في أمثال٢٩: ٢٠ آية مهمة جدًا تقول «أَرَأَيْتَ إِنْسَانًا عَجُولاً فِي كَلاَمِهِ؟ الرَّجَاءُ بِالْجَاهِلِ أَكْثَرُ مِنَ الرَّجَاءِ بِهِ». ولا شك أن التعجُّل في الكلام أو إصدار الأحكام له مآخذ كثيرة. من أهم الشخصيات التي اشتهرت بالاندفاع في الكلام هو الأول في قائمة التلاميذ (سمعان بطرس)، وهاكم بعضًا من اندفاعاته.
١. «وَإِنْ شَكَّ فِيكَ الْجَمِيعُ فَأَنَا لاَ أَشُكُّ أَبَدًا» (متى٢٦: ٣٣)، ثم أنكر الرب في سقطته الشهيرة.
٢. في مشهد القبض على الرب يسوع قبل المحاكمة والصلب استل سيفًا وضرب العبد ملخس (لوقا٢٢ ويوحنا١٨).
٣. لكن من أكثر المشاهد التي اندفع فيها بطرس وعالجها الرب بكل حكمة الموقف الذي ورد في متى١٧: ٢٤-٢٧ والذي لنا فيه تعليم مفيد. (اقرأ القصة)
حجم المشكلة:
١. سوء التقدير: كان بطرس بإعلان إلهي قد شهد أن المسيح هو ابن الله (متى١٦). إذًا فقد علم من هو يسوع! ولم يكن مفروضًا أن يدفع الرب يسوع الدرهمين الذين يُجمعان من أجل الهيكل.
٢. التسرع في الرد من دون تفكير.
٣. قد يسبب تصرفه حرجًا بالغًا له وعثرة لجامعي الدرهمين (سوء فهم) إذا ما امتنع الرب عن دفع الدرهمين.
هل نحن مرارًا نسقط في مثل هذه النوعية من الأخطاء؟
ما هو تصرفنا تجاه أصدقاء لنا يقعون في نفس النوعية من التصرفات؟ هل نجرحهم؟ هل نحرجهم بردود أفعالنا؟ هل نسبب عثرة للآخرين عندما يجدوا منا سلوكًا لا يتفق مع كلمة الله؟
كيف عالج الرب هذه المشكلة؟
الرب دائمًا يعمل ما يعلم به:
١- قلب مترفق (أشفق على بطرس).
٢- دوافع نبيلة (لكيلا نعثرهم).
٣- طريقة حكيمة (حل مُرضي ويوافق كلمة الله).
في طريق الرب لحل المشكلة كان لزامًا أن يوضح الحق. وهذا تعليم مهم: الحلول المنطقية لا بد أن تتوافق وكلمة الرب فلا تكسر وصية كتابية في مقابل حل مشكلة!!
١- توضيح الأمر وتحديد المسؤولية
لكي يصلح الرب الأمر ويفهم بطرس ما كان ينبغي أن يفعل، سأل الرب بطرس برفق قبلما يتكلم «مَاذَا تَظُنُّ يَا سِمْعَانُ؟ مِمَّنْ يَأْخُذُ مُلُوكُ الأَرْضِ الْجِبَايَةَ أَوِ الْجِزْيَةَ، أَمِنْ بَنِيهِمْ أَمْ مِنَ الأَجَانِبِ؟»
هل نحن نترفق بإخوتنا عندما يضعفون أو يخطئون؟
ما هي الطريقة التي نتكلم بها مع المخطئ؟
أجاب بطرس المتسرع «مِنَ الأَجَانِبِ».
قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «فَإِذاً الْبَنُونَ أَحْرَارٌ». هنا وضع الرب النقاط فوق الحروف.
رد بطرس كان يدينه ولكن الرب لم يحرجه أو يجرحه.
عرف بطرس كم هو متسرع وكم أخطأ وكم تسبب في مشكلات بتصرفه غير الحكيم، مع من؟
أولًا: مع الرب الذي شهد له قبلاً أنه ابن الله والرب من السماء،
ثانيًا: مع محصلي هذه الضريبة.
٢- حل المشكلة:
الرب يحل المشكلة ثلاثية الأبعاد
١. حل مشكلة بطرس وعدم إحراجه.
٢. عدم جلب عثرة لجامعي الضريبة بأن يسوع لا يفي بحقوق الهيكل.
٣. لا بد من حفظ حق وكرامة المسيح كونه ابن الله.
سمو الرب وتفرده
الرب لا يقدر أن ينكر نفسه، وما دام في المشهد فالحل دائمًا موجود في قلب الرب العظيم.
لئلا نعثرهم
تحمل في طياتها: المحبة والترفق والرحمة والقدوة والتعليم المبارك. لا يخرج الصلاح الكامل إلا من قلب الرب حتى في مشهد تعثُّر المؤمن؛ فلم يكن الوقت وقت تأديب. يكفي أن بطرس بطريقه رقيقة جدًا قد عرف حجم خطئه.
هل نحن نتحذر من أن نعثر أحدنا الآخر؟
١. اذهب إلى البحر. السيد يأمر – لا مجال لأي إنسان أن يقود والرب حاضر فالقيادة دائما للرب رأسنا العظيم هل نعي ذلك أم إننا نحب أن تكون لنا الكلمة العليا في الكنيسة؟
٢. الق صنارة والسمكة التي تطلع أولاً خذها ومتى فتحت فاها تجد إستارًا فخذه واعطهم عني وعنك من هو هذا الذي يستطيع أن ينطق بهذه الكلمات؟ دون تحديد المكان الذي ينبغي أن يقف فيه بطرس على أي جانب من البحر هل سيأمر السمكة أن تبحث عن صنارة بطرس؟ وارد جدًا. أم أنه سيقود بطرس إلى المكان المحدد؟ هذا وارد أيضًا. إنه الرب صاحب السلطان الأعلى. هل نحن نؤمن بهذا ونثق به؟ ونطيعه!!
٣. اعطهم عني وعنك! لماذا لم يقل الرب أعطهم عنا؟
مع كل التقدير لشخص بطرس، لكن يبقى بطرس بطرس، ويسوع هو الرب من السماء؛ وكما قال يوحنا المعمدان «اَلَّذِي يَأْتِي مِنْ فَوْقُ هُوَ فَوْقَ الْجَمِيعِ، وَالَّذِي مِنَ الأَرْضِ هُوَ أَرْضِيٌّ، وَمِنَ الأَرْضِ يَتَكَلَّمُ. اَلَّذِي يَأْتِي مِنَ السَّمَاءِ هُوَ فَوْقَ الْجَمِيعِ» (يوحنا٣: ٣١)، فالرب لا يُجمع مع إنسان، كائنًا من كان. أما كون الرب ارتضى أن يصير إنسانًا فليس معنى هذا أن يُجمع مع باقي الناس!! ليتنا نعطي سيدنا الكرامة اللائقة به.
معلومة إضافية
قد يبرز هنا سؤال لماذا هذا الإستار بالذات؟ ولماذا هذه الطريقة؟ ألم يكن الرب قادرًا على إيجاد إستارًا بطريقة أخرى؟
قال أحد رجال الله ردًا على هذا السؤال: ثمة مشكلة أخرى كان يعاني منها الإستار؛ فالإستار عملة ومكان العملة هي في التداول، ووجودها في فم السمكة عطلها عن أن تؤدي عملها في البيع والشراء، لذا أراد الخالق الأمين أن يستردها من فم السمكة الممسكة بها في أعماق المياه. ويعقِّب رجل الله قائلاً: كثيرون منا يشبهون هذا الإستار المعطل الممسوك في فم سمكة (يد إبليس عدو الخير) وفي أعماق مياه العالم غرقى؛ فالسيد يبحث عن كل إستار معطَّل في فم سمكة، وعلى كل إنسان ممسوك بخطيته في قبضة إبليس الخبيث.
هل حررك يسوع من قبضة إبليس؟ أم لا زلت إستارًا معطلاً؟
صديقي بقليل من الكلمات هذا هو الرب يسوع في عظمته ورقته وحنانه وسلطانه وخلاصه.
هو يبحث عنك ويناديك مهما كانت أخطاءك أو خطاياك هو يريد خلاصك وسلامك.
هل تقبل دعوته الآن؟
«لأَنَّهُ يَقُولُ: “فِي وَقْتٍ مَقْبُول سَمِعْتُكَ، وَفِي يَوْمِ خَلاَصٍ أَعَنْتُكَ”. هُوَذَا الآنَ وَقْتٌ مَقْبُولٌ. هُوَذَا الآنَ يَوْمُ خَلاَصٍ» (٢كورنثوس٦: ٢).