جَت الكورونا ورعبتنا، قعدتنا في بيوتنا، عملت للعالم كله pause!
جت الكورونا ومش بس الحياة وقفت والموت سيطر، لكن دي جت وزنقتنا وحدنا مع خوفنا، ووجوه جديدة لينا لسه بنكتشفها مش لينا بس، لينا وللي معانا!
حبسة، ومفيش الحاجات اللي كنا ملهيين بيها قبل كدة من شغل ومرواح ومجي، والأمر ميخلاش من حتى الاجتماعات!
فيروس ميتشافش بالعين المُجرَّدة لففنا ورا نفسنا، بل حبسنا بالعافية مع نفسنا. وهنا كانت المفاجئة!
من أكتر الحاجات اللي شدتني من ساعة ما دخلنا الوباء هو ردود أفعال الناس على اللي بيحصل، وأنا مش جاية أحكي عن غيري، أنا جاية وهشارككم كلماتي اللي معرفش ممكن تكون آخر كلمات لي ولا لأ، بس جاية أشارك اللي حصل وبيحصل معايا منذ تلك اللحظة!
جت الكورونا والشوارع في كل العالم فضيت! الأخبار مرعبة، العالم خلاص بيخلص!
صرخة عميقة جوايا بتقول: لا، مش ممكن تبقي خلاص دي النهاية!
أنا لسه في حاجات كتير معملتهاش!
لسه في أحلام كتير ووزنات مستخدمتهاش!
أنا - بنعمة الله - مش خايفة من الموت، لكن أنا لسه معملتش!
معرفش هيبقي رد فعلكوا إيه وانتوا بتقروا الكلام ده، بس هقوله وأمري لله!
الكورونا جت ولحلحتني!
حركتني من حالة الانتخة وإن العمر لسه قدامي، جت وزي اللي نكزتني: فوقي وقومي يالاّ، عاوزة تلحقي تعملي إيه؟
وهنا دخلت عالمستوى اللي بعده اللي صدمني: هو أنا عاوزة أعمل إيه بالظبط؟
وهل بجد هو ده اللي عاوزة أعمله قبل ما تنتهي حياتي؟
هو ده اللي عاوزة أفني فيه عمري بجد؟
هيزرع للملكوت ولا لإيه؟
هيتحرق بنار وهيبقي رماد ولا لأ؟
صدمة على فكرة!
فحص الدوافع مش سهل أبدًا، لكن حتى دي الله بيعين فيها «اخْتَبِرْنِي يَا اَللهُ وَاعْرِفْ قَلْبِي. امْتَحِنِّي وَاعْرِفْ أَفْكَارِي» (مزمور١٣٩: ٢٣).
اللطيف واللي يطمن إن الله معيني في الرحلة دي، رحلة الفحص والتصحيح واكتشاف الدافع، صوته مش مزعج حتى لو بيقول حاجة تكسفني عن نفسي، صوته مشجع، يصارحني بالغلط بكل حنية ويشجعني على الصح!
ممكن حد يقولك أو يفرض عليك تقضي باقي عمرك ازاي وتعمل فيه إيه.
ممكن أنت تكون مختار ومتأكد. وممكن زي حالاتي تقف وقفة وتراجع اللي بيحصل وتبتدي تشرك ربنا في رحلة فحص الذات وتحديد هدف الحياة، رحلة بيكشف لي فيها أنا مين؟ بأصارحه بحب إيه. أفحص أهدافي ودوافعها معاه، يصحح ويشجع ويلمع. لو شاركنا الناس بس في الرحلة دي فجايز جدًا نتخبط في ناس قاسية بتقول الحقيقة آه، بس بطريقة تحبط وتفشِّل، مش حكيمة، عاوزانا نتغير بسرعة، منفسنة. أيا كان، الناس ضعيفة ومينفعش نتكل عليهم بالكامل في الموضوع ده! (بس هذا لا يمنع أن الله هيستخدم معانا ناس في رحلتنا دي).
لكن الله مش بيعاملنا غلط، الله حكيم.
أحسن حاجة ممكن تعملها لنفسك الفترة دي إنك تبتدي تكتشف نفسك - أيًا كان عمرك - وتشوف عاوز تعمل إيه في العمر اللي باقي، إنك تبتدي الرحلة دي وأنت ماسك في الإيدين اللي صنعتك وأنشأتك، تمشي الرحلة دي مع الإله اللي عارفك وكاشفك قبل ما أنت تفهم نفسك، وحابك وعاوزك؛ والصليب أكبر برهان على كده!
النهاردة جاية أشجعك إن لو حسيت إن الكورونا كشفت عن وجه مخزي عندك متتخضش، متهربش، متفقدش الأمل!
الله بنفسه مش متفاجئ بكسور فيك.
مش مستعرّ ولا قرفان من اللي أنت بتكتشفه ده!
اكتشفت هيافة، ضعف إيمان أو حتى عدم إيمان، ضياع، كُره، غيرة (حط أي حاجة أنت واقع فيها وكاسفاك من نفسك) أيا كان.
إله كل نعمة - أحلى اسم بحب اتكلم بيه عنه - موجود ليك وليا بغضِّ النظر عن اللي أنا فيه!
أنا عارفة إن للأسف تكرار الكلام ده أفقده معناه، بس يا بختك لو انت جربت تدوق النعمة، يا بختك لو الحقيقة دي نزلت من مخك اللي حافظها عن ظهر قلب، لقلبك العطشان من كتر الإحساس بالخزي (القرف من نفسك) والذنب، وابتديت تدوق النعمة!
هتمشي الكورونا وهنرجع تاني، بس عاوز ترجع زي ما أنت؟
الكتاب المقدس بيقول في رسالة يعقوب «لأَنَّهُ إِنْ كَانَ أَحَدٌ سَامِعًا لِلْكَلِمَةِ وَلَيْسَ عَامِلاً، فَذَاكَ يُشْبِهُ رَجُلاً نَاظِرًا وَجْهَ خِلْقَتِهِ فِي مِرْآةٍ،
فَإِنَّهُ نَظَرَ ذَاتَهُ وَمَضَى، وَلِلْوَقْتِ نَسِيَ مَا هُوَ» (يعقوب١: ٢٣-٢٤). من الذكاء إنك تصلح اللي لقيته. والله إله التغيير، إله التجديد، الطبيب العظيم اللي يعرف يفتح فين ويعمل إيه ويخيط ازاي ويضمد ازاي.
كل اللي عليك إنك تخضع، تعترف بإنك محتاج له، وتطلع برجليك على سرير عملياته لأن هو مبيجبرناش على حاجة، وتتفرج على حرفنته وهو بيشتغل فيك.
أشجعك إنك متخافش، لأنه آه فيه وجع بس بعدها فيه راحة.
زي الخراج اللي بيفضى، ويا بخت اللي مضيعش الوقت في الاستسلام للخوف والقلق، أو لهى نفسه عن نفسه بأي حاجة تطفي الدوشة.
يا بخت اللي راجع حساباته ونضَّف ورتّب، وكمِّل على نور.
ويا رب بعد ما تعدي الأيام دي نخرج منها متغيرين زي ما الله قاصد. ثقتي إنه هو المتحكم في الأمور، وإنه بكلمة منه الوباء يمشي، بس الأهم إنه يمشي بعد ما مشيئته تتم فينا، ونتجاوب ونتغير للصورة اللي هو عاوزها.