خرجت إحدى الفتيات مع أصدقائها، للفسحة والترفيه، فذهبوا إلى إحدى دور السينما في باريس، وبينما هي جالسة أحسَّت بوخز في المقعد التي كانت تجلس عليه، وعندما قامت، وجدت إبرة مغروزة في المقعد، ملصق بها ورقة مكتوب عليها: “لقد حُقنت بفيروس الإيدز”. أبلغ مركز الحماية من الأمراض عن وقوع هذه الحادثة في مدن أخرى غير باريس، وبعد فحص الإبر وجد أنها حاملة فعلا لفيروس الإيدز. يقول الموقع الذي نشر الخبر، أن الحدث تكرَّر أيضًا في لبنان وفي نيودلهي، إذ وجد أحدهم ملصق مكتوب فيه: “أهلا بكم في نادي الإيدز”.
عزيزي الشاب وعزيزتي الشابة
مسكينة هذه الشابة التي خرجت رغبةَ في أن تروِّح عن نفسها وتسعد مع أصحابها، وبدلاً من أن تعود مبتهجة فرحة وسعيدة، وإذ بها تحمل مرضًا بشعًا، لتبدأ رحلة مُضنية وشاقة من المعاناة والأسى بحثًا عن علاج وشفاء من هذا المرض اللعين.
إننا نعيش في أيام صعبة يتقدَّم فيها الناس إلى أكثر فجورٍ، من رديء إلى أردأ ، نجاسة وشراسة، ظلم وقتل ودماء تلحق دماء. فالحُبُّ وَلّى، والصِدقُ قَلَّ؛ لذلك يجب علينا أن نستيقظ وننتبه في القيام وفي الجلوس، في الكلام وفي السكوت، في العمل وفي الراحة، ونرتمي على الرب ونتكل عليه، ونطلب منه أن يسير بوجهه أمامنا، فبدونه لا نستطيع أن نفعل شيئًا.
إن ما حدث مع الشابة المسكينة قد يتكرّر معنا في أي مكان وفي أي زمان. فلندقِّق، ونتوخى الحذر مع من نخرج؟ وإلى أين نذهب؟ وأين سنجلس؟ وهل ننسى دينة ابنة ليئة التي ولدتها ليعقوب، التي خرجت لتنظر بنات الأرض، فرآها شكيم ابن حمور، الذي أخذها وأضجع معها وأذلها، وعادت إلى بيتها بعد ثلاثة أيام، بمذبحة شكيم الشهيرة؟ (رجاء قراءة تكوين٣٤).
عزيزي الشاب: أرجو أن لا تتضجر أو تنزعج عندما يسألنا الآباء كثيرًا عن رفقائنا وتحركاتنا، فكثيرًا ما نصحونا بأن نبتعد عن مرافقة بعض الأشخاص، فكنا نرفض بل وندافع عنهم بأنهم “أغلى الأصحاب وأفضلهم”، وينتهي المطاف بأنهم أصدقاء سوء.
تذكَّر الأوَّلين
هل تذكر السبب في سقوط الخليقة الأولى؟ حين فتحت حواء الباب للحديث مع الحية؛ وكانت النتيجة السقوط والطرد من الجنة. والعالم اليوم مفتوح على مصراعيه وبأسهل الطرق (من خلال مواقع الفيس بوك، والتويتر، والواتساب وغيرها). فلنتحذر من العلاقات غير النقية، لأن الخطية مثل الإيدز مدمِّرة وقاتلة ونهايتها عذابات أبدية.
احذر من أصدقاء السوء
«اَلْمُكْثِرُ الأَصْحَابِ يُخْرِبُ نَفْسَهُ» (أمثال١٨: ٢٤). أحيانًا نفرح بكثرة عدد الأصدقاء، وننسى أن للبعض أفكاره الغريبة لها تأثيرها السلبي على حياتنا دون أن ندري «فَإِنَّ الْمُعَاشَرَاتِ الرَّدِيَّةَ تُفْسِدُ الأَخْلاَقَ الْجَيِّدَةَ» (١كورنثوس١٥: ٣٣).
دقِّق في معرفة شريك الحياة
موضوع شريك الحياة هو الأمر الأكثر خطورة من معاشرة الأصدقاء؛ فالصداقات قد تنتهي في أية لحظة، ومن الممكن تركها، على عكس الزواج َ الذي هو ارتباط أبدي. تقول الوصية الإلهية: «لاَ تَكُونُوا تَحْتَ نِيرٍ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لأَنَّهُ أَيَّةُ خِلْطَةٍ لِلْبِرِّ وَالإِثْمِ؟ وَأَيَّةُ شَرِكَةٍ لِلنُّورِ مَعَ الظُّلْمَةِ؟ وَأَيُّ اتِّفَاق لِلْمَسِيحِ مَعَ بَلِيعَالَ؟ وَأَيُّ نَصِيبٍ لِلْمُؤْمِنِ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِ؟» (٢كورنثوس٦: ١٤-١٥).
أخيرًا، دعونا ندقِّق في اختياراتنا وقراراتنا، من نجالس ومن نعاشر؟ يقول الكتاب: «طُوبَى لِلرَّجُلِ الَّذِي لَمْ يَسْلُكْ فِي مَشُورَةِ الأَشْرَارِ، وَفِي طَرِيقِ الْخُطَاةِ لَمْ يَقِفْ، وَفِي مَجْلِسِ الْمُسْتَهْزِئِينَ لَمْ يَجْلِسْ... لأن الرب يعلم طريق الأبرار لأَنَّ الرَّبَّ يَعْلَمُ طَرِيقَ الأَبْرَارِ، أَمَّا طَرِيقُ الأَشْرَارِ فَتَهْلِكُ» (مزمور١).
فجلسة واحدة بدون الرب، مع الأشرار تهلك و تدمِّر وتخرب.
لكن جلسة واحدة، وصادقة مع الرب، تعطيك السلام، وتمنحك الغفران، وتهبك الحياة. فأي الجلسات تختار؟!