ولد صمويل كولت عام
١٨١٤، في هارتفورد كونيتيكت بالولايات المتحدة الأمريكية، تربى في بيت والده رجل الأعمال الأمريكي كريتستوفر كولت والذي زرع في صمويل حب التجارة والمغامرة.
كان صمويل محبًا جدًا للقراءة والعمل منذ صغره فقد قرأ في العديد من الموسوعات والمجالات بالإضافة إلى تكوين خبرات عدة بالعمل في وظائف متعددة وهو لم يتعدَّ عامه الـ
١٥.
في سن الـ
٢١ - سافر إلى المملكة المتحدة مُتبعًا خُطى إليشا كولير من بوسطن التي حازت على براءة اختراع مسدس فلينتلوك من المملكة المتحدة، محاولًا الحصول على براءة اختراع من هناك لحلمه الأكبر: المسدس اليدوي. وهناك واجه الكثير من المقاومة من المسؤولين الإنجليز لاختراعه حتى تم منحه أخيرًا براءة اختراع لتصنيع المسدس في إنجلترا تحت رقم
٦٩٠٩.
وبمجرد عودته إلى أمريكا قَدَّم طلبًا للحصول على براءة اختراع أمريكية للمسدس الدوار، وبالفعل تم منحها له في
٢٥ فبراير
١٨٣٦. انهالت العروض على صمويل لتمويل اختراعه، والذي نال قبولاً واسعًا لدى الكثيرين من رجال الأعمال، إذ أن اختراعه يمنحهم إمكانية الدفاع عن أنفسهم بمجرد حمل مسدس صغير سواء في حقائبهم أو ملابسهم. ازدادت مبيعات مسدس كولت بشكل ملحوظ حتى تمكن من تأسيس شركته الشخصية ”شركة كولت لصناعة الأسلحة“، وقد جعل بذلك إنتاج المسدسات ذا جدوى تجارية. براءة اختراع مسدس كولت من الولايات المتحدة جعلته مُحتكِرًا لصناعة المسدس هناك، وأصبح صاحب أول مسدس عملي وأول سلاح ناري يطلق النار بشكل متكرر، كما أنه ساهم في تطوير تكنولوجيا الحرب.
مات صمويل كولت بسبب مرض النقرس بولاية هارتفورد في عام
١٨٦٢ عن عمر يناهز الـ
٤٧، تاركًا ثروة مادية كبيرة جدًا لأسرته ومقولته الشهيرة للعالم أجمع ”الآن يتساوى القوي والجبان“؛ إذ اخترع المسدس اليدوي متصورًا أنه سيساعد أي شخص يريد الدفاع عن نفسه سواء كان شجاعًا أم جبانًا!
قد تكون دوافع ”كولت“ لاختراع المسدس في محلها من وجه نظره، لكن للأسف تم استخدام المسدس بشكل مُفرِطٍ مما أدى إلى تدمير حياة الكثيرين، فبمجرد إطلاق رصاصة صغيرة لا تتعدى سنتيمترات، قادرة على إنهاء حياة أو إحداث إصابات بالغة. دعني أشارك معك قارئي العزيز ببعض الأفكار التي تعلمتها من قصة صمويل كولت:
الجهاد في الحرب الروحية
تم استخدام المسدس بشكل واسع جدًا في دفاع الإنسان عن نفسه سواء في الحروب المُنَظَمة أو العشوائية، وتكمُن ميزة المسدس في كفايته في حد ذاته لإصابة الهدف إذا تَمَ تصويبه واستخدامه بصورة دقيقة قد تكون غير مرئية للكثيرين لكن النتائج واضحة للجميع. تمامًا مثل الحرب الروحية، قد تكون شرسة جدًا من حولنا ووسائل الدفاع المُتاحة قد تكون غير مرئية للكثيرين، لكن حتمًا نتائجها فعالة ومؤثرة في الحرب الروحية لكل ابن من أبناء الله.
دعني أشاركك بأدوات دفاعنا في حربنا الروحية - سواء ضد الخطية الداخلية فينا
(رومية
٦) أو ضد مكايد وسهام إبليس الملتهبة
(أفسس
٦). «أَخِيرًا يَا إِخْوَتِي تَقَوُّوْا فِي الرَّبِّ وَفِي شِدَّةِ قُوَّتِهِ الْبَسُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تَثْبُتُوا ضِدَّ مَكَايِدِ إِبْلِيسَ فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ عَلَى ظُلْمَةِ هذَا الدَّهْرِ، مَعَ أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ. مِنْ أَجْلِ ذلِكَ احْمِلُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تُقَاوِمُوا فِي الْيَوْمِ الشِّرِّيرِ، وَبَعْدَ أَنْ تُتَمِّمُوا كُلَّ شَيْءٍ أَنْ تَثْبُتُوا. فَاثْبُتُوا منطقين أَحْقَاءَكُمْ بِالْحَقِّ، وَلاَبِسِينَ دِرْعَ الْبِرِّ، وَحَاذِينَ أَرْجُلَكُمْ بِاسْتِعْدَادِ إِنْجِيلِ السَّلاَمِ. حَامِلِينَ فَوْقَ الْكُلِّ تُرْسَ الإِيمَانِ، الَّذِي بِهِ تَقْدِرُونَ أَنْ تُطْفِئُوا جَمِيعَ سِهَامِ الشِّرِّيرِ الْمُلْتَهِبَةِ. وَخُذُوا خُوذَةَ الْخَلاَصِ، وَسَيْفَ الرُّوحِ الَّذِي هُوَ كَلِمَةُ اللهِ. مُصَلِّينَ بِكُلِّ صَلاَةٍ وَطِلْبَةٍ كُلَّ وَقْتٍ فِي الرُّوحِ، وَسَاهِرِينَ لِهذَا بِعَيْنِهِ بِكُلِّ مُواظَبَةٍ وَطِلْبَةٍ، لأَجْلِ جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ»
(أفسس
١٠:
١٧).
يعطينا الرب يسوع النموذج الحقيقي لكيفية مواجهة إبليس بل والانتصار عليه في التجربة على الجبل
(متى
٤)؛ «قاوموا لإبليس فيهرب منكم». ولكي نحقق النصرة الروحية علينا الاعتماد على قوة الله وليس قوتنا. نلبس سلاح الله الكامل. نتكل على قوة كلمة الله، فكلمة الله هي سيف الروح. نصلي بمُثابرة وقداسة مقدمين طلباتنا إلى الله. نقف ثابتين
(أفسس
٦:
١٣-
١٤)، ونخضع لله، ونقاوم أعمال إبليس
(يعقوب
٤:
٧).
معنى القوة الحقيقية
مع انتشار استخدام المسدس وسهولة ترخيص حمله في بعض البلاد، شعر الكثيرين بقوتهم المزيفة بالرغم من ضعفهم وجبنهم، لكنهم في نظر أنفسهم ومن حولهم هم أقوياء وقادرون على الدفاع عن أنفسهم. لكن دعونا نوجه نظرنا إلى مصدر القوة الحقيقية «اَللهُ لَنَا مَلْجَأٌ وَقُوَّةٌ. عَوْنًا فِي الضِّيْقَاتِ وُجِدَ شَدِيدًا»
(مزمور
٤٦:
١). فما أحلى الاتكال على قوة الله وشخصه فهو القادر على كل شيء. كما أن كلمة الله قوية في مفعولها وتأثيرها «لأَنِّي لَسْتُ أَسْتَحِي بِإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ، لأَنَّهُ قُوَّةُ اللهِ لِلْخَلاَصِ لِكُلِّ مَنْ يُؤْمِنُ»
(رومية
١:
١٦)، وقال الرب عن تأثيرها: «هكَذَا كَلِمَتِي كَنَارٍ... وَكَمِطْرَقَةٍ تُحَطِّمُ الصَّخْرَ؟»
(إرميا
٢٣:
٢٩).
لذا ليتنا يا أحبائي نواجه أنفسنا عن ماهية مصدر قوتنا وعلى مَنْ نعتمد في جوانب حياتنا المختلفة؟
رصاصة حرفية أم معنوية
تكمن خطورة المسدس في حجم تأثير رصاصة صغيرة تخرج منه، تلك الرصاصة والتي قد لا تتعدى سنتيمترات قليلة قد تكون كافية تمامًا للقضاء على الخصم وبالتالي تعكس قوة حامل المسدس!
اسمح لي أخي القارئ ألفت نظرك لبعض الرصاصات المعنوية - وليست المادية - التي تخرج في صورة تصرفات قد تخرج مننا ويكون لها قوة تأثير الرصاص في مفعولها، مُصَليًا أن يحفظنا الرب من أن نكون سبب عثرة لأي شخص.
*رصاص الكلمات: سواء الكلام السلبي المُحبِط والهدام للآخرين من حولنا كما كانت فننة تغيظ حنة بالكلام لأن الرب أغلق رحمها
(١صموئيل
١:
٦).
*رصاص النظرات: نظرات التعالي، الكبرياء، الازدراء... فقد تكون نظرة مُتعالية سببًا في القضاء على نفسية أحدهم.
* رصاص الأعمال والمكائد: قد نصل في ضعفنا وجهلنا للتخطيط لأعمال خفية قد تكون سببًا في قلب حياة من نتعامل معهم رأسًا على عقب، هل تذكر تخطيطات هامان لتكدير حياة مردخاي بل وإنهائها إذ كان يخطط لإبادته هو وكل شعبه؟!