كام حد فينا حس بضيق مش مُبرر بعد ما قعد شوية على فيسبوك أو إنستجرام؟
كام حد بقى بيستخدم السوشيال ميديا للهروب من الواقع - أماكن حلوة وناس حلوة وممتلكات تجنن - بدل ما يستخدمها في حاجات هو محتاجها فعلاً زي التعلُّم مثلاً؟
كام حد فينا الإعلانات وكلام البلوجرز والانفلوينسرز أثر عليه في اتخاذ قراراته زي يشتري إيه؟ وحياته ناقصة إيه، ويكون عنده إيه؟
إحنا آه مجرد بنمسك تليفون ونقلب فيه بصوابعنا لكن اللي بنشوفه بيعمل عمايل جوانا، من غير ما نحس. وعلشان كده أنا جاية أفكر نفسي وأفكركم بشوية حاجات لازم تبقى فشنطة سفرنا – دماغاتنا - قبل ما نسافر للعالم الافتراضي الجذاب ده.
انت بتساوي عدد اللايكات، نوعية الكومنتات، كمية الشير:
انت مش هايف لو فكرت بالطريقة دي على فكرة، دكتور نفساني قال قبل كده إن الفيسبوك والإنستجرام مادة إدمانية، لأنها مُصممة بشكل بيسحب الواحد لا إراديًا للمزيد من “حبوني قدروني عبروني”.
لكن مش دي الطريقة اللي بعرف منها أنا قيمتي قد إيه!
من كتر ما بنتعرض لده، أوقات كتير بنربط لا إراديًا قيمتنا بصورتنا، أو كلامنا، جابت كام لايك وشير.
كل ما تتلخبط وتحس إنك قليل.. مش الأجمل.. مش الأكثر شهرة.. محدش شايفك، فكَّر نفسك إن وجودك على السوشيال ميديا مش هو اللي بيحدِّد قيمتك، لكن قيمتك الحقيقة في التمن الغالي اللي إتدفع لأجلك؛ علشان تعرف قد إيه انت محبوب وغالي ومتكرم من خالق الكون كله. «لأَنَّكُمْ قَدِ اشْتُرِيتُمْ بِثَمَنٍ. فَمَجِّدُوا اللهَ فِي أَجْسَادِكُمْ وَفِي أَرْوَاحِكُمُ الَّتِي هِيِ للهِ» (١كورنثوس٦: ٢٠).
أنت مش عايش، فايتك نص عمرك!
السوشيال ميديا دخلتنا بيوت بعض، لدرجة إننا بنشوف اللي حوالينا بياكلوا إيه؟ بيتفرجوا على إيه؟ بيتفسحوا فين؟ بيشتروا إيه؟ الخ. كل ده بيحسسني إنى اللي معايا ده قليل قوي بالمقارنة مع غيري! الرضا عن اللي معايا حتى لو كتير بقي قليل! وبحس إنى مهما امتلكت، لسه فيه الأحسن والأجمل والأحدث، ودنيا مش بتخلص! سليمان حسم الأمر لما قال «الْعَيْنُ لاَ تَشْبَعُ مِنَ النَّظَرِ، وَالأُذُنُ لاَ تَمْتَلِئُ مِنَ السَّمْعِ» (جامعة١: ٨).
مفيش شبع هيحصل مهما الواحد امتلك!
والكتاب بيحذرنا من الخطية دي لما قال: «لأَنَّ كُلَّ مَا فِي الْعَالَمِ: شَهْوَةَ الْجَسَدِ، وَشَهْوَةَ الْعُيُونِ، وَتَعَظُّمَ الْمَعِيشَةِ، لَيْسَ مِنَ الآبِ بَلْ مِنَ الْعَالَمِ» (١يوحنا٢: ١٦)، اللي بتشوفه عنينا مش كل الحقيقة. على الرغم من إننا عارفين الحقيقة دي إلا إننا بننساها!
كل اللي نشوفه من ضحك وعلاقات وممتلكات، سفر وأجسام رشيقة وحاجات كلها مبهرة، كواليسه مختلفة تمامًا عن اللي ظاهر لينا! قصص الانتحار مثلاً لناس كان أبعد ما يكون عن خيالنا إنهم يكونوا يائسين أوي كده من الحياة! أخبار مشاهير التلفزيون الواقعين في إدمانات مختلفة، والإدمان بيبقى سببه الرئيسي مداواة الذات من وجع هو مش قادر عليه!
فكَّر نفسك إن كل صورة بتشوفها وراها قصص مؤلمة أنت متعرفهاش، من مرض أو أزمة... الخ. فكَّر نفسك كمان إن الصور ملعوب فيها بشكل كبير! المُضحك المُبكي في الموضوع ده، إنه على الرغم من إننا عارفين كده لكن بننسى وبنطالب نفسنا نبقى زي اللي مش حقيقي، ولو مكناهوش نبقى وحشين!
خليك فاكر أنك لو مصححتش رؤيتك للي بتشوفه هتتعب لأن «سِراجُ الجَسَدِ هو العَين. فإِن كانَت عَينُكَ سَليمة، كانَ جَسدُكَ كُلُّه نَيِّرًا. وإِن كانت عَينُكَ مَريضة، كانَ جَسدُكَ كُلُّه مُظلِمًا. فإِذا كانَ النُّورُ الَّذي فيكَ ظَلامًا، فَيا لَه مِن ظَلام!» (متى٦: ٢٢–٢٣).
ظلام المقارنات اللي مش حقيقية.. ظلام صغر النفس الدايم.. ظلام الاكتئاب وعدم الشبع، وغيره من الأفكار الكدابة اللي بتستنفذ طاقتنا وبتخلي إبليس يشمت فينا!
لكن لو عاوز تتعلم إزاي تشوف الأمور صح فالكتاب بيقول: «وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ مِنْكُمْ بِحَاجَةٍ إِلَى الْحِكْمَةِ، فَلْيَطْلُبْ مِنَ اللهِ الَّذِي يُعْطِي الْجَمِيعَ بِسَخَاءٍ وَلا يُعَيِّرُ. فَسَيُعْطَى لَهُ» (يعقوب١: ٥).
احذر السم في العسل:
السوشيال ميديا عسل محدش يقدر ينكر ده!
ولأنها عسل، محتاج آخد لبالي إن الوقت اللي بقضيه عليها ده مدفوع الأجر من عمري! ساعة ورا ساعة من وقت مش هيرجع تاني ويا عالِم الوقت ده اترمى فيه إيه جوايا؟!
الموجود على السوشيال ميديا كتييير، لكن فيه منه مسموم ومحتاج مخ بيفلتر اللي داخل، بيمتحن اللي بيتقال ده حق ولا زيف؟!
مانبهرش بالحلاوة اللي فطعمه «لأَنَّ شَفَتَيِ الْمَرْأَةِ الأَجْنَبِيَّةِ تَقْطُرَانِ عَسَلاً، وَحَنَكُهَا أَنْعَمُ مِنَ الزَّيْتِ،
لكِنَّ عَاقِبَتَهَا مُرَّةٌ كَالأَفْسَنْتِينِ، حَادَّةٌ كَسَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ. قَدَمَاهَا تَنْحَدِرَانِ إِلَى الْمَوْتِ. خَطَوَاتُهَا تَتَمَسَّكُ بِالْهَاوِيَةِ» (أمثال٥: ٣-٥). «اُصْحُوا وَاسْهَرُوا. لأَنَّ إِبْلِيسَ خَصْمَكُمْ كَأَسَدٍ زَائِرٍ، يَجُولُ مُلْتَمِسًا مَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ» (١بطرس٥: ٨).
صلاتي في الآخر إن الله يحفظنا وسط عالم بيزيد شره يوم عن التاني ويدينا الحكمة منتخدعش بأوهامه لكن نكون ملح ونور.
حضرت شنطتك ولا لسه؟