كنتُ في الثالثة عشرة من عمري، عندما سمعت أنا وأصدقائي من بعض خدام الشباب أنه قريبًا جدًا ستصدر مجلة خاصة للشباب. شعرنا بحاجتنا الشديدة لمثل هذه المجلة، وكانت لدينا بعض الشكوك في قدرة المجلة في تقديم ما نحتاج إليه بالفعل كشباب صغير السن، ربما يشعر في الكثير من الأوقات أن الجيل الأكبر لا يُدرك حجم المعاناة، والضغط الذي كنا نشعر به من جراء دخولنا في سن المراهقة في ذلك الوقت. وفي مساء إحدى الأيام، ذهبنا لزيارة أقاربنا، وبينما والدي ووالدتي منشغلين في الحديث معهم، تسللت أنا وأولادهم للغرفة المجاورة لنتكلم ونلعب معًا بطريقتنا وبحسب راحتنا. ثم فجأة ونحن نلعب، لفت نظري مجلة صغيرة الحجم عليها صورة ليد تُمسك بكرة للسلة وتُلقيها في السلة؛ والمجلة كانت بعنوان “
نحو الهدف”.
أمسكتُ بالمجلة وجلست أتصفحها، فأخذتني بقوة؛ إذ وجدتها شيقة، ومتنوعة، ومناسبة جدًا لي كشاب صغير في ذلك الوقت. وقتها عرفت أن هذا هو العدد الأول من المجلة التي كنا ننتظرها، وأدركت من العدد الأول أن الأمر أروع بكثير مما كنا نتوقع. كانت هذه هي البداية لعلاقة خاصة نشأت بيني وبين مجلتنا المحبوبة “نحو الهدف”.
وبعد مرور عدة سنوات، تغيَّر حجم المجلة ليصبح أكبر قليلاً عن ذي قبل – الحجم الموجود حاليًا – فشعرنا وقتها أننا ننمو والمجلة تنمو معنا! حتى وصلنا اليوم لخمسة وعشرين عامًا من العطاء المتدفِّق لأجيال كاملة من الشباب، كان لمجلة “نحو الهدف” تأثير عميق وحقيقي في حياتهم.
واليوم، بعد مرور خمسة وعشرون عامًا على صدور مجلة “نحو الهدف”، لديَّ مشاعر مختلطة كلها مشاعر إيجابية ما بين الفرح، والفخر، والإمتنان.
أشعر
بالفرح لأنني كنت من الجيل الذي صدرت له هذه المجلة الغالية؛ فقد صدر العدد الأول وأنا في بداية سن الشباب. وكانت المجلة للشباب، فكنا نشعر بأنها مجلتنا، تتكلم إلينا، وتناقش مشاكلنا، وتهتم بما نحتاجه. وأقول الصدق في المسيح: لقد كانت المجلة واحدة من الأسباب الرئيسية في تشكيل أذهاننا، وتصحيح مفاهيم عديدة لدينا، وعلاج الكثير من المشكلات التي كنا نمر بها آنذاك. حتى أننا نذكر قصصًا بعينها، وموضوعات نفسية خاصة جدًا كان لها أثر عميق في حياتنا.
أشعر
بالفخر لأنني اليوم أكتب في ذات المجلة التي كنت يومًا انتظر صدورها بفارغ الصبر لأتابع كل ما فيها من قصص، وموسوعات، وتأملأت، وأفكار متنوعة، وحلول رائعة لمشاكل كنا نُعانيها في شبابنا.
أشعر بشيء من
التقدير لأن المجلة كما كانت تُشَّكل فينا كجيل من الشباب صغار السن، ما زالت تُشَّكل فينا ونحن نشارك بالكتابة فيها، ونطل من خلالها على جيل أصغر من الشباب، محاولين أن نشاركهم بما عرفناه، وتعلَّمناه خلال الخمسة والعشرين عامًا الماضية.
أشعر
بالامتنان الشديد للسيد الذي سمح لنا أن نُشارك جنبًا إلى جنب مع رجال الله الأفاضل الذين خدموا أجيال عديدة من خلال كتاباتهم المؤثرة في هذه المجلة عبر كل هذه السنوات. وهذا الأمر لم يكن يومًا يخطر على بالنا ونحن نتصفح الأعداد الأولى من مجلة نحو الهدف!
أشعر
بالمصداقية التي أثبتتها كل تلك السنوات؛ وازداد يقيني بأن كل عمل روحي ناجح لا بد وأن يكون الدافع الأساسي من وراءه هو إكرام السيد وخدمة النفوس الجائعة لمعرفته. ومهما كانت التحديات، والصعوبات، فكل شيء ممكن لمن لديه رؤية، ودعوة من الله لخدمته.
إنها رحلة رائعة من التأثير، والتشكيل، والبناء، ربما في مئات الآلاف من الشباب عبر السنين. رحلة تدعو للفخر، والامتنان لإلهنا العظيم الذي استخدم كل ما كُتب في المجلة لتشجيع وتحريض وتحذير الكثيرين. ولا ندري كم من أمور عظيمة حدثت في حياة الكثيرين بسبب ما كُتب في هذه المجلة. فهناك العديد من المقالات التي تحوَّلت لنبذ منفصلة، وطُبعت بالآلاف ووزعت في كل أنحاء العالم.
ليتنا نُدرك من جديد، أن خدمة السيد تحتاج لدعوة خاصة منه كما رأينا في هذا المثال الرائع، ليتنا نخدمه برؤية واضحة، ومعرفة لما يحتاج إليه شعب الرب في كل وقت، ونتعلم كيف نقدِّم الرسالة المناسبة في الوقت المناسب، دون التنازل لإرضاء الأذواق. نحتاج جميعًا للمسة السيد في كل ما نفعله حتى يدوم التأثير.
نحن بحاجة لهدف عظيم يتناسب مع عظمة السيد الذي نخدمه. وما أن يتضح الهدف أمامنا فعلينا أن نتجه بثبات، وثقة، وقوة...
نحو الهدف.