«كنت أعمى والآن أبصر» هكذا لخَّص الذي كان مولودًا أعمى التغيير الذي حدث معه بعد أن تقابل مع الرب يسوع المسيح (راجع القصة في يوحنا٩).
وُلد هذا الشخص بدون عينين وظل طيلة حياته لا يرى، إلى أن تقابل مع ابن الله الذي صنع معه الآية فاستمتع بالمعجزة، لكن الأهم أنه آمن بابن الله؛ فعندما عرف شخص يسوع من هو قال «أؤمن يا سيد» (يوحنا٩: ٣٨).
هناك أشخاص «رأوا الآيات التي صنع يسوع» و«آمنوا باسمه» (يوحنا٢: ٢٣). لكن يسوع لم يأتمنهم على نفسه (ع٢٤)! أي لم يثق بهم، لأنه كان يعرف ما بداخلهم؛ فهؤلاء لم يختبروا الولادة الجديدة من الله التي تكلم الرب عنها مع نيقوديموس في الإصحاح التالي لهذا الكلام (يوحنا٣).
الاختبار الحقيقي في العلاقة مع الله يصنع تغييرًا حقيقيًا!
ثماني مرات يُذكَر عن هذا الشخص في يوحنا٩ أنه «أبصر»، والرقم ٨ مدلوله في الكتاب هو التجديد، وهذا ما يقوله الكتاب «إذًا إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة: الأشياء العتيقة قد مضت، هوذا الكل قد صار جديدًا» (٢كورنثوس٥: ١٧).
هل تستطيع يا صديقي أن تقول “كنت... وأصبحت...”؟
الاختبار المسيحي عبَّر عنه الرسول بولس في ٢كورنثوس٤: ٦ قائلاً «لأن الله الذي قال أن يشرق نور من ظلمة هو الذي أشرق في قلوبنا لإنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح».
نور أشرق وسط الظلمة والحياة أصبحت في النور.
إن كنت لم تختبر هذا التغيير، تعال بالإيمان الآن للرب يسوع المسيح، واعترف بحالتك واحتياجك للتغيير، وضع ثقتك فيه وهو يقدر أن يغيرك.
لكن، هناك مؤمن وصفه الكتاب بـ«أعمى قصير البصر»! (اقرأ الجزء ٢بطرس١: ٣–١١).
هل من الممكن أن واحدًا من أولاد الله يكون بهذا الوصف؟! أم أنه يتحدث عن أشخاص ليسوا مؤمنين حقيقيين؟ أم أشخاص كانوا مؤمنين وفقدوا إيمانهم فأصبحوا عميانًا بعدما كانوا مبصرين؟!
ما يجعلنا نؤكد أن الكلام في هذا الجزء موجَّه لمؤمنين هو ما قاله عنهم الكتاب، فهم «نالوا إيمانًا» (ع١)، مدعوون بالمجد والفضيلة (ع٣)، شركاء الطبيعة الإلهية (ع٤)، إخوة (ع١٠).
والمؤمن الحقيقي لا يمكن أن يفقد إيمانه أو خلاصه أو أية عطية نالها بالنعمة من الله «لأَنَّ هِبَاتِ اللهِ وَدَعْوَتَهُ هِيَ بِلاَ نَدَامَةٍ» (رومية١١: ٢٩).
وهل بعد أن نال شخص هذه الأمور يُمكن أن يوصف بأنه «أعمى قصير البصر»؟!
نعم!
وما معنى ذلك؟
المقصود أنه فقد البصيرة الروحية، أصبح ما يشغله هو الأرضيات وليس الأمور السماوية أو الأبدية.
وما المقصود بـ«نسي تطهير خطاياه السالفة»؟
هذا يعني أنه غاب عن فكره عمل المسيح على الصليب الذي به تطهَّر من خطاياه ونال به الخلاص من سلطان الخطية فأصبح يتساهل مع خطايا كان قد تطهر منها.
ما الذي يجعله يصل لهذه الحالة؟
الإجابة: غياب “الاجتهاد”
نعم، غياب الاجتهاد في الحياة الروحية أمر خطير للغاية أما وجوده فهو بركة عظمى.
الاجتهاد نتيجته الثمر والثبات، وما أروع حياة يميزها هذين الأمرين! لذا لا يكتفي الكتاب بتحريضنا أن نجتهد بل أن نبذل كل اجتهاد (ع٥).
قد يكون الكسل هو الآفة التي تسربت لحياتك يا صديقي فجعلتك بعد وقت لا تعلم هل أنت مؤمن حقيقي أم لا، أم إنك ابن لله لكنك غير ثابت أو غير مثمر.
أيًا كان، في الحالتين التوبة هي الحل!
في مثل الوزنات (متى٢٥: ١٤–٣٠) هناك عبد كان نصيبه الظلمة الخارجية حيث البكاء وصرير الأسنان!
هل تعرف من هو؟
قال عنه السيد إنه «شرير... كسلان... بطَّال».
وماذا فعل لكي يهلك؟
لم يربح بوزنته، أي لم يفعل أمرًا صالحًا لمصلحة سيده، لم يكن فشله في استخدام وزنته سببًا لدينونته، بل افتقاره للأعمال الصالحة الذي أظهر افتقاره للإيمان المخلِّص (تفسير الكتاب المقدس ل وليم ماكدونالد).
هل الكسل خطير لهذه الدرجة؟! نعم.
عندما يُسأل البعض عن حياتهم الروحية تكون إجابتهم “أنا مؤمن بس عندي شوية كسل، من جهة الشركة مع الرب أو المؤمنين و...”.
صدقني أنا لا أريد أن اشكك في حقيقة كونك ابن لله، لكن إن كنت تعيش في الكسل وغير ثابت وغير مثمر لله، أنت تحتاج لمراجعة الأمر.
لا أتكلم هنا عن “زله”، فأعظم الأبطال مثل داود سقط في خطية عظيمة بسبب الكسل لكن الأمر كان استثنائي وتاب عنه واستعاد قوته الروحية.
أما الذي يعيش في سقوط مستمر ولا تبدو عليه علامات الحياة الإلهية ويقول إن هذا مجرد “كسل روحي” قد يكون خادعًا لنفسه.
حسنًا أن يكون لديك “اختبار” في علاقتك بالله لكن ماذا عنك “الآن”؟
لا تركن إلى الاختبار القديم بل اعترف بحالتك الحالية، قدِّم توبة صادقة عن كل خطية لتفرح بيقين الخلاص وتحيا ثابتًا ومثمرًا وتستطيع أن تقول بيقين «كنت أعمى والآن أبصر».