أثناء قيادته سيارته على أحد الطرق السريعة، تعرَّض ابني لحادثة مُريعة، كادت تودي بحياته، لولا تداخل يد العناية الإلهية التي وضعت للأمور حدًا لا تتعداه.
وبعد الحادثة بيومين، كتب في صفحته على الفيسبوك هذه الكلمات الجميلة المُبهجة، والمُفعمة بالامتنان والشكر لله، وبالنظرة التفاؤلية للأمور، والتي حركت مشاعر العشرات، فتجاوبوا مع كلماته بالتعليقات الجميلة. كتب:
من يومين مشيت بالعربية على زفت محطوط لرصف الشارع، وبعدين عديت على رملة، وأنا بلف الميدان، العربية عوِّمت مني جامد جدًا، ولفت ١٨٠ درجة، واترزعت في الرصيف!
وفجأة ببص لنفسي، لقيتني كويس (نعمة الحياة).
قولت ها أودي العربية التوكيل، خالي عرف، وقالي أنا ها أوديك الحرفيين عند ناس أعرفهم، وأظبط لك كل حاجة... عطَّل شغله وتعب ولف معايا كتير (نعمة مساندة الأحباء العملية المُضحية).
وواحد صاحبي فات عليَّ ومعاه فلوس كتير، وقال لي خدهم أنا مش محتاجهم دلوقتي (نعمة الصداقة).
نزلت الحرفيين مع خالي، اشتريت جنطين للعربية، والاتنين البايظين أخدهم مني الراجل بـــ ٥٠ جنية. افتكرت إن عمر ما سَيِّدي رماني، أو قيمتي قلّت في عينيه، بالعكس كل ما بتخبط أكتر، كل ما قيمتي بتزيد بثقل مجده فيَّ، وقوته في ضعفي وانكساري تزيد، وتزيد أكثر.
لفيت اشتريت حاجات من الساعة ١٠ الصبح لغاية الساعة ١٠ بالليل (نعمة الصحة... نعمة الفلوس).
حاولت ألملم المصاريف، اشتريت بعض الحاجات استيراد، والبعض جديد، والبعض تايواني (نعمة الفهم والحكمة).
مراتي كل شوية تكلمني تتطمن عليَّ (مَن يجد زوجة متعقلة - من عند الرب - يجد خيرًا وينال رضا من عنده).
قعدت ١٣ ساعة برة البيت، ولقيت نفسي مش متضايق، وخُلقي مش ضيق (نعمة الصبر والنفس الطويل).
خلَّصت، ركبت العربية، وروَّحت بسلام (نعمة رعاية القدير: مش كل الناس بترجع لبيتها، أو حتى بترجع سليمة).
أخدت حمام سخن تمام (مش كل الناس عندها مية سخنة).
أكلت كويس (مش كل الناس عندها أكل).
وها أروح دلوقتي أنام على سرير مريح (مش كل الناس عندها سرير أساسًا).
يا سَيِّدي: مراحمك جديدة كل صباح... كثيرة أمانتك... خير ورحمة يتبعاننا كل أيام الحياة... لم أرَ صِدّيقًا تُخليَّ عنة أبدًا يا رب.
لقد كان يعلَم أن الله لم يُخطئ حينما قال: «اشْكُرُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ، لأَنَّ هَذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ اللهِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ مِنْ جِهَتِكُمْ» (١تسالونيكي٥: ١٨)، وأيضًا «شَاكِرِينَ كُلَّ حِينٍ، عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فِي اسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، لِلَّهِ وَالآبِ» (أفسس٥: ٢٠). فإن إعطاء الشكر للرب، في كل ظرف ومناسبة، هو العلاج الإلهي لمشاكلنا حتى في ظروف المحن والتجارب.
يا له من درسٌ! يا ليتنا نتعلّم منه؛ أن نعدَّ بركات الله علينا بغضِّ النظر عن ظروفنا. فحقًا إن لدينا أسبابًا عديدة للفرح والابتهاج! ومن المؤكد أن تسبيح الله يأتي تلقائيًا عندما نعدُّ بركات الله علينا. إننا في الحياة كثيرًا ما تُلهينا الخيبات الصغيرة، وننسى الخيرات الجزيلة التي يُغدِقها علينا الربّ. ولكنَّ خيرات الحياة، أولى أن تستحوذ على انتباهنا، أكثر من الظروف المعاكسة. وعوضًا عن التركيز على تجارب الحياة، ينبغي أن نصبَّ اهتمامنا على بركاتها. ولنقُل مع صاحب المزمور: «مُبَارَكٌ الرَّبُّ يَوْمًا فَيَوْمًا. يُحَمِّلُنَا إِلَهُ خَلاَصِنَا (خيرات)» (مزمور٦٨: ١٩)، وأيضًا «بَارِكِي يَا نَفْسِي الرَّبَّ، وَلاَ تَنْسَيْ كُلَّ حَسَنَاتِهِ» (مزمور١٠٣: ٢).
وإذا نحن واظبنا على حمد الرب وتسبيحه، فلن تشغلنا ضيقات الحياة. وما أحسن أن يكون لسان حالنا ما قاله ناظمُ المراثي: «أُرَدِّدُ هَذَا فِي قَلْبِي، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَرْجُو: إِنَّهُ مِنْ إِحْسَانَاتِ الرَّبِّ أَنَّنَا لَمْ نَفْنَ، لأَنَّ مَرَاحِمَهُ لاَ تَزُولُ. هِيَ جَدِيدَةٌ فِي كُلِّ صَبَاحٍ. كَثِيرَةٌ أَمَانَتُكَ. نَصِيبِي هُوَ الرَّبُّ، قَالَتْ نَفْسِي، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَرْجُوهُ» (مراثي٣: ٢١-٢٤)!
من الصعب على معظمنا أن يشكر الله دائمًا على البركات المألوفة التي تجعل الحياة هانئة ومريحة، مثل إعالتنا يوميًا بتلبية حاجاتنا المعتادة، وتدبير المأكل والملبس والمسكن، ورفقة الأصدقاء والعائلات. وقبل كل هذا، وبعد كل هذا، ليتنا نتفكر في كل البركات الروحية التي نتمتع بها نتيجة محبة المسيح الفدائية، وموته الكفاري من أجلنا على الصليب.
نعم، ما أكثر الأشياء التي لنا لنشكر الرب عليها حتى في وسط الضيقات. وفضلاً على ذلك فإن نفس المشقات التي يسمح الرب بها هي مُرسَلة منه لخيرنا الروحي، لذلك يجب علينا أن نشكره حتى على نفس ضيقات الحياة حيث أنها تُشعرنا باحتياجنا إليه وتقربنا إلى المسيح أكثر فأكثر، وهي بمثابة سلالم لازمة لكي تصل بنا إلى مستوى روحي أرفع.
إن غير المؤمن ليس له ما يستند عليه في أوقات الشدة إلا ذراع البشر، أما أولاد الله فإنهم يجدون ما يرفع نفوسهم في معرفة البركات الكثيرة التي لهم، وفي التسبيح والشكر لله لأجلها، فيمضون في طريقهم فرحين، إذ أن لهم في الله القدير أبًا محبًا لا يخيب رجاء أولاده «أُبَارِكُ الرَّبَّ فِي كُلِّ حِينٍ. دَائِمًا تَسْبِيحُهُ فِي فَمِي» (مزمور٣٤: ١). فيا ليتنا ندرب أنفسنا على الشكر والتسبيح دائمًا!
إن جُودَ اللهِ يدعو للسُّـرورْ زمَنَ الخَيرِ وفي وَقتِ الشـُّرورْ
فمتي هبَّتِ الأحزاَنُ تثورْ بَركاتِ الربِّ عدِّدْ شاكِرًا
بركاتِ الربِّ عدِّدْ شاكِرًا واعترف بالجُودِ حتّي في العناءْ
كلَّ صُبحٍ ومساءٍ ذاكِرًا جُودَهُ السّامي بحَمدٍ وثَناءْ