الخطية الوحيدة التي وصف الكتاب المقدس من يفعلها أنه يخطئ إلى جسده، هي خطية الزنا. فتقول كلمة الله «اُهْرُبُوا مِنَ الزِّنَا. كُلُّ خَطِيَّةٍ يَفْعَلُهَا الإِنْسَانُ هِيَ خَارِجَةٌ عَنِ الْجَسَدِ لَكِنَّ الَّذِي يَزْنِي يُخْطِئُ إِلَى جَسَدِه» (١كورنثوس٦: ١٨).
ما أبشع هذه الخطية، فهى ضد الله، ولكنها أيضًا تدمِّر كيان الإنسان.
أولاً: لماذا يبغض الله هذه الخطية بالذات؟!
لا ننسَ أن إلهنا قدوس ويكره الخطية أيًا كانت؛ فعيناه أطهرا من أن تنظرا الشر (حبقوق١: ١٣). لكن الله يكره خطية الزنا بصفة خاصة للأسباب الآتية:
١. كسر وصية الرب القديمة «لا تَزْن» (خروج٢٠: ١٤).
٢. فِكر الله أن يرتبط رجل واحد بامرأة واحدة طوال حياتهما «لِيَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ امْرَأَتُهُ، وَلْيَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ رَجُلُهَا» (١كورنثوس٧: ٢). لاحظ معي كلمة “امرأته” وكلمة “رجلها”، كما أن الارتباط بامرأة أو أرتباط المرأة بالرجل، يجعل الاثنان جسدًا واحدًا.
٣. الارتباط بشريك واحد هو صورة لأرتباط المسيح بالكنيسة، «يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ، وَيَكُونُ الِاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا. هذَا السِّرُّ عَظِيمٌ، وَلَكِنَّنِي أَنَا أَقُولُ مِنْ نَحْوِ الْمَسِيحِ وَالْكَنِيسَة» (أفسس٥: ٣١-٣٢). فهو ارتباط مقدس، والنتيجة يباركهما الله ويجمعهما. فلا يصح أن يكون الارتباط شهوانيًا وقتيًا، ومع أي امرأه أو أي رجل.
٤. هدف الله أن تكون هناك أسرة من أب وأم وأولاد، تُمجِّد الله من جهة، ومن جهة أخرى ينشأ الفرد فيها سويًا. وأعطى الله “الجنس” ليكون وسيلة لإنجاب أولاد في الأسرة، وأيضًا لتقوية الارتباط والعلاقة بين الزوجين، وليس للعربدة والشهوانية.
٥. الزنا قباحة في عيني الرب، فعندما سقط داود في هذه الخطية يذكر الوحي «وَأَمَّا الأَمْرُ الَّذِي فَعَلَهُ دَاوُدُ فَقَبُحَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ» (٢صموئيل١١: ٢٧).
٦. العلاقات الجنسية خارج الزواج هي زنا وعهارة تحكمها الأرواح الشريرة، فنقرأ في كلمة الله هذه التعبيرات «لأَنَّ رُوحَ الزِّنَى قَدْ أَضَلَّهُمْ فَزَنُوا مِنْ تَحْتِ إِلَهِهِمْ» (هوشع٤: ١٢)، وأكثر من مرة تُسمى الأرواح الشريرة بأنها “روح نجس”.
ثانيًا: ما هي الآثار المدمرة أدبيًا وأبديًا لمن يزني؟
١. الآثار النفسية: يهيج الضمير داخل الإنسان نتيجة هذا التدني الأخلاقي، ويمتلئ داخل الشخص بالشعور الرهيب بالذنب والكآبة وحالة من القرف!! قال لي واحد ممن سقطوا في هذه الخطية: أشعر دائمًا بأني قذر!! حتى أن داود صلى قائلاً «اغْسِلْنِي كَثِيرًا مِنْ إِثْمِي وَمِنْ خَطِيَّتِي طَهِّرْنِي» (مزمور٥١: ٢).
٢. الآثار الأدبية والروحية: ما أخطر نتائج هذه الخطية! فهي تقطع الشركة مع الله لأن عيناه أطهر من أن تنظرا الشر. كما أنها تجلب الخزي والعار على مرتكبها، لذلك يقول سليمان الحكيم «ضَرْبًا وَخِزْيًا يَجِدُ وَعَارُهُ لاَ يُمْحَى» (أمثال٦: ٣٣)، وقالت فتاة مسكينة أُغتصبت: أين أذهب أنا بعاري؟
٣. الآثار الأبدية: الزنا يجلب نوعين من النتائج والحصاد، وقتيًا وأبديًا. فعن الوقتي قال الرب لدواد على فم ناثان النبي بعد ما زنى «وَالآنَ لاَ يُفَارِقُ السَّيْفُ بَيْتَكَ إِلَى الأَبَدِ» (٢صموئيل١٢: ١٠). وأما عن العقاب الأبدي يقول الكتاب: «غَيْرُ الْمُؤْمِنِينَ وَالرَّجِسُونَ وَالْقَاتِلُونَ وَالزُّنَاةُ وَالسَّحَرَةُ وَعَبَدَةُ الأَوْثَانِ وَجَمِيعُ الْكَذَبَةِ فَنَصِيبُهُمْ فِي الْبُحَيْرَةِ الْمُتَّقِدَةِ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ، الَّذِي هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي» (رؤيا٢١: ٨).
ثالثًا: يا ترى هل من علاج وتطهير لهذه الشرور؟
كان ولا زال إله كل نعمة يقدم الفرصة للغفران والتطهير من الخطية لكل أثيم ومذنبٍ، قال عنه ميخا النبي: «مَنْ هُوَ إِلَهٌ مِثْلُكَ غَافِرٌ الإِثْمَ وَصَافِحٌ عَنِ الذَّنْبِ... يَعُودُ يَرْحَمُنَا يَدُوسُ آثَامَنَا وَتُطْرَحُ فِي أَعْمَاقِ الْبَحْرِ جَمِيعُ خَطَايَاهُمْ» (ميخا٧: ١٨).
والأساس لهذا الغفران والتطهير هو موت المسيح على الصليب، إذ تم فيه المكتوب «وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا»، وأيضًا «وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا» (إشعياء٥٣: ٥، ٦).
لذا يمكن لكل مُذنب تلوَّث بالخطية والدنس أن ينال الغفران والتطهير، إذا أتى الآن وقبل فوات الأوان، إلى المسيح تائبًا نادمًا. وهذا ما يعد الرب به كل تائب راجع إليه قائلاً «لِيَتْرُكِ الشِّرِّيرُ طَرِيقَهُ وَرَجُلُ الإِثْمِ أَفْكَارَهُ وَلْيَتُبْ إِلَى الرَّبِّ فَيَرْحَمَهُ وَإِلَى إِلَهِنَا لأَنَّهُ يُكْثِرُ الْغُفْرَانَ» (إشعياء٥٥: ٧).
إن إلهنا العظيم، ليس فقط يطهِّرنا ويسامحنا، لكنه يُقدِّس الحياة بقوة الروح القدس وبعمل دم المسيح الكريم، بل ويكرس الكيان، ولاسيما الجسد، له ذبيحة حية مقدسة.
إخوتي الأحباء ليحفظنا الرب من هذه الشرور، ولاسيما خطية الزنى. إننا نحتاج إلى ملئ الروح القدس، والتنقية اليومية بكلمة الله، بل وليتنا لا ننسى صلاة يعبيص التي طلبها قائلاً «لَيْتَكَ تُبَارِكُنِي، وَتُوَسِّعُ تُخُومِي، وَتَكُونُ يَدُكَ مَعِي، وَتَحْفَظُنِي مِنَ الشَّرِّ حَتَّى لاَ يُتْعِبُنِي. فَآتَاهُ اللَّهُ بِمَا سَأَلَ» (١أخبار٤: ١٠).
سلمتك سيدي
|
| نفسي والكيان
|
لك روحي جسدي
|
| لك طول الزمان
|
فكري كذا وقلبي
|
| احفظهما لك
|
لمجد اسمك افعل بي ما تشاء، أنا لك
|