نسمع كثيرًا عن مصطلح يتردد على ألسنة الناس، وهو “جريمة قتل”، ولكن عزيزي القارئ تعال بنا نقرأ مصطلحًا آخر وهو “
جريمة أكل”، ربما يكون العنوان صادمًا للبعض فيتسائلون مندهشين: هل الأكل جريمة؟! ولكن مهلاً عزيزي القارئ. فالأكل الغير الصحي جريمة في حق الجسد لأنه يصيبه بأمراض خطيرة، والأكل الملوَّث جريمة في حق الجسد لأنه يصيبه بعلل، هو في غنى عنها. بل أحيانًا يرتكب البعض جريمة قتل عن طريق الأكل؛ فيدسّون السم في العسل. ولكني عزيزي القارئ ما قصدت أن أتكلم عن الأكل الصحي أو الملوث، بل قصدت أتكلم عن أكلات في كلمة الله أودت بأصحابها إلى التهلكة. فتعال بنا عزيزي نتأمل معا في ثلاث أكلات، عندما أكلها أصحابها كانوا في نظر الله قد ارتكبوا جريمة.
الجريمة الأولى
عندما أوصى الله آدم قائلاً: «مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلاً وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ» (تكوين٢: ١٦، ١٧). ولكننا نقرأ بعد ذلك أن الحية أغوت حواء، فأكلت من الشجرة وأعطت رجلها أيضًا، فأكل. وهنا وقع آدم في هذا الخطإ وبالتالي أصبح في نظر الله مرتكب جريمة، جريمة أكل عقوبتها الموت. ولكي نعرف حجم الجريمة ننظر إلى حجم العقوبة، والآثار والنتائج السلبية المترتبة على هذه الجريمة.
أولاً: حجم العقوبة
لقد كانت عقوبة هذه الجريمة الموت، فقد حذر الرب الاله آدم قائلاً «لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ». فهذه جريمة عقوبتها الموت إذن فهي جريمة كبرى.
ثانيًا: الآثار والنتائج المترتبة
لم تؤثِّر هذه الجريمة على آدم وحواء فقط، بل امتدت آثارها لتشمل الجنس البشري كله. هذا ما أعلنه الكتاب قائلاً «مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ، وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ، وَهكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ» (رومية٥: ١٢).
الجريمة الثانية
جريمة أكل ارتكبها نبي! هذه القصة مدونة في سفر الملوك الأول الأصحاح الثالث عشر. فبعد انقسام مملكة إسرائيل بعد موت سليمان، كان يربعام بن نباط ملكًا على المملكة الشمالية، والتي كانت تضم عشرة أسباط، وأسَّس فيها العبادة الوثنية. فأرسل له الرب نبيًا من المملكة الجنوبية، لكي يرجعه عن طريقه الردية ويوبخه على أفعاله الشريرة. وأوصى الرب ذلك النبي ألا يأكل خبزًا ولا يشرب ماء في هذه المدينة. فذهب الرجل وعمل كل ما أمره به الرب، وعندما عرضوا عليه أن يأكل رفض وذهب راجعًا في طريق آخر. ولكن نبيًا آخر وكان شيخا ساكنًا في تلك المدينة، عندما سمع بهذه الأخبار ذهب وراء الرجل وكذب عليه وأرجعه من الطريق، وأخذه إلى ببته وقدَّم له طعامًا فأكل. ولكن بعد انصراف النبي الذي جاء من المملكة الجنوبية من بيت النبي الشيخ الذي كذب عليه افترسه أسد في الطريق. ولم يكن الأمر صدفة ولكن كان قضاءً من الرب بسبب مخالفته أمر الرب في الأكل. هذه جريمة أكل ثانية وكانت عقوبتها الموت.
الجريمة الثالثة
هذه الجريمة نجدها مدونة في رسالة بولس الرسول الأولى إلى مؤمني كورنثوس والأصحاح الحادي عشر، وهي مرتبطة بمن يستهين بالمقدسات وبأمور الله. فقد حذَّر الرسول بولس الإخوة المستهترين في كنيسة كورنثوس، والذين كانوا يكسرون خبزًا مشتركين على مائدة الرب لكنهم غير منضبطين أخلاقيًا وسلوكهم الأدبي غير صحيح، ومع ذلك يأكلون من عشاء الرب. فقال لهم الرسول بولس «إِذًا أَيُّ مَنْ أَكَلَ هذَا الْخُبْزَ، أَوْ شَرِبَ كَأْسَ الرَّبِّ، بِدُونِ اسْتِحْقَاق، يَكُونُ مُجْرِمًا فِي جَسَدِ الرَّبِّ وَدَمِهِ» (١كورنثوس١١: ٢٧). ولاحظ عزيزي القارئ كلمة يصير مجرمًا. أي إنها جريمة أكل.
عزيزي القارئ دعني أسألك في الختام: أيَّ طعام تأكل؟!
الفضائيات والسوشيال ميديا تقدم أطعمة مسمومة ولا ترضي الرب؛ فاحذر لئلا ترتكب جريمة أكل.