“جيم بيكر” واحد من أقوى وأشهر الكارزين الذين عرفتهم أمريكا في العقد الماضي. لكنه أساء استخدام الخدمة، وانشغل في جمع المال، وخدع الكثيرين وانتهى به الأمر فى السجن نتيجة أمر ما تم ضبطه بسببه.
وفي يوم من أيام السجن كان ينظف دورات المياه، فجاء إليه أحد حراس السجن ليخبره أن هناك شخص ما يرغب فى زيارته. رفض جيم بيكر مقابلته بحجة أنه متسخ، لكن ابلغوه بأن هذا الشخص مصمم على لقائه. فامتثل جيم بيكر للأمر ووافق على المقابلة، ولكنه صُدم لما رأى أن هذا الشخص هو المبشر الأشهر بيلي جراهام. تحرك جراهام بهدوء حتى وصل لجيم بيكر واحتضنه بشدة وقتًا طويلاً وهمس فى أذنه قائلاً: “أنا أحبك” و“الله ما زال أيضًا يحبك”. كان اللقاء كافيًا لتغيير حياة جيم، فبعد أن قضى مدة العقوبة خرج ليقف أمام عشرين ألف شخص ليحكي لهم كيف رد الله نفسه، وكيف كان حضن بلي جراهام كافيًا وشافيًا! وقال: كم كان عظيمًا أن يحتضن أعظم مبشر في العالم أردأ وأسوأ مبشر. فيا له من تشجيع!
نعم إن كثيرين من حولنا لا يحتاجون إلى التوبيخ أو الوعظ بقدر ما يحتاجون إلى حب حقيقي، ومشاعر صادقة. ألم يعالج المسيح بطرس عندما سقط في خطية الإنكار بنظرة فيها من الحب والعطف والشفقة والحنان جعلته يخرج ويبكي بكاءً مرًا ندمًا وحزنًا على فعلته.
وصية للجميع
«شَجِّعُوا صِغَارَ النُّفُوسِ. أَسْنِدُوا الضُّعَفَاءَ. تَأَنَّوْا عَلَى الْجَمِيعِ» (١تسالونيكي٥: ١٤).
وصايا قليلة الكلمات، ثمينة البركات، مثل اللآلئ، فاللؤلؤة قد تكون صغيرة حجمًا لكنها غالية ثمنًا.
والتشجيع فضيلة سامية راقية عند البعض، هؤلاء المشجعون تلتقط عيونهم شيئًا جيدًا وتشجعه، أو النصف الجيد وتشجع أو حتى الربع وتشجع. لكن البعض لا يعرفون التشجيع مهما رأوا أمورًا جيدة!!
احتياج هام وضروري
هناك احتياجات جسدية كالمأكل والمشرب والملبس، كما أن هناك احتياجات نفسية كالحب والتقدير والتشجيع. يقول الحكيم: «اَلْمَوْتُ وَالْحَيَاةُ فِي يَدِ اللِّسَانِ» (أمثال١٨: ٢١). فالكلمة قد تنعش وتحيي أو تقتل وتميت. والتشجيع هام للصغار والكبار على حد سواء:
فلقد شجع الرب يسوع الصغار واحتضنهم وقال: «اُنْظُرُوا، لاَ تَحْتَقِرُوا أَحَدَ هؤُلاَءِ الصِّغَارِ» (متى١٨: ١٠)، وأيضًا: «دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ لأَنَّ لِمِثْلِ هؤُلاَءِ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ» (متى١٩: ١٤).
واهتم بالمهمَّشين والفقراء الذين يعيشون على حافة الحياة؛ لذا شجع الأرملة الفقيرة التي قدمت فلسين وامتدحها أمام الجميع. (مرقس١٢: ٤٢).
كما شجع الرب صغار الإمكانيات مثل موسى الذي شعر بضعفه وقال: «لَسْتُ أَنَا صَاحِبَ كَلاَمٍ مُنْذُ أَمْسِ وَلاَ أَوَّلِ مِنْ أَمْسِ، وَلاَ مِنْ حِينِ كَلَّمْتَ عَبْدَكَ، بَلْ أَنَا ثَقِيلُ الْفَمِ وَاللِّسَانِ» (خروج٤: ١٠–١١).
كما شجع الخطاة الساقطين فعندما أتوا إليه بالمرأة التي سقطت في الفعل. أراد الرب أن يكسب الرجال المشتكين، وأيضًا يكسب المرأة الخاطئة، فصمت، وهدأ، وجلس، وكتب على الأرض، ليتذكر كل واحد منهم خطيته. لأنه إن وبخها وأغلق أمامها باب الرجاء، لربما انتحرت المرأة، أو أن يرجمها هؤلاء الرجال. ولكن ما أطيب المسيح ويا لمحبته وتشجيعه.
وهذا ما فعله مع السامرية إذ شجعها وقال لها: «حسنًا قلتِ» بالرغم من خطاياها الكثيرة.
فالتشجيع مدرسة عظيمة ناظرها ومديرها هو الرب يسوع ليتنا نتعلمه ونتعلم منه!!
طرق للتشجيع
صديقي وصديقتي يمكننا أن نشجع بهذه الطرق:
١- بالابتسامة وهذه وسيلة غير مكلفة، وسهلة، وبسيطة، فالابتسامة لغة يفهمها كل العالم.
٢- بكلمات المديح.
٣- بحفظ الشخص باسمه.
٤- بالسلام الحار والحضن الدافئ.
٥- كما يمكن مرافقة من تريد أن تشجعه وتذهب معه للجنة الامتحان أو إلى العيادة أو المختبر مثلاً، فمكتوب: «اِثْنَانِ خَيْرٌ مِنْ وَاحِدٍ، لأَنَّ لَهُمَا أُجْرَةً لِتَعَبِهِمَا صَالِحَةً. لأَنَّهُ إِنْ وَقَعَ أَحَدُهُمَا يُقِيمُهُ رَفِيقُهُ» (جامعة٤: ٩–١٠).
٦- كما أن الحديث الإيجابي عن الشخص في عدم وجوده له صدى جيد.
٧- وأخيرًا يمكن التشجيع بتقديم هدية وهذه لها تأثيرها وتقديرها.
فما أعظم القول: «شجعوا...» هل لاحظت إنها جاءت بصيغة الأمر وكذلك بصيغة الجمع؟!
لكن ما أعظم المسيح الذي: «قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لاَ يَقْصِفُ، وَفَتِيلَةً مُدَخِّنَةً لاَ يُطْفِئُ، حَتَّى يُخْرِجَ الْحَقَّ إِلَى النُّصْرَةِ» (متى١٢: ٢٠).
وأخيرًا إن كنت يا صديقي من صغار النفوس فلا تحبط ولا تيأس لكن شجَّع نفسك بمواقف النجاح السابقة وباحسانات الرب الصادقة.