القفة أم ودنين يشيلوها اتنين
مثل من الأمثال الأشهر بالعامية المصرية. و”القفة“ هي وعاء يُصنع من ورق النخيل أو ما أشبه، يُحمَل فيه الغلال والبذور والثمار. وله يَدان (يدّ القفة يسمونها بالعامية ”ودن“). وعندما يكون ما فيها ثقيلاً فأفضل طريقة لحملها أن يحملها اثنان، واحد من كل ناحية.
ويُقال المثل للحثّ، من ناحية، على التعاون في الأمور التي لا يستطيع فرد واحد أن يفعلها، كما لتشجيع الطرف المحتاج على قبول المعونة من الآخرين، بل والبحث عنها.
والحقيقة أنه لأننا بشر محدودون يعوزنا العون. والكثير من أمور الحياة لا نستطيع أن ننجزها منفردين. لذلك يقول الحكيم «بَاطِلاً تَحْتَ الشَّمْسِ: يُوجَدُ وَاحِدٌ (وحيد) وَلاَ ثَانِيَ لَهُ... (والنتيجة) وَلاَ نِهَايَةَ لِكُلِّ تَعَبِهِ... اِثْنَانِ خَيْرٌ مِنْ وَاحِدٍ، لأَنَّ لَهُمَا أُجْرَةً لِتَعَبِهِمَا صَالِحَةً. لأَنَّهُ إِنْ وَقَعَ أَحَدُهُمَا يُقِيمُهُ رَفِيقُهُ... وَإِنْ غَلَبَ أَحَدٌ عَلَى الْوَاحِدِ يَقِفُ مُقَابَلَهُ الاثْنَانِ، وَالْخَيْطُ الْمَثْلُوثُ لاَ يَنْقَطِعُ سَرِيعًا» (جامعة٤: ٧-١٢).
لذا دعا الرب المؤمنين به أن يكونوا مساعدين لبعضهم البعض، بل إن الكلمة المترجمة «بعضكم بعضًا» ومرادفاتها تأتي كوصايا للمؤمنين ٦٠ مرة في العهد الجديد معظمها تحضّ على المحبة الباذلة والعطاء. فالأساس يحرضنا الرب على أن نحب بعضنا البعض أكثر من مرة. وانطلاقًا من هذا الأساس يحرضنا «بِالْمَحَبَّةِ اخْدِمُوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا» (غلاطية٥: ١٣)، أي أن نكون على استعداد لعمل ما يسد احتياج الآخرين. وفي سبيل ذلك يطلب منا «اِحْمِلُوا بَعْضُكُمْ أَثْقَالَ بَعْضٍ» (غلاطية٦: ٢). قد يكون الحمل ماديًا أو نفسيًا، ثقيلاً أو خفيفًا، لكني مدعو اليوم لأن أحمل مع أخي حمله، ليحمل هو غدًا معي حملي (قفتي). ولمؤمنين حديثي الإيمان يدعوهم «عَزُّوا (”شجعوا“) بَعْضُكُمْ بَعْضًا»، ويردف «ابْنُوا أَحَدُكُمُ الآخَرَ» (١تسالونيكي٥: ١١)، فكل منا عنده المحدود من الإمكانيات والخبرة، إضافتي مما عندي لأخي يسد نقصه ويضيف إليه كما البناء لأعلى، وهو بدوره يفعل الشيء عينه.
حسنًا شبَّه الكتاب المؤمنين بالجسد الواحد في نَص مفصل في ١كورنثوس١٢: ١٢-٢٧ خاتمًا بالقول «فَإِنْ كَانَ عُضْوٌ وَاحِدٌ يَتَأَلَّمُ، فَجَمِيعُ الأَعْضَاءِ تَتَأَلَّمُ مَعَهُ. وَإِنْ كَانَ عُضْوٌ وَاحِدٌ يُكَرَّمُ، فَجَمِيعُ الأَعْضَاءِ تَفْرَحُ مَعَهُ».