أمامنا تعبيرات وأوصاف جميلة نري فيها أن الله كان موجودًا قبل وجود أي شيء. قبل وجود الأرض وما عليها، والسماء والنجوم والكواكب. فهو أزلي. وهذا ما نراه في أول إعلانات الوحي «فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللهُ» (تكوين١: ١). فقبل أن يكون هناك بداية لأي شيء في الوجود، كان الله هناك خالقًا، كان موجودًا. وهذه هي طبيعة الله، إنه مصدر كل شيء، وهدف كل شيء. وأظن أنه لا يوجد، ولا يستطيع أي مخلوق، أن يدعي أنه الأول، أو الألف، أو البداية. كما لا يمكن لمخلوق أن يدعي أنه سيبقي إلى النهاية، أو الآخر، لأنه الياء.
وهنا يأتي سؤال: وماذا عن يسوع؟
بالطبع لن نجيب نحن، ولا يستطيع أي إنسان أن يجيب في هذا الأمر. ولكن يكفينا فقط، وبكل انتباه، أن نقرأ ما قيل في الوحي عن الله وعن يسوع المسيح. أو بمعني أدق ما قاله الله عن نفسه، وما قاله يسوع المسيح عن نفسه. عندها سنعرف من هو يسوع.
ما قاله الله
منذ القديم يعلن الله عن نفسه بهذه الصفة، وسنكتفي ببعض ما أورده عن نفسه في سفر واحد من أسفار العهد القديم. اسمعه يقول:
«مَنْ فَعَلَ وَصَنَعَ دَاعِيًا الأَجْيَالَ مِنَ الْبَدْءِ؟ أَنَا الرَّبُّ الأَوَّلُ، وَمَعَ الآخِرِينَ أَنَا هُوَ» (إشعياء٤١: ٤).
«هكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ صَانِعُكَ وَجَابِلُكَ مِنَ الرَّحِمِ... هكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ وَفَادِيهِ، رَبُّ الْجُنُودِ: أَنَا الأَوَّلُ وَأَنَا الآخِرُ، وَلاَ إِلهَ غَيْرِي» (إشعياء ٤٤: ١، ٦).
«اِسْمَعْ لِي يَا يَعْقُوبُ، وَإِسْرَائِيلُ الَّذِي دَعَوْتُهُ: أَنَا هُوَ. أَنَا الأَوَّلُ وَأَنَا الآخِرُ» (إشعياء ٤٨: ١٢).
ما قاله يسوع
أما عن يسوع، فأيضًا سنكتفي ببعض ما قاله عن نفسه في سفر واحد من أسفار العهد الجديد. اسمعه يقول:
«وَمِنْ يَسُوعَ الْمَسِيحِ الشَّاهِدِ الأَمِينِ... “أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ” يَقُولُ الرَّبُّ الْكَائِنُ وَالَّذِي كَانَ وَالَّذِي يَأْتِي، الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ... لاَ تَخَفْ، أَنَا هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ، وَالْحَيُّ. وَكُنْتُ مَيْتًا، وَهَا أَنَا حَيٌّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ» (رؤيا١: ٥، ٨، ١٧، ١٨).
«وَاكْتُبْ إِلَى مَلاَكِ كَنِيسَةِ سِمِيرْنَا: هذَا يَقُولُهُ الأَوَّلُ وَالآخِرُ، الَّذِي كَانَ مَيْتًا فَعَاشَ» (رؤيا٢: ٨).
«ثُمَّ قَالَ لِي: قَدْ تَمَّ! أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ. أَنَا أُعْطِي الْعَطْشَانَ مِنْ يَنْبُوعِ مَاءِ الْحَيَاةِ مَجَّانًا» (رؤيا٢١: ٦).
«وَهَا أَنَا آتِي سَرِيعًا... أَنَا الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ، الأَوَّلُ وَالآخِرُ... أَنَا يَسُوعُ» (رؤيا٢٢: ١٢–١٦).
عزيزي القاريء..
هل تأملت فيما أعلنه يسوع عن نفسه؟
إنها من أقوى التصريحات التي أعلن فيها المسيح ألوهيته. إذ أنه لا يمكن أبدًا أن يكون هناك أولان وبدايتان، أو وآخران ونهايتان. لأن هذا ما قاله الله في العهد القديم «لأَنِّي أَنَا اللهُ وَلَيْسَ آخَر» (إشعياء٤٥: ٢٢). وهنا نفهم أن الرب يهوه في العهد القديم هو نفسه الرب يسوع رب العهد الجديد.
الألف والياء
وهذا يعني الكمال، فعندما نقول مثلا: فلان قرأ الكتاب من الألف للياء، نعني أنه قرأ كل ما فيه قراءة كاملة. وعندما يقول الرب يسوع عن نفسه إنه الألف والياء يقصد أنه صاحب الكمال المطلق الذي لا نقص فيه.
الأول والآخر
وهذا يعني الاستمرار الذي لا يتوقف ولا يتغير. فعنه يقول الكتاب المقدس «وَأَمَّا عَنْ الابْنِ: كُرْسِيُّكَ يَا أَللهُ إِلَى دَهْرِ الدُّهُورِ... وَأَنْتَ يَارَبُّ فِي الْبَدْءِ أَسَّسْتَ الأَرْضَ، وَالسَّمَاوَاتُ هِيَ عَمَلُ يَدَيْكَ. هِيَ تَبِيدُ وَلكِنْ أَنْتَ تَبْقَى، وَكُلُّهَا كَثَوْبٍ تَبْلَى، وَكَرِدَاءٍ تَطْوِيهَا فَتَتَغَيَّرُ. وَلكِنْ أَنْتَ أَنْتَ، وَسِنُوكَ لَنْ تَفْنَى» (عبرانيين١: ٨–١٢).
البداية والنهاية
يعني الكل في الكل. فهو قبل كل شيء، وهو الهدف الذي خُلِق لأجله كل شيء. هو الذي خَلق، ومن أجله كل شيء خُلق، وبينهما كل شيء يقوم به. وهذا ما كتبه عنه الرسول بولس «الَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ غَيْرِ الْمَنْظُورِ، بِكْرُ كُلِّ خَلِيقَةٍ. فَإِنَّهُ فِيهِ خُلِقَ الْكُلُّ: مَا في السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأَرْضِ، مَا يُرَى وَمَا لاَ يُرَى، سَوَاءٌ كَانَ عُرُوشًا أَمْ سِيَادَاتٍ أَمْ رِيَاسَاتٍ أَمْ سَلاَطِينَ. الْكُلُّ بِهِ وَلَهُ قَدْ خُلِقَ الَّذِي هُوَ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، وَفِيهِ يَقُومُ الْكُلُّ» (كولوسي١: ١٥–١٧).
هذا هو الذي أحبنا فوضع نفسه وأطاع حتي الموت، موت الصليب.
فهل عرفت صديقي القاريء من هو ربنا يسوع المسيح؟
وإذ عرفت من هو، ألا تقبله مخلِّصًا وربًّا على حياتك؟