح بعد ما قال لتلاميذه «أطلبوا» بعدها علطول «ثُمَّ دَعَا تَلاَمِيذَهُ الاثْنَيْ عَشَرَ... هؤُلاَءِ الاثْنَا عَشَرَ أَرْسَلَهُمْ يَسُوعُ» (متى ١٠: ١، ٥)، فالله مش عايز يرسل غيرنا، لكن عايز يرسلنا إحنا.
الكلام ده كان ينفع زمان.. لما كنت عندك فوران الإيمان.. ووقتك وطاقتك يسمحوا.. لكن دلوقتي وقتك ومسؤولياتك ضاغطين عليك..
وهو ده وقت الخدمة المناسب، لأن الله مش عايزنا نسيب مسؤولياتنا علشان نخدمه، والناس كمان محتاجة تشوفنا في أسرنا ووظايفنا، ده كمان ساعات كتيرة ربنا بيتعمِّد إنه يطلب مننا نخدمه في وقت ضغطنا أو راحتنا (نوم الظهر مثلاً) أو ترفيهنا (يوم الأجازة مثلاً) علشان يختبر مدى إتاحتنا وطاعتنا ليه.
وجبتها منين دي كمان؟!
جبتها من كلام المسيح «وَمَنْ مِنْكُمْ لَهُ عَبْدٌ يَحْرُثُ أَوْ يَرْعَى، يَقُولُ لَهُ إِذَا دَخَلَ مِنَ الْحَقْلِ: تَقَدَّمْ سَرِيعًا وَاتَّكِئْ. بَلْ أَلاَ يَقُولُ لَهُ: أَعْدِدْ مَا أَتَعَشَّى بِهِ، وَتَمَنْطَقْ وَاخْدِمْنِي حَتَّى آكُلَ وَأَشْرَبَ، وَبَعْدَ ذلِكَ تَأْكُلُ وَتَشطْرَبُ أَنْتَ؟ فَهَلْ لِذلِكَ الْعَبْدِ فَضْلٌ لأَنَّهُ فَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ؟ لاَ أَظُنُّ» (لوقا١٧: ٧-٩).
وناوي على إيه دلوقتي.. لسَّاك على قرارك (نظرة ترقب)؟
ناوي أبص «فوقي» على المسيح ودستوره وحياته، وأبص «تحتي» على احتياج الناس اللي بيفرق معاهم مكالمة تليفون أو ابتسامة وقت الضغط، ومش هابص «جنبي» وأقارن نفسي بغيري، ومش هاستنى دعوة من حد، ومش هاسيب عمري يعدّي مني من غير ماعمل حاجة لسيدي اللي خدمني واللي لسه هايخدمني.
وانصرف العدو إلى حين.. وانصرفت أنا لخدمة إلهي.. معتمدًا على قوته وكلمات نعمته.. وتأجل الحوار بيننا إلى جولة أخرى وأرض معركة أخر.