تلال الشكولاتة أم آيات الإنجيل ؟!
جزيرة “بوهول” واحدة من أهم وأشهر الجزر السياحية في الفيلبين، بل ربما في العالم كله. وهي واحدة من أكبر مصادر الدخل السياحي للبلاد. وهي جزيرة بيضاوية الشكل، وتُعَدُّ موطن رائع لجمال الطبيعة الساحرة. تضُم العديد من الشواطئ الخلاّبة التي تتميز برمالها الناعمة ومياهها الصافية، والتي تجعل السيَّاح مستمتعين بقضاء أوقاتهم في السباحة والغوص والإبحار.
وبالإضافة إلى كل هذا، فإن الجزيرة حظيت بهبة خاصة بها وحدها، وهي “تلال الشوكولاتة”؛ وهي منطقة تمتد نحو ٢٠ كيلومترًا من الأراضي المنبسطة الممتَدَة، التي يوجد فيها أكثر من ١٢٠٠ تلة من الصخور الجيرية، المُغطاة بالأعشاب الخضراء، تتشابه في شكلها الهرمي، ويتراوح ارتفاعها ما بين ٣٠ إلى ٥٠ مترًا، وتنتصب في مجموعات متناسقة جميلة؛ إحداها خلف الأخرى، كأكداس التبن في الحقول، وقد لفَّتها الأعشاب البرية.
وإبان موسم الجفاف، الذي يمتد من شهر فبراير إلى مايو، تُصبح هذه التلال هامدة ظامئة، بحيث تتحول إلى لون يُحاكي لون الشوكولاتة البنيّ؛ فَسُميَّت “تلال الشوكولاتة”، حتى إذا هطلت الأمطار الاستوائية الغزيرة، اهتزت الأعشاب وسَرَت فيها الحياة من جديد، فنبتت واخضرَّ لونها.
و“تلال الشوكولاتة” اعتبرتها المنظمات العالمية إحدى عجائب العالم الطبيعية، وهي أهم مصدر لجذب السيَّاح إلى المقاطعة. ومن أهم النشاطات والفاعليات السياحية في المنطقة هو التسلق لأعلى نقطة لمشاهدة هذه التلال، أو مشاهدتها من خلال الطائرة.
ولكن جزيرة “بوهول” الهادئة شهيرة أيضًا لسبب آخر أهم من “تلال الشوكولاتة”؛ فآلاف دراجات الأجرة الثلاثية العجلات (المسماة في مصر التكاتك)، تعمل في الجزيرة - وبأسعار زهيدة - كالوسيلة الرئيسية للمواصلات العامة.
ومنذ ٢٢ عامًا أصدر مسؤولو مقاطعة “بوهول” مرسومًا حكوميًا، يُلزم كل الدراجات، بوضع آية من الكتاب المقدس على خلفية الدراجة. وكل سائق يرفض وضع آية، يتم تغريمه أو إبطال رخصته. ولا يُسمح بتكرار الآيات. فعندما يحصل سائق على دراجة جديدة، يذهب إلى البلدية، والمسؤولون سيعطونه تصريحًا وآية إنجيلية، فيأخذ الآية، ويذهب إلى أحد الخطاطين المسؤولين في البلدية، لينقش له الآية على خلفية الدراجة.
وقد لوحظ أن فكرة آيات الإنجيل على خلفية كل الدراجات قد أدى إلى انخفاض الجريمة على الجزيرة، التي أصبحت آمنة بالمقارنة مع مدن كثيرة في الفلبين.
ولقد صرَّح أحد المسؤولين في المقاطعة لقناة CBN Arabic قائلاً: “توجد رسالة إنجيلية على خلفية الدراجات، والركاب يرون الرسالة كل يوم. هذا يُساعدنا على حفظ السلام في مدينتنا، فمَن سيرغب في التفكير بجريمة عندما يرى رسائل إنجيلية في كل مكان من حوله؟! إن كلمة الله تُلهمنا الصواب، وتُعطينا إرشادًا”.
وقال مسؤول آخر: “جزيرة “بوهول” هي المدينة الوحيدة في الفلبين التي تتميز بهذا المرسوم. والآيات الإنجيلية تحمل رسالة أمل لكل مَنْ يستخدم الدراجات. إن الآيات تُقرِّبنا أكثر إلى الله، وتُشعِرنا بحضوره الدائم في كل مكان”.
وقال أحد سائقي الدرجات: “منذ سنوات كان الناس يضعون رسائل وصور بذيئة على الدرجات. ولكن مرسوم المدينة غيَّر الوضع. عندما تقرأ الآن كلمة الله تُشعرك بالحياة الفُضلى. فحتى القليل منها كافٍ ليجعلك سعيدًا”.
ونفس هذا الشعور يُردِّده الكثير من السائقين والركاب. فقد قال سائق آخر: “الركاب يشكرونني دائمًا من أجل آيتي، ويقولون إنها أثَّرت فيهم. إنها تذكير بوجود الله. وهذا يجعلني فخورًا بوضعها”.
وقالت إحدى الراكبات: “أفرح بقراءة الآيات، خاصة عندما تكون لديَّ بعض المشاكل والضغوطات. فالآيات تُعطيني أملاً وتمنحني سلام”.
ويعترف سكان المقاطعة بأن الدراجات صاخبة، وأحيانًا قبيحة المنظر. ولكن بِغَضِّ النظر عن هذا يعتبرون أن الآيات، وما تحمله من رسائل، هو ما يجب تركيز السكان والزوار عليه. فالآيات تُذكِّرنا بأهمية كلمة الله، وبأخبار الإنجيل السارة، وتحضّنا على التركيز على إنعامات الله وما قام به لأجلنا.
أيها الأحباء: إن الكتاب المقدس هو كتاب الكتب، وكتاب الأجيال؛ إنه كلمة الله. ولا يوجد امتياز أسمى من أن تكون لدينا أخبار آتية إلينا مباشرةً من الله نفسه. هذا الكتاب عجيب من كل وجه. كتاب قديم جدًا، ولكنه دائمًا جديد. يتجه الكلام في كثير من أجزائه إلى أجيال مضت واندثرت كل معالمها، ولكن لا زالت تؤثِّر فينا قوة ملاءمته لحالتنا الخاصة في يومنا الحاضر. وكما انطبق على ما كان قديمًا، هكذا ينطبق على ما نراه في يومنا الحاضر. كلماته وأسلوبه كأنها صِيغَت خصيصًا لنا وفي أيامنا. بل كل جيل حكم على هذا الكتاب نفس الحكم الذي نقرِّره الآن. هو كتاب الله ويحتوي على كامل إعلانه. فيه يتكلم الله إلى كل واحد منا رغم اختلاف طبقاتنا. فينا الرفيع وفينا الوضيع، فينا الغني وفينا الفقير. فينا العالِم وفينا الجاهل، فينا الكبير وفينا الصغير، ومع ذلك كل منا يقرأ نفس الكتاب الواحد ليأخذ لنفسه طعامًا يوافقه ويشبعه. فيه للأطفال لبن عقلي عديم الغش، وللبالغين ذوي الأفهام الواسعة الناضجة طعام قوي. إننا في الكتاب المقدس نجد مشورة صالحة ساعة الحيرة والتجربة، وتشجيعًا قويًا ساعة الخطر، وصبرًا جميلاً ساعة الشدة، وتعزية سماوية ساعة الألم والحزن.
وفضلاً عن ذلك فإن لكلمة الله خاصية أخرى تتفرد بها دون كل كتابات البشر، وهي أنها «حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ، وَخَارِقَةٌ إِلَى مَفْرَقِ النَّفْسِ وَالرُّوحِ وَالْمَفَاصِلِ وَالْمِخَاخِ، وَمُمَيِّزَةٌ أَفْكَارَ الْقَلْبِ وَنِيَّاتِهِ» (عبرانيين٤: ١٢). إنها تخاطب القلب وتُكلِّم الوجدان وتصل إلى مشاعر النفس وتبلغ إلى أعماق مخبآت الفكر، وتحكم على كل ما فينا.
عزيزي: إن آيات كلمة الله أحلى من “تلال الشوكولاتة”... بل هي «أَشْهَى مِنَ الذَّهَبِ وَالإِبْرِيزِ الْكَثِيرِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وَقَطْرِ الشِّهَادِ» (مزمور١٩: ١٠). فهل قرأت كتابك المُقدس اليوم؟!