يقول الكتاب المقدس «الأَمْرَ مُقَرَّرٌ مِنْ قِبَلِ اللهِ، وَاللهُ مُسْرِعٌ لِيَصْنَعَهُ» (تكوين ٤١: ٣٢). وعندما يقرِّر الرب أمرًا، ونعلم أنه مسرع ليتممه لأجلنا أو بنا، فما علينا إلا أن نخضع ونطيع ونقوم بدورنا، ثم نترك الباقي للرب ليتمِّم لنا أو بنا ما يقرِّره هو. هذا ما قصدت أن أُلقي الضوء عليه في الوقوف أمام الأمور الحتمية في الكتاب المقدس والمسبوقة بكلمة “ ينبغي ”.
وردت كلمة ينبغي بالكتاب المقدس حوالي ٨٦ مرة وتعني: شيء ضروري وحتمي ولا بد أن يتم. وسنتأمل في بعضها بمعونة الرب. ولسهولة دراستها سنقسمها لقسمين.
القسم الأول: حتميات مرتبطة بشخص الرب يسوع المسيح
أمور قال هو أنه كان ينبغي عليه فعلها. وقد وردت حوالي ٢١ مرة كالآتي:
أ) حوالي ١٦ مرة تكلم فيها الرب للجميع عن حتمية صلبه وموته وقيامته وصعوده . كما تكلم أيضًا الرسل عن هذا بعد صعود الرب للسماء. ولأن هذا الأمر مقرَّر من السماء ولأن تجسُّد المسيح كان لأجل هذا، لذا تأتي كلمة ينبغي أول مرة في العهد الجديد هكذا «مِنْ ذلِكَ الْوَقْتِ ابْتَدَأَ يَسُوعُ يُظْهِرُ لِتَلاَمِيذِهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَذْهَبَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَيَتَأَلَّمَ كَثِيرًا مِنَ الشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ، وَيُقْتَلَ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومَ» (متى ١٦: ٢١).
ب) حتميات قالها الرب عن حياته (٤ مرات) نرى فيها: ينبغي أن يكون في ما لأبيه، ويبشر، ويعمل بلا خوف، وحتمية إتيانه بالخراف التي ليست من حظيرة إسرائيل.
ج) حتمية مكوثه في بيت كل من يؤمن به ويقبله كما فعل مع زكا العشار.
القسم الثاني: الحتميات المرتبطة بالانسان
وقد وردت بصيغتين:
أولاً: أشياء لا ينبغي فعلها
ولا يجب أن تحدث بين شعب الرب، وقد وردت خمس مرات في سفر اللاويين، سفر عبادة الله الساكن وسط شعبه. فإن كان لا يليق بالإنسان المخلوق على صورة الله أن يخطيء، فبالأولى لمن يقترب من الرب وبيته للعبادة لأنه مكتوب «بِبَيْتِكَ تَلِيقُ الْقَدَاسَةُ يَا رَبُّ إِلَى طُولِ الأَيَّامِ» (مزمور٩٣: ٥). نذكر الأولى منها «كَلِّمْ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَائِلاً: إِذَا أَخْطَأَتْ نَفْسٌ سَهْوًا فِي شَيْءٍ مِنْ جَمِيعِ مَنَاهِي الرَّبِّ الَّتِي لاَ يَنْبَغِي عَمَلُهَا، وَعَمِلَتْ وَاحِدَةً مِنْهَا» (لاويين ٤: ١). ونلاحظ أن الكتاب المقدس لا ينهينا عن أمور سلبية لا نفعلها فقط، بل يحرِّضنا على أمور إيجابية ينبغي فعلها. وهذه هي الحياة المسيحية الحقيقية. وهذا ما سنراه في البند التالي.
ثانيًا: أمور وأشياء ينبغي أن تتم فينا وبنا.
ولسهولة التأمل فيها نقسمها لعدة موضوعات كالآتي:
١. حتميات مرتبطة بالإنسان غير المؤمن
أ) حتمية الخلاص: «يَا سَيِّدَيَّ، مَاذَا يَنْبَغِي أَنْ أَفْعَلَ لِكَيْ أَخْلُصَ؟» (أعمال ١٦: ٣٠). وهذا يتم بالإيمان بشخص الرب يسوع وعمله على الصليب.
ب) حتمية الولادة من فوق: «يَنْبَغِي أَنْ تُولَدُوا مِنْ فَوْقُ» (يوحنا٣: ٧). وهي تتم بالماء (كلمة الله) والروح.
٢ . حتميات مرتبطة بمن آمن ونال الحاة الأبدية
ترد حوالي ٣٠ مرة ويمكن تقسيمها كالتالي:
أ) في العلاقة بالرب: ينبغي أن نحيا حياة: التسبيح، والصلاة، والسجود، وحياة التواضع التي تعظم المسيح، والأهم أنه لا بد أن يكون الرب يسوع مثالنا في كل شيء.
ب) في العلاقة بالآخرين: ينبغي أن نظهر لهم الرحمة كما رحمنا الرب، وأن نقبلهم كما قبلنا الرب، وأن نظهر لهم المحبة العملية.
ج) في علاقتنا بالخدمة والشهادة: من يحيا في شركة مع الرب والمؤمنين، ينبغي أن يشهد للآخرين، وتكون شهادته مرتبطة بما يقوله الرب.
د) في العلاقة بكلمة الله: ينبغي أن نسمعها ونطيعها لأنها كلمة الله.
هـ) في الحياة الشخصية المسيحية: ينبغي أن يظهر فيها النمو الروحي، وتكون حياة بلا رياء
و) حتمية ألم تابعي المسيح لأجل اسمه
ز) وأخيرًا الأمر الحتمي والمقرر على الجميع وهو الوقوف أمام كرسي المسيح .
عزيزي القاريء: عندما تقابلنا في الحياة أمور حتمية لا بد أن نفعلها لنتجنب خطر ما سيأتي علينا؛ هل نتوانى، أم نؤجل كل شيء ونقوم بها أولاً؟ وعندما تأتينا فرصة لتحقيق ربح ما أو نجاح أو الوصول لهدف كنا ننشده، ألا ننحي كل شيء جانبًا ونهتم بهذا لئلا تضيع الفرصة؟ فإن كنا نفعل ذلك لأجل أمور وقتية، ألا تستحق الأمور الأبدية والمقرر حدوثها من الله أن نعطيها الأولوية؟ ليتنا نفعل ذلك.
وبمعونة الرب سيكون لنا لقاءات في الأعداد القادمة مع بعض هذه الحتميات.