أحد تلاميذ المسيح الاثني عشر، ويحتل مكانًا بارزًا في الأناجيل الأربعة وسفر أعمال الرسل، وهو الأشهر بين الرسل. وهو ابن يونا، من قرية بيت صيدا في شمال الجليل، قرب بحيرة طبرية، وهو أخو أندراوس، وكان عمله صيد السمك، ويمتلك قاربًا للصيد.
ترك بيت صيدا وذهب إلى مدينة كفر ناحوم مع عائلته، وامتلك منزلًا هناك، وهذا يدل على أنه كان صيادًا نشيطًا وناجحًا. كان متزوجًا، وكانت حماته تعيش معه، والرب شفاها من الحمى (متى٨: ١٤؛ مرقس١: ٢٨-٣٠).
كان بطرس واحدًا من ثلاثة تلاميذ مقرَّبين جدًا للرب يسوع، مع يعقوب ويوحنا ابني زبدي. ولقد أخذهم الرب معه في ثلاث مناسبات: عند إقامة ابنة يايرس (لوقا٨: ٥١)، حيث رأوا مجده كابن الله؛ وعلى جبل التجلي (متى١٧: ١)، حيث رأوا مجده كالملك؛ وفي بستان جثسيماني حيث رأوا آلامه كالإنسان الكامل (متى٢٦: ٣٧).
كان بطرس مقدام الرسل، ودائمًا يُذكَر اسمه أولًا، عند ذكر أسماء الرسل الاثني عشر (متى١٠: ٢). كان شجاعًا، غيورًا، حماسيًا، قياديًا مؤثرًا، له روح المبادرة، كثير الأسئلة، جريئًا، واثقًا من نفسه، صريحًا، مندفعًا في الكلام والتصرف، سريع التغيير. كان محبًا لسيده ووفيًا له، وكان لديه الاستعداد للتضحية من أجله حتى السجن والموت. كان له حساسية روحية، إذ بعد إنكاره للرب، خرج إلى خارج وبكى بكاءً مرًا.
بطرس هو الوحيد من الرسل الذي مشى على الماء (متى١٤: ٢٩)، وهو صاحب أقصر صلاة في الكتاب المقدس: «يَارَبُّ، نَجِّنِي!» (متى١٤: ٣٠)، والذي أخذ إعلانًا من الآب أن المسيح هو ابن الله الحي، وأخذ أيضًا إعلانًا من الرب يسوع عن الكنيسة أنها مبنية على الصخرة، وأن أبواب الجحيم لن تقوى عليها (متى١٦: ١٦-١٨). وهو الوحيد الذي أخذ مفاتيح ملكوت السماوات، ولقد فتح بطرس الباب لليهود للدخول لدائرة ملكوت السموات في يوم الخمسين (أعمال٢)، وفتح الباب للأمم عندما ذهب وبشَّر كرنيليوس الأممي وبيته (أعمال١٠). وهو الوحيد من الرسل الذي أعلن له الرب أنه سيموت شيخَا (يوحنا٢١: ١٨)، وهو الوحيد من الرسل الذي تحدث الرب إليه كثيرًا سواء بالمدح أو بالتوبيخ. وهو الوحيد من الرسل الذي عارض سيده في غسل الأرجل، وهو الوحيد من الرسل الذي أنكر الرب ثلاث مرات. وهو أول واحد من الرسل ظهر له الرب بعد القيامة، وهو الوحيد من الرسل الذي كان ظله يشفي المرضى (أعمال٥: ١٥).
هو أحد أواني الوحي، حيث كتب رسالتين لليهود المؤمنين المتألمين ليشجعهم على احتمال الآلام والثبات في الرب. له خمس عظات مذكورة في سفر أعمال الرسل (أعمال٢، ٣، ٤، ٥، ١٠)، وأشهرها عظة يوم الخمسين، والتي ربح فيها ثلاثة آلاف نفس للمسيح.
إن شخصية بطرس شيقة وجذابة ومشجعة للآخرين، لأننا ببساطة نرى أنفسنا فيه، ونتعلم دروسًا أدبية كثيرة منها.
في اللقاء الأول بين سمعان والرب يسوع، غيَّر اسمه إلى صفا الذي تفسيره بطرس (يوحنا١: ٤٢). وفي اللقاء الثاني عند بحيرة جنيسارت غيَّر عمله من صياد للسمك إلى صياد للنفوس (لوقا٥: ١٠). وفي لقاء نواحي قيصرية فيلبس أعطاه مفاتيح ملكوت السماوات (متى١٦: ١٩). وبعد القيامة عند بحيرة طبرية أعطاه الرب خدمة جديدة هي رعاية المؤمنين، إذ قال له «أرع غنمي» (يوحنا٢١: ١٦). بحق كان سمعان بطرس تلميذًا محظوظًا جدًا.
اللقاء الأول مع الرب
تقابل أندراوس مع الرب يسوع أولًا، ثم في اليوم الثاني وجد أخاه سمعان، فقال له: «هذَا وَجَدَ أَوَّلاً أَخَاهُ سِمْعَانَ، فَقَالَ لَهُ: “قَدْ وَجَدْنَا مَسِيَّا” الَّذِي تَفْسِيرُهُ: الْمَسِيحُ» (يوحنا١: ٤١).
فتش أندراوس على أخيه سمعان حتى وجده، ثم أخبره عن الرب، ودعاه أن يراه. كانت العبارة التي قالها أندراوس قصيرة، لكنها مؤثرة. يا ليت كل واحد وجد المسيح، يذهب ويكلم الآخرين عنه ويأتي بهم إلى الرب.
قد وجدنا مسيا: قد وجدنا منتظر الأجيال ومشتهى كل الأمم. قد وجدنا الذي فيه الغنى والشبع، الفرح والسعادة، الحرية والسلام، وفيه تحقيق الآمال التي انتظرناها.
فنظر إليه يسوع: إنها نظرة الحب والحنان، وأيضًا نظرة فاحصة ولها معنى عظيم، وكأنَّ الرب يقول له: ستكون عليك مسؤولية كبيرة في المستقبل.
قال سبرجن: “نظر إليَّ، فنظرت إليه، فصرنا واحدًا”.
«فَنَظَرَ إِلَيْهِ يَسُوعُ وَقَالَ: “أَنْتَ سِمْعَانُ بْنُ يُونَا. أَنْتَ تُدْعَى صَفَا الَّذِي تَفْسِيرُهُ: بُطْرُسُ”» (يوحنا١: ٤٢). في اللقاء الأول فاجأ الرب سمعان بأنه يناديه باسمه واسم أبيه، دون أن يُخبره أحد. أراد الرب أن يعلن له أنه العليم بكل شيء، يعرفه ويعرف اسمه، ويعرف كل شيء عنه.
نجد في العبارة التي قالها له الرب ثلاثة أسماء:
سمعان: معناه يسمع، قال الرب: «طُوبَى لِلَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللهِ وَيَحْفَظُونَهُ» (لوقا١١: ٢٨).
يونا: اختصار يونان، ومعناه حمامة، وهي صورة للروح القدس، الذي به يُولد الإنسان ثانية (يوحنا٣: ٥).
صفا: معناه حجر صغير، وأنت يا بطرس ستكون حجر في بيت الله الذي هو الكنيسة (١بطرس٢: ٥).
سمعان اسمه الأصلي، صفا: الاسم بالأرامي، بطرس: الاسم باليوناني.
«أَنْتَ تُدْعَى صَفَا الَّذِي تَفْسِيرُهُ: بُطْرُسُ»، أي سأغيرك من سمعان المتقلب والمتغير إلى بطرس الثابت القوي في دفاعك عن الحق.
عندما غيَّر الرب اسمه، كان يُعلن عن سيادته عليه، فهو السيد الذي يُعطي عبيده أسماء جديدة.
بعض الملوك غيروا أسماء بعض الناس لإعلان سلطانهم عليهم، لكن الرب عندما يُغير الاسم، فليس فقط لإعلان سيادته عليه، لكن قوته الإلهية تعمل فيهم ليتوافق مع الاسم الجديد الذي أخذه. فسمعان قبل الصليب كان خائفًا، حتى إنه أنكر ثلاث مرات، ولكن موقفه تَغَّير بعد نزول الروح القدس يوم الخمسين، حيث وقف بكل شجاعة وجرأة يُوبِّخ اليهود على جريمة صلب المسيح (أعمال٢: ٢٣).
بعد اللقاء التاريخي بين سمعان والرب يسوع، على الأرجح رجع سمعان إلى عمله وهو صيد السمك.
استمر الرب يُشكل في سمعان عدة سنوات، فهو الفخاري الأعظم، الذي يُخرج إناء بحسب فكره نافعًا له، وكما غير الرب سمعان إلى بطرس يستطيع أن يُغير كل واحد منا ليصبح بحسب فكره، يا ليتنا نخضع لتشكيله الإلهي.
ولحديثنا بقية بمشيئة الرب.