جلستُ في الحديقة العامة والدموع تملأ عيني. كنتُ في غاية الحزن والضيق، ظروفي في العمل لم تكن على ما يرام، بالإضافة إلى بعض المشاكل الشخصية الأخرى.
بعد عدة دقائق رأيت طفلاً مُقبلاً نحوى وهو يقول: “ما أجمل هذه الوردة رائحتها جميلة جدًا”. تعجَّبت لأن الوردة لم تكن جميلة بل ذابلة، ولكني أردت التخلص من الطفل فقلت: “فعلاً، جميلة للغاية”. عاد الولد فقال: “هل تأخذيها؟” دُهشت، ولكنى أحسست أنني لو رفضتها سيحزن؛ فمددت يدى وقلت: “سأحب ذلك كثيرًا، شكرًا”.
انتظرت أن يعطيني الوردة، ولكن يده بقيت معلَّقة في الهواء. وهنا أدركت ما لم أدركه بسبب أنانيتي وانشغالي في همومي.. فالولد كان ضريرًا!! أخذت الوردة من يده، ثم احتضنته وشكرته بحرارة، وتركته يتلمس طريقه وينادي على أمه.
أدركت وقتها أنَّ بعضًا من أمور حياتنا تدفعنا للتذمر، بينما جدير بنا أن نتأملها من منظورٍ مختلف يدفعنا للشكر.. اكتشفت أن عليَّ أن أشكر لأجل:
* الضوضاء، لأن هذا يعنى أنني أسمع.
* زحمة المرور، لأن هذا يعنى أنني أستطيع أن أتحرَّك وأخرج من بيتي.
* النافذة المحتاجة للتنظيف والأواني التي في الحوض، لأن هذا يعنى أنني أسكن في بيت، بينما كان رب المجد ليس له أين يسند رأسه.
*البيت غير النظيف بعد زيارة الضيوف، لأن هذا يعنى إن لدى أصدقاء يحبونني.
* الضرائب، لأن هذا يعنى أنني أعمل وأكسب.
* التعب الذي أشعر به في نهاية اليوم، لأن هذا يعنى إن ربنا أعطاني صحة لأتمم واجباتي.
* المنبه الذي يوقظني في الصباح من أحلى نوم، لأن هذا يعنى أنني ما زلت على قيد الحياة، ولى فرصة جديدة للتوبة والعودة إلى الله.
«إِنَّهُ مِنْ إِحْسَانَاتِ الرَّبِّ أَنَّنَا لَمْ نَفْنَ، لأَنَّ مَرَاحِمَهُ لاَ تَزُولُ. هِيَ جَدِيدَةٌ فِي كُلِّ صَبَاحٍ. كَثِيرَةٌ أَمَانَتُكَ» (مراثي ٣: ٢٢، ٢٣).
من الانترنت