«مَنْ يُدَحْرِجُ لَنَا الْحَجَرَ عَنْ بَابِ الْقَبْرِ؟» مشكلة ضخمة وحزن كثير، عقِب ليل طويل ويأس ثقيل أثقل من الحجر الذي كان يزن ما يزيد عن الطن. لقد سَدَّ الحجر فوهة القبر وحرمهم وفَصَلّهُم عن يسوع حبيب القلب. أمام نسوة ضعيفات بلا رجال وبلا إمكانيات، لا يملكن سوى قلوب عذراء مُحبة، يحلمن برؤية الحبيب والخليل، لكن أمامهن حجر ضخم والسؤال: من يدحرجه لهن؟
إن مشكلة المريمات بالأمس هي مشكلتنا نحن اليوم، فما أكثر الأحجار التي تُعيق تقدُّمنا وتقف بيننا وبين مَنْ نُحب، أحجار وحوائط تقضّ مضاجعنا وتُعكّر صفو حياتنا، فعندما تجثم المشاكل على صدورنا، تتحوّل الصدور إلى قبور، وفي حيرة نصرخ ونترجى ونطلب: «مَنْ يُدَحْرِجُ لَنَا الْحَجَرَ».
١- من يدحرج لنا حجر الخطايا والآثام؟
تَشِلّ الخطية إرادة الإنسان وتحرمه من متعة ولذة الحياة. فعندما قتل قايين أخاه هابيل صرخ قائلاً: «ذَنْبِي أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُحْتَمَلَ» (تكوين ٤: ١٣). هكذا كاتب المزمور كان يئن تحت ثقل خطيته وصرخ: «دَحْرِجْ عَنِّي الْعَارَ وَالإِهَانَةَ» (مزمور٢٢:١١٩). وكان داود يُبلّل سريره بدموعه قائلًا: «تَحَوَّلَتْ رُطُوبَتِي إِلَى يُبُوسَةِ الْقَيْظِ» (مزمور ٣٢: ٤). ومن ذا الذي يقدر أن يدحرج عنا خطايانا وعارها سوى المسيح؛ لأن: «دَمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ» (١يوحنا ٧:١)، أيضًا «الَّذِي أَحَبَّنَا، وَقَدْ غَسَّلَنَا مِنْ خَطَايَانَا بِدَمِهِ» (رؤيا ٥:١).
قد محا فوق الصليب
| دم ربي إثمي
|
وعن القلب الكئيب
| زال كل الهم
|
في الصليب في الصليب
| راحتي، بل فخري
|
في حياتي وكذا
| لأبد الدهر
|
«طُوبَى لِلَّذِي غُفِرَ إِثْمُهُ وَسُتِرَتْ خَطِيَّتُهُ. طُوبَى لِرَجُل لاَ يَحْسِبُ لَهُ الرَّبُّ خَطِيَّةً، وَلاَ فِي رُوحِهِ غِشٌّ» (مزمور ١:٣٢). «الَّذِي فِيهِ لَنَا الْفِدَاءُ بِدَمِهِ، غُفْرَانُ الْخَطَايَا، حَسَبَ غِنَى نِعْمَتِهِ» (أفسس ٧:١). وَقَالَ الرَّبُّ لِيَشُوعَ: «الْيَوْمَ قَدْ دَحْرَجْتُ عَنْكُمْ عَارَ مِصْرَ». فَدُعِيَ اسْمُ ذلِكَ الْمَكَانِ“الْجِلْجَالَ” إِلَى هذَا الْيَوْمِ
» (يشوع ٩:٥) وما زال الرب
يزيح الجبال ينادي تعال بصــوت يهز الضمير
يشيع السلام ينير الظلام فيبصر حتى الضرير
٢- من يدحرج لنا حجر الأحزان والآلام؟
بعد صلب المسيح ظل التلاميذ في حزن عميق، وكانت مريم المجدلية تبكي عند القبر ورجع تلميذا عمواس عابسين. لقد طغت الأحزان والآلام على التلاميذ كلهم.
وفي هذه الأيام كم من الدموع نذرفها، تقريبًا كل يوم، ونحن نودع أحباء وخِلان أعزاء لنا، وبعد دفنهم نرجع بقلوب منكسرة وحزينة. لكن بقيامة المسيح يتأكد لنا أن هؤلاء الذين ودعناهم سيقومون ولهم رجاء. فالقبر ليس مقرًا، بل ممرًّا نعبر فيه من هذه الحياة الفانية إلى الحياة الباقية، من المؤقت إلى الدائم، ومن المتزعزع إلى الثابت، ومن عالم شرير غير مريح إلى السماء حيث شخص المسيح.
ما أجمل ما قال المسيح: «أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ» (يوحنا ١١: ٢٥)، «إِنِّي أَنَا حَيٌّ فَأَنْتُمْ سَتَحْيَوْنَ» (يوحنا ١٤: ١٩)، لذا نقول مع الرسول: «أَيْنَ شَوْكَتُكَ يَا مَوْتُ؟ أَيْنَ غَلَبَتُكِ يَا هَاوِيَةُ؟» (١كورنثوس ١٥: ٥٥). فحقيقة القيامة تملأ القلب عزاءً ورجاءً. لقد ظهر المسيح للتلاميذ في العلية، والأبواب مُغلَّقة بسبب الخوف من اليهود، ووقف في الوسط، وقال لهم: «سَلاَمٌ لَكُمْ» (لوقا ٢٤: ٣٦)، فلا مجال للخوف والاضطراب والقلق، لأن المسيح قد قام وبدّد الخوف والأحزان.
فالإنسان في كل مكان وزمان يعاني من مخاوف ثلاثة هي:
١. الماضي بشروره ومفشّلاته.
٢. الحاضر بهمومه وتقلباته.
٣. المستقبل بغموضه ومفاجآته.
لكن شكرًا للرب المُقام من الأموات الذي ستر وغفر كل الماضي فهو «أُسْلِمَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا وَأُقِيمَ لأَجْلِ تَبْرِيرِنَا» (رومية ٤: ٢٥).
وفي الحاضر هو معنا: «وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ» (متى ٢٨: ٢٠)، «رَبُّ الْجُنُودِ مَعَنَا. مَلْجَأُنَا إِلهُ يَعْقُوب»، ولنا: «اَللهُ لَنَا مَلْجَأٌ وَقُوَّةٌ. عَوْنًا فِي الضِّيْقَاتِ وُجِدَ شَدِيدًا»، وفينا: «اللهُ فِي وَسَطِهَا فَلَنْ تَتَزَعْزَعَ. يُعِينُهَا اللهُ عِنْدَ إِقْبَالِ الصُّبْحِ» (مزمور٤٦: ٧، ١، ٥).
والمستقبل مضمون فيه فهو الذي وعد: «لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ. أَنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ فَآمِنُوا بِي.. أَنَا أَمْضِي لأُعِدَّ لَكُمْ مَكَانًا، إِنْ مَضَيْتُ وَأَعْدَدْتُ لَكُمْ مَكَانًا آتِي أَيْضًا وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ» (يوحنا ١٤: ١، ٣).
٣ – من يدحرج لنا حجر الحيرة وقلة الإيمان؟
لقد عاش توما أسوأ أسبوع في حياته يئن تحت حجر الشك والحيرة وعدم الإيمان. ربما تساءل في نفسه: هل يُعقل أن المسيح قام؟ ثم قال: «إِنْ لَمْ أُبْصِرْ فِي يَدَيْهِ أَثَرَ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ إِصْبِعِي فِي أَثَرِ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ يَدِي فِي جَنْبِهِ، لاَ أُومِنْ» (يوحنا ٢٠: ٢٥).
إن إنكار بطرس وشك توما وهروب التلاميذ، كل هذه الأحداث تقول لنا: لا تيأسوا يوجد رجاء.
لأنه عندما تزداد الضغوط على أي منا قد ينكر أو يشك، فنقول له: يوجد رجاء بالتوبة والرجوع إلى الرب. إننا ضُعفاء جدًا والرب: «يَعْرِفُ جِبْلَتَنَا. يَذْكُرُ أَنَّنَا تُرَابٌ نَحْنُ» (مزمور ١٠٣: ١٤). لقد ظن الشيطان أن المسيح قد انهزم وهو الذي انتصر، ولكن في أول الأسبوع أشرقت شمس القيامة، ورن الصوت مدويًا: «لِمَاذَا تَطْلُبْنَ الْحَيَّ بَيْنَ الأَمْوَاتِ؟ لَيْسَ هُوَ ههُنَا، لكِنَّهُ قَامَ!» (لوقا ٢٤: ٥-٦).
وسؤالي لصديقي هو:
هل قبلت المسيح المُقام مخلصًا وربًا على حياتك؟ وهل تصالحت مع الله؟ وهل حصلت على الغفران؟
إن الرب يسوع المسيح ما زال فاتحًا يدَيه ينادي: «تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ (بالذنوب والخطايا)، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ» (متى ٢٨:١١). ليتك تأتي.
صفوت تادرس