لأني رقيقة وأنيقة، عَصرية ورومانسية، ولأنه يَسكُن بِجوار بَيتنا؛ زَادت أواصر العلاقة بيننا. وهَكذا كَانت البداية: إعجابه ونظراتهُ وابتساماتهُ المستمرة لي فجَّرت كل أنوثتي؛ فَنظرتْ وابتسمتْ وتكلمت وتواعدت، وتعدَّدت اللقاءات وتبادلنا الهدايا والأمنيات، واخترعنا “خروجات” وابتدعنا مناسبات. وتطوَّرت العلاقة أكثر، وزاد بيننا الوداد، ولم أستطع أبدًا الابتعاد. حتى حدث ما كنت أتوقعه، وأخاف منه وارتعب، والذي كنت أظُن أنه مُستَحيل، فشخصيتي قوية، وعزيمتي فولاذية، لَكن في لحظة نسيت وانهرت وهَنتُ وضَعفتْ واستسلمتْ. لكن ما كان يصبرني وما كنت اُسكت بهِ نَفسي إنه يُحبني جدًا ويخافُ عليَّ جدًا، لقد أقسم أن لا يترُكني، وكتبنا وثيقة حبنا بدمنا ووقعَ أمامي عَليها. لكن في لحظة.. كُل هَذا اِنفرط وتَبعثر، وضَاع الحلم وتَبخر.
ثُم صَرختْ والدموع تَنهمر من عينيها وقالت لي: “طلع ندل يا عمه! فص ملح وذاب” فَقُلت لَها: “وأنتِ طلعتي غَبية يا حلوة”. اِنهمرت الجميلة في البُكاء لكن هل ينفع البكاء بعد انسكاب الماء؟
أعزائي وأحبابي
هذه الخطية لا تأتي فَجأة، بل قَبلها إِرهاصات ومُقدمات، تَبدأ بنظرة، فَابتسامة، فَموعد، ولقاء، ثم قد يحدث ما لا يُحمد عُقباه، كما حدث مع المسكينة هذه. وهنا نحذِّر أنفسنا، وأولادنا، وبناتنا، والجميع، من نتائج هذه الخطية المرعبة فهي:
(١) تأتي بالموت: فعمومًا أجرة الخطية موت؛ الموت الأبدي وهو الطرح في بحيرة النار والكبريت، والموت الجسدي هو انفصال الروح عن الجسد، والموت الأدبي هو انفصال الإنسان عن الله، فقيل عن الابن الضال بأنه: «كان ميتًا فعاش» (لوقا١٥: ٢٤)، ومن يسقط في هذه الخطية بصفة خاصة يُقال عنه «إِنَّهُ يَمُوتُ مِنْ عَدَمِ الأَدَبِ (وليس من قلة الأدب)» (أمثال٢٣:٥).
(٢) تحطم زهرة الشباب: يقول الكتاب: «أَبْعِدْ طَرِيقَكَ عَنْهَا (عن كل ما يقودك إلى الخطايا الجنسية)، ولاَ تَقْرَبْ إِلَى بَابِ بَيْتِهَا، لِئَلاَّ تُعْطِيَ زَهْرَكَ لآخَرِينَ، وسِنِينَكَ لِلْقَاسِي» (أمثال ٥: ٨-٩).
(٣) تُفقد العقل: «أَمَّا الزَّانِي بِامْرَأَةٍ فَعَدِيمُ الْعَقْلِ. الْمُهْلِكُ نَفْسَهُ هُو يَفْعَلُه» (أمثال ٣٢:٦)، أو «ذَهَبَ ورَاءَهَا لِوقْتِهِ كَثَوْرٍ يَذْهَبُ إِلَى الذَّبْحِ أَوْ كَالْغَبِيِّ إِلَى قَيْدِ الْقِصَاصِ حَتَّى يَشُقَّ سَهْمٌ كَبِدَهُ. كَطَيْرٍ يُسْرِعُ إِلَى الْفَخِّ ولاَ يَدْرِي أَنَّهُ لِنَفْسِه» (أمثال ٢٢:٧-٢٣).
(٤) تجلب الفقر: «للأَنَّهُ بِسَبَبِ امْرَأَةٍ زَانِيَةٍ يَفْتَقِرُ الْمَرْءُ إِلَى رَغِيفِ خُبْزٍ» (أمثال ٢٦:٦).
(٥) تُلطخ بالخزي والخجل: «ضَرْبًا وخِزْيًا يَجِدُ، وعَارُهُ لاَ يُمْحَى» (أمثال ٣٣:٦).
(٦) الحصاد المر: «لأَنَّ الْغَيْرَةَ هِيَ حَمِيَّةُ الرَّجُلِ، فَلاَ يُشْفِقُ فِي يَوْمِ الانْتِقَامِ» (أمثال ٣٤:٦)..
(٧) عاقبتها غير بدايتها: فقد تكون البداية جَذابة ومغرية وحلوة، فتبدأ بالابتسامة لكنها تنتهي بالدموع والحزن والندامة، «لكِنَّ عَاقِبَتَهَا مُرَّةٌ كَالأَفْسَنْتِينِ، حَادَّةٌ كَسَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ» (أمثال ٤:٥)، «فَتَنُوحَ فِي أَواخِرِكَ، عِنْدَ فَنَاءِ لَحْمِكَ وجِسْمِكَ، فَتَقُولَ: كَيْفَ أَنِّي أَبْغَضْتُ الأَدَبَ، ورَذَلَ قَلْبِي التوبيخ! ولَمْ أَسْمَعْ لِصَوْتِ مُرْشِدِيَّ، ولَمْ أَمِلْ أُذُنِي إِلَى مُعَلِّمِيَّ» (أمثال١١:٥ -١٣).
لذلك يحذرنا الكتاب المقدس بالقول القاطع:
«أما الشَّهَواتُ الشَّبَابِيَّةُ فَاهْرُبْ مِنْهَا، واتْبَعِ الْبِرَّ والإِيمَانَ والْمَحَبَّةَ والسَّلاَمَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ الرَّبَّ مِنْ قَلْبٍ نَقِيٍّ» (٢تيموثاوس ٢٢:٢).
وأيضًا: «يَا ابْنِي احْفَظْ كَلاَمِي واذْخَرْ وصَايَايَ عِنْدَكَ. احْفَظْ وصَايَايَ فَتَحْيَا وشَرِيعَتِي كَحَدَقَةِ عَيْنِكَ. اُرْبُطْهَا عَلَى أَصَابِعِكَ. اكْتُبْهَا عَلَى لَوْحِ قَلْبِكَ. قُلْ لِلْحِكْمَةِ: “أَنْتِ أُخْتِي” وادْعُ الْفَهْمَ ذَا قَرَابَةٍ. لِتَحْفَظَكَ مِنَ الْمَرْأَةِ الأَجْنَبِيَّةِ مِنَ الْغَرِيبَةِ الْمَلِقَةِ بِكَلاَمِهَا» (أمثال ١:٧-٥).
ليتنا نبتعد عن الشر ونلتصق بالبر.