لاقت القيادة السياسية لبلادنا انتقادات كثيرة، في الفترة التي اهتمت فيها بتسليح الجيش، وكانت حجة بعض المُشتكين داخليًا وخارجيًا، إن البلد ليست في حالة حرب حتى تخصّص ملايين الدولارات لتسليح الجيش بأحدث الأسلحة، والأحرى أن تنفق هذه الأموال الطائلة في تحسين الحالة الاقتصادية للبلاد.
ولكن في الفترة الأخيرة والضغوط التي واجهتها بلادنا - يحفظها الله - على الحدود الليبية وأيضًا أزمة المياه مع أثيوبيا، جعلت موقف مصر قوي بعض الشيء بما تمتلكه من أسلحة حديثة وجيش قادر على الدفاع عن أمن الوطن.
وما أود مشاركتك به عزيزي القارئ سؤال هام هل من يمتلك السلاح يمتلك القوة؟ لا أتكلم عن أسلحة الجيوش وعتادها، فهذا ليس موضوعنا، بل أتحدث روحيًا في علاقتنا بالله، هل نحن كمؤمنين في حرب؟ هل لنا أعداء؟ هل نحتاج أن نتسلح بكل قوتنا لمواجهة العدو؟
والإجابة على هذه الأسئلة موجودة في رسالة أفسس «
الْبَسُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تَثْبُتُوا ضِدَّ مَكَايِدِ إِبْلِيس، فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ عَلَى ظُلْمَةِ هذَا الدَّهْرِ، مَعَ أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ»
(أفسس
٦:
١١-
١٢). أعتقد أنك تتفق معي في الرأي بعدما قرأت كلام الرسول للمؤمنين أننا في حرب شديدة، ولكنها في المقام الأول ليست مع البشر. ولكي نقدر على الانتصار في تلك الحرب الروحية هل نحتاج إلى سلاح؟ وهل لكمة الله دور مؤثر في حياتنا وتحدياتنا؟ هذا ما سنراه معًا في الأسطر القادمة. كيف كان حال من أهمل الوصية وأيضًا من حفظها؟
الكتاب المقدس هو وسيلة للانتصار
تعرضت أُمنا جميعًا حواء للتجربة من الحية - التي هي رمز للشيطان أحد أعداء المؤمن - في تكوين
٣ أتى إليها، بخبث ومكر قائلاً: «أَحَقًّا قَالَ اللهُ لاَ تَأْكُلاَ مِنْ كُلِّ شَجَرِ الْجَنَّةِ؟» فكان ردها «مِنْ ثَمَرِ شَجَرِ الْجَنَّةِ نَأْكُلُ، وَأَمَّا ثَمَرُ الشَّجَرَةِ الَّتِي فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ فَقَالَ اللهُ: لاَ تَأْكُلاَ مِنْهُ وَلاَ تَمَسَّاهُ لِئَلاَّ تَمُوتَا»
(تكوين
٣:
١-
٣)، وبالرجوع لكلام الله مع آدم نعرف أن الله قال له: «مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلاً، وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ»
(تكوين
٢:
١٦–١٧)، فلم يقل الله: “لا تمسوا” ولكن قال: “لا تأكلوا” فقط، فعدم معرفة حواء بالوصية بطريقة صحيحة كان سبب في وقوعها في الفخ الذي نصبه لها العدو.
على العكس من حواء، هناك نموذج عندما تعرض للتجربة نجح بامتياز مع مرتبة الشرف. في إنجيل متى أصحاح
٤، أتى الشيطان ليجرب المسيح - له المجد - فبعد صيامه أربعين يوم قال له المُجرب: «إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَقُلْ أَنْ تَصِيرَ هذِهِ الْحِجَارَةُ خُبْزًا. فَأَجَابَ وَقَالَ: مَكْتُوبٌ لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخْرُجُ مِنْ فَمِ اللهِ، ثُمَّ أَخَذَهُ إِبْلِيسُ إِلَى الْمَدِينَةِ الْمُقَدَّسَةِ، وَأَوْقَفَهُ عَلَى جَنَاحِ الْهَيْكَلِ، وَقَالَ لَهُ: إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَاطْرَحْ نَفْسَكَ إِلَى أَسْفَلُ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: إَنَّهُ يُوصِي مَلاَئِكَتَهُ بِكَ، فَعَلَى أيَادِيهِمْ يَحْمِلُونَكَ لِكَيْ لاَ تَصْدِمَ بِحَجَرٍ رِجْلَك
قَالَ لَهُ يَسُوعُ: مَكْتُوبٌ أَيْضًا: لاَ تُجَرِّب الرَّبَّ إِلهَك ثُمَّ أَخَذَهُ أَيْضًا إِبْلِيسُ إِلَى جَبَل عَال جِدًّا، وَأَرَاهُ جَمِيعَ مَمَالِكِ الْعَالَمِ وَمَجْدَهَا وَقَالَ لَهُ: أُعْطِيكَ هذِهِ جَمِيعَهَا إِنْ خَرَرْتَ وَسَجَدْتَ لِي حِينَئِذٍ قَالَ لَهُ يَسُوعُ: اذْهَبْ يَا شَيْطَانُ! لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ لِلرَّبِّ إِلهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ»
(متى
٤:
٣–١٠).
فأمام كل تجارب العدو الثلاث للمسيح كان شامخًا ثابتًا، ورد على مكر العدو وسهامه الملتهبة مُستخدمًا كلام الله.
يستغل الشيطان عدم معرفتنا الصحيحة بكلمة الله لكي يجعلنا نخطئ أو يشوه صورة الله في أذهاننا، فافتح كتابك المقدس، واعرفه جيدًا، احفظ منه على قدر استطاعتك، لكي تنتصر في حربك ضد العدو فلا نصرة والكتاب مغلق يعلوه التراب. ولا تدع لص السوشيال ميديا يسرق وقتك وطاقتك.
الكتاب المقدس هو الوسيلة للتأثير والإثمار
الكتاب المقدس ليس فقط يُمكننا من الانتصار في حروبنا الروحية وتحدياتنا، لكن أيضًا إذا التصقنا به وقربنا منه يجعل لحياتنا ثمرًا وتأثيرًا وهذا واضح في مزمور
١ «طوبَى لِلرَّجُلِ الَّذِي لَمْ يَسْلُكْ فِي مَشُورَةِ الأَشْرَارِ، وَفِي طَرِيقِ الْخُطَاةِ لَمْ يَقِفْ، وَفِي مَجْلِسِ الْمُسْتَهْزِئِينَ لَمْ يَجْلِسْ لكِنْ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ مَسَرَّتُهُ، وَفِي نَامُوسِهِ يَلْهَجُ نَهَارًا وَلَيْلاً فَيَكُونُ كَشَجَرَةٍ مَغْرُوسَةٍ عِنْدَ مَجَارِي الْمِيَاهِ، الَّتِي تُعْطِي ثَمَرَهَا فِي أَوَانِهِ، وَوَرَقُهَا لاَ يَذْبُلُ. وَكُلُّ مَا يَصْنَعُهُ يَنْجَحُ»
(مزمور
١:
١-
٣). يطوِّب كاتب المزمور الشخص الذي يبتعد عن الأشرار ولا يخالطهم لكن يقترب من كلمة الله يجد فيها سروره وبهجته، وفيها يتأمل نهارًا وليلاً يدرسها ويحفظها ويعيشها، فيكون مثل الشجرة التي على حافة النهر تجري تحتها المياه باستمرار فيكون ورقها دائمًا أخضر وتعطي ثمرها في حينه.
عزيزي الشاب إن أردت أن تكون ناجحًا في حياتك ولك تأثير إيجابي فيمن حولك، وتكون نافعًا لكل من حولك؛ فالطريق إلى ذلك هو:
١- اقرأ كتابك المقدس كل يوم بانتظام.
٢- اطلب من الله أن يجعلك تفهم ما تقرأه، واسأل عندما تجد أجزاء صعبة الفهم.
٣- احفظ من كلمة الله بقدر استطاعتك كل ما ستحفظه سيكون بركة لحياتك وللآخرين.
٤- لا تكتفي بالقراءة والفهم لكن دع ذلك يُترجم لحياة تعيشها كل يوم.
٥- شارك ما تقرأه مع أصدقائك ليستفيدوا وتبنوا بعضكم بعضًا.
إن واظبت على تلك الأمور كل يوم، ستنمو في معرفة الله وكلمته وتكون سبب بركة للآخرين. ليتنا نفعل ذلك كلنا.